ماجد سوس
رغم أن الشرطة أحياناً تضطر لاستخدام العنف مع بعض الأشخاص الخطرين ولا سيما وقد فقد الكثير منهم حياتهم نتيجة لانتشار الجريمة والعنف مع وجود الكثير من الأسلحة بين الناس ، على أن هذا لايقلل من أن ما حدث لجورج كلويد على يد أحد رجال الشرطة الأمريكية أمر غير مقبول قانونا وإنسانيا وقد كشف النقاب على عنصرية لم تنته كليا من المجتمع بل ومن العالم بأسره ، تساوت فيه الدول المتقدمة والمتحضرة مع الدول النامية، فوضع الأقليات في العالم كله يحتاج إلى نظرة ثاقبة تحرك دولي سريع يرفع الظلم عنهم .
ما لفت انتباهي في قضية كلويد التي نتج عنها مظاهرات واحتجاجات بدأت سلمية لكنها سرعان ما تحولت إلى عنف امتد إلى نهب المحال التجارية وحرق مقرات الشرطة وسيارتها وهو أمر مريب حركته قوى ظلامية لتخريب الدولة، وسواء كما أشاع البعض ان هناك يد للحزب الديمقراطي المنافس لحزب الرئيس ترامب أو من بعض الهيئات والمنظمات الإسلامية أو التنظيم الدول للإخوان المسلمين او حتى منظمات يسارية أمريكية فالأمر بجملته محزن فقد أضافوا فوق خسائر المحال التجارية نتيجة للوباء ،خسائر أخرى بسبب هذا النهب اللاأخلاقي. خاصة إذا نظر للأمر بحيادية سنجد أن الأربعة ضباط الذين تم فصلهم وإحالتهم للمحاكمة احدهم أسود والآخر أبيض والثالث مكسيكي والرابع كوري وهذا يؤكد عدم وجود نية العنصرية ضد جورج وكل ما في الأمر قوة مفرطة استخدمها الضابط ولا أبرأه فيها.
المضحك المبكي في الأمر ردود أفعال الأغلبية في وطننا العربي فقد سارع الجميع بإدانة الحكومة الأمريكية واتهامها بالعنصرية، ما أعجب أن ترى عنصرياً يدين العنصريين فينطبق عليه مثل قاله السيد المسيح يوما: قبل أن تخرج القذى (ذرات بسيطة تدخل العين) التي في عين أخيك، اخرج الخشبة التي في عينيك . فالولايات المتحدة رغم العنصرية التي قد تظهر ضد هؤلاء بصورة فردية أحياناً إلا أن الأقلية السمراء لديهم حقوق قد تفوق الأغلبية البيض بكثير سواء في الجامعات أو في الوظائف أو خلافه ويسمح لهم بالتمثيل في كافة التجمعات.
فأين نحن من هؤلاء ووطننا العربي تفوح من فمه رائحة العنصرية الكريهة والأمثلة كثيرة سواء التمييز العنصري المقيت بين المسلمين والأقباط في مصر أو بين الشيعة في بلدان غالبيتها سنة أو العكس . الأقباط في مصر على سبيل المثال يعانون منذ عقود طويلة إلى تمييز عنصري وتهميش جلي لا ينكره غير ظالم مفتري. فمن المألوف أن ترى قبطياً يعامل معاملة غير إنسانية في مجالات كثيرة ويتم تخطيه في ترقية أو عدم السماح له بتبوء المناصب القضائية والأمنية في الدولة.
كتب صديق مقالاً على صفحته في الفيسبوك عن العنصرية ذكر فيه أنه تعرف في مرحلة الجامعة على زميلة له سودانية وكان يريد أن يرتبط بيها فكانت تسمع بأذنها التنمر والتهكم على شكلها ولون بشرتها في كل مكان تذهب إليه في مصر وقد كانت دائمة البكاء من جراء هذا ولكنه ذكر أمرأ عجيباً أن صديقته هذه كانت من مدينة الخرطوم وأنه كان يسمعها أحياناً تتحدث عن سكان الجنوب ذو البشرة الأكثر سمار بتنمر وعنصرية أيضا.
وداخل الأقليات أيضاً يمكنك أن تجد عنصرية داخلية فينقسمون إلى طوائف وأحزاب فقد تجد هذا داخل الطائفة الدينية نفسها فقد تجد أصحاب طائفة مسيحية أو إسلامية يتهكمون هم أيضاً على طائفة أخرى وقد يصل الأمر إلى التحقير والازدراء لمجرد الاختلاف في الفكر أو العقيدة وقد تجد أبطال إيمان، زائفون ، ليس عندهم وقت للصلاة أو العبادة الحقيقية بل كل ما يهدفون إليه هو تحقير الآخر وإهانة عقيدته وإظهاره بمظهر المهرطق أو المبتدع الذي لن يدخل معهم جنتهم التي يملكون مفاتيحها.
العنصرية والتنمر في وقتنا الحالي أصبحتا إحدى أهم وأخطر أسلحة الشيطان لضرب الإنسانية في مقتل، روح الكبرياء التي تسللت بين الناس قد تؤدي بهم إلى الهلاك إن لم يفيقوا من غفوتهم، تعالي الأغلبية وبطشهم بالأقلية وإهدار حقوقهم يدق ناقوس الخطر لفوضى مجتمعية محتملة أو حرب أهلية تمزق الأوطان أما الأقلية المحتمِلة لهذا الظلم فلها الله .
منذ أيام وضع أحد المشاهير المصريين على صفحته صورة لأبنتاه الأولى اثنى عشر عاما والثانية أربعة عشر عاما وفوجئ الرجل بسيل من السباب والتنمر أذهله وأضطر أن يبلغ مباحث الإنترنت فورا للقبض على من أساءوا له وطالب أي شخص يحدث له هذا أن يأخذ صورة سكرين شوت من السباب ويرسلها للمباحث . ما هذا ماذا حدث لمجتمعاتنا التي كانت تتميز بالمثل والقيم ، ما هذا التدين الزائف والسلوك المشين الذي ملأ دنيانا ودخل بيوتنا دون إستئذان.
اعلم أيها المتنمر العنصري أنك كلما نظرت إلى نفسك أنك الأفضل اعلم انك خارج دائرة الإنسانية بل وخارج دائرة التفاضل.