بقلم: إسحق إبراهيم
أكد استطلاع الحزب الوطني حول آراء المواطنين عن أولويات القضايا السياسية والاقتصادية أن المصريين اعتبروا الفساد أهم قضية سياسية شغلتهم خلال الفترة الأخيرة بنسبة ٢١٪ تلتها «الإرهاب» بـ ١٥٪، ثم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ٩٪، والديمقراطية والإصلاح السياسي ٧٪، وتعديل الدستور ٥٪ وقضايا أخرى ٥٪، بينما كان ٣٨% من العينة «لا رأي لهم".
تعكس نتائج هذا الاستطلاع صورة للواقع المصري الحالي، فالفساد تفشى ووصل للركب كما صرح السيد زكريا عزمي رئيس ديون رئيس الجمهورية، وبالرغم من اعتراف الحكومة والمجتمع بخطورة الفساد الذي يعوق التنمية ويقف حجر عثرة أمام تمتع المواطنين بحقوقهم إلا أن مظاهر الفساد مازالت في تزايد، فالسياسات الحكومية غير كافية لمكافحة الفساد خاصة أن القانون المصري يضع كل صور الرشوة الكبيرة منها والصغيرة والتافهة على قدم المساواة ومن هنا يجب تحديث هذا النظام العقابي كما في معظم تشريعات العالم بحيث لا تكون هناك تسعيرة عقابية واحدة.
وكذلك تحفيز الناس بالإبلاغ عن جرائم الفساد من خلال برامج لحماية الشهود وحماية الخبراء باعتبار أن هؤلاء هم الفئة الأكثر ضعفًا. هذا إلى جانب بناء ثقافة مجتمعية جديدة تجرم سلوكيات الفساد أو مخالفة القانون مثل اعتبار تقاضي الرشوة جريمة مخلة بالشرف وهو ما يعتبر رادعًا معنويًا للحد من ممارسات الفساد.
وبالمثل تأتي قضية الإرهاب في الترتيب الثاني، وتظهر التنظيمات الإرهابية التي كشفت عنها الحكومة عن وجود عناصر تريد جرجرة مصر مرة أخرى إلى دائرة الإرهاب، وأن هذه التنظيمات لها علاقة مع بعض الدول العربية المجاورة وهو ما يفرض على الحكومة أن " تصحصح" وأن تضع حزمة من الإجراءات التي لا تحد من فعل الإرهاب فقط بل من الفكر المتطرف عن طريق تشجيع الاستنارة وحرية الفكر.
أما العلاقة بين المسلمين والمسيحيين –من وجهة نظري– تأتي في أول القائمة لا سيما في ظل التوترات الأخيرة، فلا يكاد يمر يومًا دون اعتداءات على الأقباط وممتلكاتهم سواء بسبب بناء كنيسة أو مشاجرة عادية تتحول إلى حشد من المسلمين يقومون بالتعدي على جيرانهم.
هذه القضية حلولها معروفة للقاصي والداني لكن هناك جهات حكومية نافذة تفسد الجهود المبذول لتحقيق المواطنة وترى أن من مصلحتها بقاء العلاقة بين المسلمين والمسيحيين متوترة دائمًا، ومن أبرزها الجهاز الأمني الذي لا يريد أن يتخلى عن ملف الأقباط إلى جهات سياسية، ويعطل أي تقدم يحدث في هذا الصدد. هذه الجهات في كثير من الأحيان تقوم بافتعال مشاكل لاستخدامها في توصيل رسائل إلى صانع القرار أو لإلهاء الرأي العام عن قرارات وسيناريوهات يجرى الإعداد لها.