سليمان شفيق
صوّت الثلاثاء مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع، 98 صوتا مقابل صفر، على تثبيت الجنرال تشارلز براون في منصب رئيس أركان سلاح الجو، أحد أفرع القوات المسلحة الستة. وبذلك يصبح براون أول ضابط من أصول أفريقية يتولى هذا المنصب الحساس وثاني عضو أسود البشرة يشارك في عضوية هيئة أركان الجيوش المشتركة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. ويأتي هذا التعيين في خضم الاحتجاجات المنددة بالعنصرية وعنف الشرطة على خلفية مقتل جورج فلويد في 25 مايو الماضي.
في خضم جدل واسع تشهده الولايات المتحدة حول التمييز العنصري، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع الثلاثاء على تعيين الجنرال تشارلز براون جونيور (57 عاما) رئيسا لأركان سلاح الجو، ليصبح بذلك أول ضابط من أصل أفريقي في تاريخ الولايات المتحدة يقود أحد أفرع القوات المسلحة الستة (سلاح الجو، سلاح البحر، سلاح البر، مشاة البحرية، خفر السواحل والقوة الفضائية). وكان براون يتولى منصب قائد القوات الجوية في منطقة المحيط الهادئ.
وبصفته قائدا لسلاح الجو فإن هذا الضابط الطيار سيصبح ثاني جنرال من أصل أفريقي في تاريخ الولايات المتّحدة يشارك في عضوية هيئة أركان الجيوش المشتركة، علما بأن الجنرال الوحيد الذي سبقه إلى هذه الهيئة كان كولن باول الذي ترأسها بين 1989 و1993. وصوت مجلس الشيوخ بأغلبية 98 صوتا مقابل صفر على تثبيت الجنرال براون في هذا المنصب.
وبراون طيار في سلاح الجو منذ 1984، كان قائدا لمقاتلة إف-16 وحارب خصوصا في منطقتي المحيط الهادئ والشرق الأوسط، وفي سجله 2900 ساعة طيران بينها 130 ساعة أثناء معارك، بحسب سيرته الذاتية الرسمية.
ويأتي تعيينه في وقت تتواصل فيه المظاهرات في جميع أنحاء الولايات المتحدة ضد العنصرية وسوء المعاملة التي يتعرّض لها الأمريكيون من أصل أفريقي، في احتجاجات أشعل فتيلها موت المواطن الأعزل جورج فلويد في 25 مايو اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض أثناء توقيفه في مدينة مينيابوليس.
ترامب يرحب
وسارع الرئيس دونالد ترامب إلى الترحيب بمصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه الجنرال براون في هذا المنصب. وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "يوم تاريخي لأمريكا! متحمس للعمل بشكل أوثق مع الجنرال براون، الرجل الوطني والقائد العظيم!
وكان الجنرال براون قد أدلى الأسبوع الماضي بشهادة مؤثرة حول العقبات التي واجهته بسبب لون بشرته أثناء صعوده السلم الوظيفي في الجيش، مؤكدا أن حياته المهنية "لم تكن دوما مثالا للحرية والعدالة".
وروى الجنرال المتحدر من تكساس في شريط فيديو كيف أنه كان يجد نفسه في أغلب الأحيان الطيار الأسود البشرة الوحيد في سربه أو الضابط الوحيد من أصل أفريقي في غرفة مكتظة بالضباط، وكيف كان هؤلاء يسألونه عما إذا كان فعلا ضابطا مع أنه كان يرتدي نفس الزي العسكري الذي يرتدونه ويضع نفس الشارات العسكرية التي يضعونها.
من جهة اخري أدت وفاة جورج فلويد وموجة الاحتجاجات الغاضبة ضد العنصرية ووحشية الشرطة إلى تغيير المعطيات بالنسبة لجو بايدن إذ بات اختيار مرشحة سوداء لأول مرة لمنصب نائب الرئيس أمراً يفرض نفسه في الولايات المتحدة.
وقد تحدثت كل من السناتورة كامالا هاريس الأوفر حظاً، والنائبة فال ديمينغز أو رئيسة بلدية أتلانتا كيشا لانس بوتومز بانفعال وشغف عن المشاعر التي اجتاحت البلاد لدى رؤية الرجل الأسود يلفظ أنفاسه تحت ركبة شرطي أبيض، ولكنهن تحدثن أيضاً عن تجربتهن الخاصة كنساء سوداوات البشرة في الولايات المتحدة.
وارتفعت حظوظهن على مواقع المراهنة على الإنترنت لمنصب نائب الرئيس القادم للبيت الأبيض على قائمة جو بايدن.
وقال دانيال جيليون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا، إن الناخبين الأميركيين من أصل إفريقي "يطالبون بنائبة رئيس سوداء البشرة" مع مطالبة المتظاهرين الذين يحتشدون منذ وفاة فلويد في 25 مايو، بالعدالة والتغيير. وقد انعكس الأمر على مواقع المراهنات.
وهكذا تراجعت حظوظ ثلاث مرشحات، جميعهن من البيض، بعد أن كن قبل ثلاثة أسابيع الأوفر حظاً. وهن عضوتا مجلس الشيوخ والمرشحتان السابقتان للبيت الأبيض إليزابيث وارن وإيمي كلوبوبشار، أو حاكمة ميشيغان غريتشين ويتمان.
ووعد نائب الرئيس السابق باراك أوباما ناخبيه في آذار/مارس بأنه سيختار امرأة في مواجهة الجمهوري دونالد ترامب في 3 نوفمبر. وشدد مرارا على أنه يفكر في اختيار مرشحة من أصل إفريقي.
ويدين بايدن الذي يتمتع بشعبية لدى الناخبين السود، لهم بجزء كبير بفوزه في الانتخابات التمهيدية الديموقراطية، ويعرف أن تعبئتهم هي المفتاح لأي ديموقراطي يحلم بالوصول إلى البيت الأبيض.
وقال بايدن البالغ من العمر 77 عاما مساء الثلاثاء على قناة "سي بي أس"، إن الأسبوعين الماضيين "زادا من الحاجة ومن الطابع الملح" لاختيار شخص "منسجم تماماً" مع توجهاته.
وأضاف الرجل الذي سيكون الرئيس الأكبر سناً في تاريخ الولايات المتحدة إذا فاز بالرئاسة "أريد شخصاً قوياً وشخصاً قادراً وجاهزاً لأن يكون رئيساً من اليوم الأول.
وفي هذه الحملة الرئاسية غير العادية والتي عرقلها وباء كوفيد-19 ومن ثم وفاة جورج فلويد، ليس من المستبعد أن يؤثر حدث آخر غير متوقع على اختياره الذي ينوي الكشف عنه في الأول من أغسطس.
ولكن في الوقت الحالي، يقول كايل كونديك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيرجينيا، "لدى جو بايدن أسباب عديدة لاختيار مرشحة سوداء."
- كامالا هاريس -
كانت كامالا هاريس (55 عاماً) منافسة بايدن السابقة في الانتخابات التمهيدية الديموقراطية منذ البداية من بين الأوفر حظاً كمرشحة لنائب الرئيس وذلك بفضل تجربتها القوية على وجه الخصوص.
كانت هاريس وهي ابنة مهاجرَين من جامايكا ومن الهند أول امرأة وأول شخص أسود البشرة يُنتخب مدعياً عاماً لولاية كاليفورنيا، ثم صارت في عام 2017 أول امرأة من جنوب آسيا وثاني امرأة سوداء تنتخب لعضوية مجلس الشيوخ.
ومع ذلك، فقد واجهت بسهولة جو بايدن خلال مناظرة ديموقراطية، على وجه التحديد حول المسألة شديدة الحساسية المتعلقة بمواقفه السابقة من الفصل العنصري.
وقد تصالح الديموقراطيان اللذان يعرفان بعضهما بعضاً منذ فترة طويلة أمام الكاميرات.
ولكن في وقت تطرح فيه تساؤلات عميقة حول طريقة عمل النظام القضائي والجنائي تجاه الأقليات، فإن ماضيها كمدعية عامة يمكن أن يضرها.
- فال ديمينغز -
انتُخبت فال ديمينغز (63 عاماً) عضوة في مجلس النواب في عام 2017 وتم تسليط الضوء عليها بالفعل خلال محاكمة عزل دونالد ترامب.
ومنذ وفاة جورج فلويد، صعدت أسهمها في التوقعات بفضل تصريحاتها ضد "العنصرية المؤسسية" المنسجمة مع مسار هذه الشرطية السابقة التي تولت رئاسة قوة الشرطة في أورلاندو بفلوريدا
وقالت الإثنين صراحة "إذا سألني جو بايدن، سأقول نعم".
وقال كايل كونديك "إن عملها السابق في الشرطة يتيح لها أن تدعم قوات الشرطة وأ ن تتفهم في الوقت نفسه تظلمات المتظاهرين".
- كيشا لانس بوتومز -
على الرغم من ضعف خبرتها على المستوى الوطني، سرعان ما ارتفعت أسهم رئيسة بلدية أتلانتا كيشا لانس بوتومز عندما ألقت خطاباً مرتجلاً مؤثراً دعت فيه مثيري الشعب للعودة إلى منازلهم في 29 مايو.
عندما كانت في الخمسين من عمرها، كانت بين أول رؤساء البلدية في مدينة كبيرة الذين دعموا ترشيح بايدن في الانتخابات التمهيدية.
وصرحت لموقع أكسيوس الإخباري الاثنين "إذا اعتقد نائب الرئيس أنه يمكنني مساعدته على الفوز في تشرين الثاني/نوفمبر، وأنني الأفضل لهذا الموقع، فسأفكر جِدياً بذلك".
أما المرشحة السابقة لمنصب حاكم جورجيا ستايسي أبرامز (46 سنة) فقد انخفض تصنيفها في الأيام الأخيرة على موقع "بريديكت" المتخصص، لتصل إلى مستوى مرشحة أخرى أدرج اسمها ضمن الأوفر حظاً وهي مستشارة الأمن القومي السابقة للرئيس باراك أوباما، سوزان رايس (55 عاما).