مدحت بشاي
أتفهم وأقدر كل ما جاء في بيان كنيستنا الأرثوذكسية العتيدة حول رفضها وغضبها دفاعًا عن أحد كبار أساقفتها الأنبا رافائيل ، و لها أن تذكر في بيانها بمناسبة تصميم غلاف روزاليوسف'> مجلة روزاليوسف في عددها الأخير " لا يعتبر هذا تحت مجال حرية التعبير، بل هو إساءة بالغة وتجاوز يجب أن لا يمر، دون حساب من الجهة المسؤولة عن هذه المجلة ، كما أن مثل هذه الأفعال غير المسؤولة ستجرح السلام المجتمعي في وقت نحتاج فيه للتعاون والتكاتف في ظل الظروف الراهنة".
وأتفهم إعلان استنكار الكنيسة الشديد والعاجل ، لما وصفته بتطاول من إحدى المجلات القومية المملوكة للدولة، على الكنيسة الوطنية في شخص أحد أساقفتها ووضع صورته على غلافها أسوة بصورة أحد خائني الوطن....
نعم ، فبعد أن عاش المواطن المصري العام الأسود لحكم الإخوان ، أرى أن وضع اسم أي مواطن مصري في جملة مفيدة مع إي من رموزهم هي بمثابة جريمة ، فما بالنا من يجمع رجل دين مجبوب من رعيته بزعيمهم والمنتظر تنفيذ أحكام مرتديًا البدلة الحمراء !!
ولكن ، ما لا أتفهمه حقيقة أن أحدًا من القيادات الروحية لم يسأل عن الدوافع التي أنشأت تلك الحالة الملتبسة والحائرة في المجتمع المسيحي التي دعت مجلتنا ذات الشأن المحترم لإعداد تحقيق حول قضية كانت تنتظر الحسم ولم يحدث بعد !!
منذ الإعلان عن وصول جائحة " كورونا " أرض الوطن وغزو الفيروس الغادر المميت أجساد الناس .. وهناك الكثير من علامات الاستفهام التى باتت تتردد وتتناقلها كل وسائط الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي حول المواقف المتباينة للقيادات الكنسية .. أيام وشهور وكل ما قيل أن قداسة البابا أبدى تفهمًا لأبعاد كارثة الجائحة ،وكان القرار الحكيم بتعليق الصلاة في الكنائس وإعلانه حول آلية التناول لتفادي أضرار انتقال العدوى فذكر قداسته "لم نفكر في هذا ولم نناقشه في اجتماعات اللجنة الدائمة للمجمع المقدس، ولكنه أمر وارد.. وإن كان التناول بالماستير لم يتسبب في أي إصابة بمرض على امتداد تاريخ الكنيسة، ونحن في الظروف المرضية يناول الكاهن المريض بدون استخدام الماستير، وفي ظل الظروف المرضية التي نعيشها هذه الأيام يمكن أن يطرح هذا للمناقشة، فمسيحيتنا ليست جامدة، وطقوسنا لا تستمد من أفكار بل مما تسلمناه من الآباء، ومن ارشاد الروح القدس العامل فينا، وليس ثمة ما يمنع من استخدام نتاجات العقل والتطور والتقدم في تسيير أمور كنيستنا دون المساس بعقائدنا وأساس إيماننا المستقيم". ..
وهو ما أعلن رفضه بعض القيادات الكنسية أعضاء بالمجمع المقدس علنًا ، ولم يعلن عن موعد لعقد اجتماع المجمع المقدس لتهدئة الشارع ، أما المكتب الإعلامي الذي أصدر بيان الكنيسة المعترض في دقائق لم يوضح بالشكل الكافي طيلة زمن الأزمة في الفترة الأخيرة أبعاد تعامل الكنيسة مع الأزمة رغم تتابع إعلان البعض الكثير من علامات الاستفهام التي تطرحها الميديا ويلوكها حريفة ولعيبة الفسبوك الطيب والمقبول والمهم منها والخبيث والانتهازي أيضًا !!!
ولذلك كان العرض الرائع للصحفية الشابة " وفاء وصفي " في تحقيقها المهني الطيب بمجلة " روزاليوسف " صاحبة الإسهامات التاريخية المشهود لها في طرح قضايا المواطنة ..
لقد استهلت " وفاء وصفي " عرضها بطرح علامات استفهام رئيسية مثل : هل يمكن أن تكون الوقاية شكًا في قدرة الرب ؟ و هل استخدام العقل في مواجهة الوباء قلة إيمان ؟
وقالت أنه على هامش تلك الأسئلة الصعبة عاد الجدل مرة أخرى بفضل الطموحات الشخصية لبعض الكهنة والآباء حول استخدام الـ " ماستير " ( ملعقة التناول ) قي طقس التناول .. خاصة مع اقتراب عودة فتح دور العبادة وسط إجراءات احترازية صارمة بينما تم الاستغناء عنه في دول المهجر لكنائسنا هناك وذلك وفقًا للمعايير التي وضعتها حكومات تلك الدول ضمن إجراءات الوقاية ...وفي تصريح لقداسة البابا قال أنه قد يتم إلغاء الـ " ماستير " نظرًا للظروف الاستثنائية الحالية ، ولكن لن يتم ذلك إلا بالرجوع للمجمع المقدس ، وهو التصريح الذي أثار حفيظة بعض الأساقفة باعتباره تغييرًا لطقس مقدس .
وأثار الأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، الكثير من التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر صورته وهو يمارس طقس التناول مرتديًا كمامة ويستخدم الـ " ماستير " ، وعلق أن تدشين الـ " ماستير " بزيت الميرون يجعلها غير ناقلة للأمراض !!
وتتابع " وصفي " عرضها بأن تلك الصورة قد لاقت هجومًا عنيفًا من الأقباط واعتبرها الكثيرون ردًا غير مباشر على تصريحات البابا ووجه البعض تساؤلات لأعضاء المجمع المقدس قائلين أنه إذا كان الميرون المقدس لا يجعل الـ " ماستير " ناقلة للأمراض ، فلماذا يمرض الإنسان بالرغم من رشمه 36 رشمة في سر المعمودية .. وهل سيتحمل الأسقف مسئولية من يصاب بالعدوى بالقداس ؟ من الذي سيتحمل مسئواية أناس أبرياء نتيجة التمسك بأمور أثبت التاريخ أنها ليست من الثوابت .وقد شارك الأنبا رافائيل الرأي الأنبا بنيامين مطران المنوفية في أحد البرامج التليفزيونية أن الأسرار الكنسية ترتكز على الإيمان ، ومن يشكك في التناول لا يستحقه .وفي فيديو آخر قال الأنبا يوسف أسقف جنوب أمريكا استحالة أن ينتقل أي مرض عن طريق التناول .. المشكلة موجودة في قلوبنا التي ليس فيها الإيمان بأننا نأخذ جسد الرب ودمه .
و عليه تم من جانب هؤلاء الأساقفة الحكم أن من يردد مثل هذه الأقاويل هم غير المؤمنين ولا يجب عليه أن يتقدم للتناول من الأساس ... إلى هذا الحد وصلت الأمور إذن !!
أنا لا أرفض الاختلاف ، لكن أرفض غياب الطرف العلماني الذي كان يمثله ما كان يطلق عليه " المجلس الملي " .. أرفض ألا تشارك الجماهير المسيحية عبر الإعلام المصري والإعلام الديني بكل موضوعية ..
يا سادة ، إن قيمة التوحّد والتآخي إنما تكون عندما نكون مختلفين بدرجة أو أخرى. ولذا فمن شروط الوحدة أن نتعلم الاختلاف، فعندما نتعلم كيف نعطي لاختلافنا نفحة من الإنسانية، ونسمة من الروحانية، وشحنة من العقلانية، سنستطيع أن نوظف الاختلاف الذي يعد ربما ابتداءً ظاهرة سلبية توظيفا إيجابيا، بحيث نجعل من الاختلاف رحمة للمختلفين وليس نقمة عليهم ..
إن ممارسة سر التناول "الإفخارستيا" يعني طهارة وشفاء لأمراض الروح ، ولكن هل الشفاء هنا يعني المرض الجسدى؟.. وأضافت: المقصود هو الشفاء من أمراض الروح وليس الجسد فالطهارة والشفاء المعنيين للإنسان ككل وليس لجسده فقط بل لتطهيره.وجود شفاء بقوة الصلوات وأوشية المرضى وزيت مسحة المرضى ولكن ذلك يحدث فى سياق مغاير لسر التناول الذى يختص فى الأساس بتطهير الروح من الخطايا..
لقد اجتاحت " كورونا " 40 ألماني حضروا الصلاة في الكنيسة .. وأصيب 3 كهنة بشبرا الخيمة وهم الان تحت العزل ، فماذا كان الحال لو لم يصدر قرار تعليق الصلاة في الكنائس والذي أمر بتفعيله قداسىة البابا ؟
نقلا عن الدستور