سحر الجعارة
لا تصدّق أن العقل الجمعى للمجتمع لا يرى فى المرأة إلا قطعة لحم متبلة بأساطير التراث، جاهزة للشىّ على نيران الرغبة، أو أنها مكافأة للمجاهد فى سبيل الله: (نكاح الجهاد فى اعتصامات الإخوان المسلحة نموذجاً).. لقد نسجوا الرواية تلو الأخرى وحوّلوا التراث إلى «فيلم بورنو»، ليقيموا دولة الخلافة فى إسطنبول ويفتحوا لها «بيوت دعارة دينية» فى سوريا والعراق وليبيا وكل أرض داست عليها أقدام وحوش «داعش».. ليستمر نزيف الأيزيديات، ونزيف زوجات جيش النظام السورى «من السنّة».. وبالتالى لا بد أن تستمر عملية «برمجة العقل العربى» على أن الطريق إلى جنة الإرهابيين على الأرض يمر عبر ثقب ضيق بين فخذى رضيعة «جانا نموذجاً» لتُرضى نهم مرضى البيدوفيليا بالتلذذ بدماء طفلة.. وأن «حور العين» ينتظرن التكفيريين فى جنتهم الموعودة فى السماء!
ولكى يتم تزييف وعى الشباب لا بد من تكوين لجان إلكترونية ممنهجة، تتولى عمليات نهش السمعة والأعراض، وتسليع المرأة فى فاترينات «السوشيال ميديا»، فلا يرى الشاب إلا جنساً مستباحاً، ولا يسمع إلا شيخه، حتى يتحول إلى حزام ناسف أو «قائد» ولكن لسيارة مفخخة تنفجّر فى الأرواح البريئة.
فى مارس من عام 2018 كنت ضيفة فى برنامج «كلام تانى» على قناة «دريم»، وسألت الدكتور «عبدالمنعم فؤاد»، المشرف الحالى على أروقة الأزهر: «هل هناك نص قرآنى صريح ألغى الرق والعبودية من الإسلام، أم أن الأمم المتحدة هى التى ألغته؟». أخذ يردد قصصاً مكررة عن حرص الإسلام على جعل تحرير العبيد و«عتق الرقبة» من الكفّارة، وأخذ يروّج لفكرة أن «تجارة الرقيق» كانت تجارة رائجة لا يمكن منعها لأنها تحقق «ثروات»، وهو نفس منطق «داعش». وكنت أريد فقط أن أثبت له أن الاتفاقية الخاصة بالرق التى وُقّعت فى جنيف فى سبتمبر ١٩٢٦، وفى تعديلاتها، وضعت الضمانات الكاملة للقضاء الكامل على الرق بجميع صوره وعلى الاتجار بالرقيق، دون أن يتحدث أحد عن قدسية «النص» وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة وتعطيل «بيزنس النخاسة» بقرار من الأمم المتحدة!
فلماذا تذكرت هذه الواقعة الآن رغم أن علماء الأزهر يرددون هذا الرأى كثيراً؟
تذكرتها حين انفجرت فى وجوهنا بالوعات الصرف الصحى بسباب فاحش وسفالة منقطعة النظير، تستنكر صور بنات الفنان «شريف منير» وتصفهن بأقبح الألفاظ، وكذلك تتهم الأب.. الأب الذى لم يرَ ابنته جارية ولا تصلح لأن تكون مكافأة لمجاهد أو هدية لصديق «كما تقول شريعتهم وتراثهم».. بل رأى فى بناته نموذجاً لإنسان كامل العقل مستقل الإرادة من حقه أن يستمتع بالحياة وأن يمارس حريته ويحمى القانون خصوصيته.. لم يرَ «منير» أن بناته «عورة» يجب أن يخفيها أو ذنباً يجب أن يعاقب عليه بسبِّه ولعنه.. ربما لأنه لم ينتبه إلى أن كل رموز الفكر والفن والثقافة «هدف» لمصاصى الدماء، لم يراعِ مشاعر «مجانص/ عبدالله رشدى» المستفز، (بفتح الفاء وكسرها)، وأنه يبحث عن دور يجعله حاضراً بقوة هاشتاج «#الأزهر - قادم»، فعلاقته الوثيقة لم تنته بالمؤسسة الدينية الرسمية وإلا كانوا منعوه من استخدام اسمها أو تمكنت وزارة الأوقاف من غلق صفحته المهيجة للشباب!.
لقد قام صبيان «مجانص» بدورهم، وأثبتوا أن الخسة والحقارة موجودة بقوة فى الشارع المصرى، وأن الشباب المصاب بالسعار الجنسى لا يزال ينتزع أى قطعة لحم أنثوية ليُرضى شهواته، فإن لم يجد اكتفى بتشويه «صورة» واغتيال صاحبتها معنوياً.. والآن جاء الدور على غلام الأزهر المدلل «عبدالله رشدى» لكنه يحتاج إلى فريسة بحجم عضلاته التى أفنى شبابه يغذيها بالهرمونات، ويرتدى ملابس مطاطية لإظهارها ويتعمد إظهارها فى صوره مثل أى «موديل ستربتيز» أو «جوجلو».. دون أن يلاحظ أنه يتلو قرآناً ويفسر التراث تبعاً لغرائزه!
التقط «مانيكان الدعوة» مفكراً كبيراً اعتاد بشاعة وجودهم فى الحياة، إنه الإعلامى والطبيب الدكتور «خالد منتصر»، (الذى أصبح من علامات الساعة فى نظرهم)، إجمالاً ما قاله دكتور «خالد» لا يخرج عن ذكر «فقه الجوارى» الذى احترفوه، وذكر بالاسم الصحابة الذين اقتنوا جوارى أو استمتعوا بأسيرات الحروب.. واختتم كلامه قائلاً: «لم يخدش حياء الشعب المتدين بطبعه أن يبيح (البيدوفيليا) وهو يستمع لفيلسوف ومفكر حزب دينى فى مصر وهو يبيح زواج طفلة فى الحضانة، وأن يوافقه داعية أزهرى مدلل لكن بشرط أن تكون مربربة.!! مرحباً بالبجاحة المغلفة بسيلوفان دينى، وأين أنت يا حمرة الخجل؟!».
انتفض الدم فى عروق «مجانص» -إذا افترضت أن فى شرايينه دماء أصلاً- وفرد عضلاته مدافعاً عن «فن النخاسة» قائلاً: «بيع وشراء الجوارى عادة بشرية مارستها كل الحضارات السابقة».. ووجدها فرصة مثالية للطعن -بالمرة- «ملك اليمين موجود فى الكتاب المقدس من قبل أن يأتى الإسلام والقرآن».. ولأن نفس المنبع واحد الذى حلل السبى وملك اليمين، بادر ليدافع عن زواج القاصرات ومرضى البيدوفيليا، (التمتع الجنسى بالأطفال)، مدعياً أن السن القانونية اليوم لممارسة الجنس فى أوروبا تبدأ فى بعض البلاد من الثانية عشرة!!
وهو دفاع أشبه بالقول: «يا عزيزى كلنا داعشيون».. لقد خرج على الملأ ليدافع فقط عن «اغتصاب الجوارى» وكأن الإنسان إذا امتلك عبداً فعليه أن يطلبه بالتراضى.
اللغز الذى يحيرنى وكتبت عنه كثيراً: «من يحمى عبدالله رشدى»؟.. ولحساب من يحارب الدولة الوطنية بكل الأسلحة الشرسة والشاذة دون أن يوقفه أحد؟!.
فهل عرفت الآن مغزى صورة بنت فنان؟.. إنها طلقة مدفع نغتال بها رؤوس المفكرين وحقوق الإنسان التى تسكنها.. طلقة نغتال بها مدنية الدولة بـ«عضلات مجانص» وألفاظه المنحطة.. فالمقصود هو «شرعنة العهر» ليصبح هو «الفكر الدينى» الذى يحكمنا من الباطن!!
نقلا عن الوطن