"فالنتينا تريشكوفا".. عاملة المصنع التي أصبحت أول رائدة فضاء في التاريخ

في 6 مارس عام 1937، في قرية بولشوي ماسلينيكوفو، تقع على نهر الفولغا، ولدت طفلة صغيرة، لأب -فلاديمير تريشكوفا- عمل سائق جرارات، ثم رقيبا  يقود دبابة في الجيش السوفييتي، وأم تدعى "إيلينا فيودوروفنا تريشكوفا"، حيث أطلقا عليها اسم "فالنتينا".

 

بعد عامين من ولادتها، قتل والدها في الحرب العالمية الثانية، واضطرت والدتها للرحيل مع ابنائها (فالنتينا، وثلاثة آخرين)، للبحث عن عمل، وبالفعل وجدت عملا بسيطا في مصنع لصناعة الأقمشة والأقطان.

 

أردات الأم حياة جيدة لأبنائها، فحرصت على تعليمهم قدر الإمكان، وبالفعل بدأت "فالنتينا" في التعليم عندما كان عمرها عشر سنوات، كما عملت في مصنع الأقمشة مع والدتها، وبدأت في نفس الوقت ممارسة هوايتها وهي الهبوط بالمظلات، وتدربت في أحد الأندية المحلية، وسُجلت أول قفزة لها في 21 مايو في عام 1959 عندما كان عمرها 22 سنة، وتدربت كطيارة مظلية تنافسية بينما كانت لا تزال تعمل كعاملة في مصنع النسيج. 

 

استمرت "فالنتينا" في التعليم حتى سن السابعة عشر، وبعدها أكملت دراستها عن طريق المراسلة حتى تخرجت عام 1960 من كلة الصناعات الخفيفة.

 

عاملة في مصنع أقمشة

ربما لم تعلم الشابة "فالنتينا"، التي تعمل في مصنع للأقمشة، وتمارس هواية الهبوط بالمظلات، أن هذه الهواية ستقودها إلى تسجيل اسمها بحروف من نور في التاريخ، لتكون أول امرأة في العالم تصل إلى الفضاء، بل تحقق أيضا إنجازات لم يحققها رواد الفضاء الأمريكيين.

 

في عام 1962 بدأ الاتحاد السوفيتي، في اختيار النساء ليصبحن رائدات فضاء، واختيرت لهذه المهمة 5 نساء ، وكانت بينهن فالنتينا تيريشكوفا، ليتم اختيارها هي لوحدها من بينهن لتقوم بهذه المهمة، وتدخل التاريخ، فى 16 يونيو 1963 على متن فوستوك 6، وحصلت تريشكوفا على الترقية إلى مرتبة ملازم قبل رحلتها وعلى مرتبة قبطان في منتصف الرحلة، وكانت تنادي أثناء إقلاع المركبة قائلة: "اخلعي قبعتكِ أيتها السماء، فأنا في طريقي إليكِ".

 

استطاعت أن تدور حول الكرة الأرضية 48 مرة، خلال 3 أيام فقط، وكان حينها رواد الفضاء الأمريكيون قد سجلوا 36 مرة، واستطاعت أن تقضي في الفضاء ‏4272 دقيقة، وأثناء هبوطها حدث عطل في برمجة المملاحة الأوتوماتيكية للمركبة وهو ما أدى إلى انحرافها عن الأرض، ولما لاحظت تيريشكوفا ذلك أبلغت القيادة ليطور العلماء فورًا خوارزميات هبوط جديدة، فهبطت تيريشكوفا بأمان لكن ذلك لم يحمها بعض الخدوش، وعندما هبطت كان ذلك في منطقة بالقرب من الحدود بين كازاخستان ومنغوليا واالصين، وعندما رآها القرويون ساعدوها ودعوها للعشاء فاستجابت لدعوتهم، لتوبخ لاحقاً بسبب مخالفتها القوانين وعدم خضوعها للفحوص الطبية أولًا.

 

بعد عودتها شغلت العديد من المناصب، ومنها عضو في المجلس الأعلى للاتحاد السوفيتي، كما عينت في الديوان الرئاسي للاتحاد السوفيتي، وعملت في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وتقاعدت في عام 1997 بطلب من الرئيس الروسي، وقد حصلت على العديد من الجوائز والأوسمة منها وسام بطل الاتحاد السوفيتي كما نالت أوسمة من تشيكوسلوفاكيا، فيتنام، منغوليا وغيرها، وحصلت على 12 وسامًا.

 

على المستوى الشخصي، تزوجت من  رائد الفضاء أندريان نيكولايف في 3 نوفمبر في عام 1963، وحضر حفل الزفاف  كبار قادة الحكومة وبرامج الفضاء. دعمت سلطات الفضاء السوفييتية هذا الزواج باعتباره "رسالة وافرة اللطف للبلاد"، إلا أنه لم يستمر سوى عدة سنوات فقط، وتطلقت عام 1977، وفي عام 1982 تزوجت من يولي شابوشنيكُف، وهو جراح التقت به أثناء فحصها الطبي لإعادة تأهيلها كرائدة فضاء. وبقيت متزوجة منه حتى وفاته في عام 1999.