ماهر عزيز
تميزت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القرون الأخيرة بكود لاهوتي موحد ثابت يحظي باتفاق جميع الاكليروس والاراخنة والشعب دون انقسام ودون تشرذم..
 
لكن العقود الأخيرة في عمر الكنيسة شهدت انقسامات لاهوتية حادة خرج فيها أساقفة لهم مكانتهم بإطلاق لقب هراطقة علي اباء كبار لهم مكانتهم ومحبتهم في الشعب القبطي أيضا ...
 
وعلي حين غرة وجد الشعب القبطي نفسه في مفترق طرق بين مخاصمات لاهوتية علنية لعب فيها الإعلام الحديث دورا تخريبيا مهولا سواء بالمنابر المسموعة أو بالمادة المقروءة بمجلة الكرازة مثلا.. او بالوسائط المرئية والمسموعة..
 
وجد الشعب نفسه مختبلا بين انقسامات لاهوتية حادة مصاحبة باتهامات شنيعة طالت أحب الاكليروس والرهبان الي قلوبهم فاحتد الاستقطاب الواسع للشعب بين نصير وعدو .. وكانت الضحية المذبوحة في ذلك كله هي الوحدة اللاهوتية التي تجمع الشعب في ايمان واحد صريح لا يلتبس فيه اي غموض أو اختلاف أو شك..
 
وشاع ذلك حتي في أبسط المفاهيم اللاهوتية وما يترتب عليها من طقوس أو تعبدات..حتي طال مسائل كان أقل اتفاق فيها يجنبها الجدل والاختلاف وعدم الوضوح...
 
وترتب علي ذلك تفاقم الالتباس و اللايقين بسبب تضارب تفسيرات وبراهين وأدلة واستشهادات متناقضة متصارعة لأساقفة لهم مكانتهم وتأثيرهم في الكنيسة حتي بدا الأمر كأنه صراع محتدم بين الأساقفة أنفسهم وعلي رأسهم غبطة البابا ... مما كسر وحدة الفكر والاعتقاد لانكسار الكود اللاهوتي الموحد الذي تميزت به الكنيسة فيما قبل ...
 
وزاد الطين بلة أن التشرذم اللاهوتي والعقيدي بين الاكليروس قد طفح علي السطح وملأ الفضاء الإعلامي بكل وسائطه في الداخل والخارج ، فقسم الشعب كله بين رؤي متعددة متصارعة متطاحنة دون وحدة ودون اتفاق...
 
فإذا سألنا : ما هو جوهر الأشكال؟
تأتينا الإجابة للأسف : أن مجمع الأساقفة المنقسم علي ذاته في تيارات عديدة متصارعة قد اوقع بالشعب انقسامات أوسع ، ومنح الفرصة لكتائب الحرب الالكترونية أن تتربح ربحا طائلا علي أنقاض التضارب العقيدي واللاهوتي الواسع الذي اوجدوه بين الأقباط ...
 
الحل الوحيد الآن أن يتوحد مجمع الأساقفة علي قلب رجل واحد وكود لاهوتي واحد يلتزم به الجميع في الداخل والخارج التزاما مطلقا يعيد لهيبة اللاهوت سلطانه المفقود السالف علي القلوب والعقول نسقا فكريا يتضمن الإجابات الكنسية القويمة الموحدة علي كل الأسئلة التي مزقت وحدانية الشعب .
 
كذلك صارت الحاجة ملحة لوجود مجمع استشاري قبطي من صفوة مثقفي ومفكري وخدام ورجال مجتمع الأقباط المصري ليكون ممثلا حقيقيا للشعب القبطي في وحدته المفقودة مع قادته الروحيين .