كتب- د. ماجد عزت إسرائيل
شاركت كنيستنا القبطية الأرثوذكسية كنائس العالم في التبارك من رداء السيد المسيح مخلص العالم، بمناسية قيامته من بين الأموات، حيث اعتادت كاتدرائية مــدينة "ترير" الألمــــانية عرض الــــرداء كل 25 سنة بإظهاره للتبارك منه، وحددت الفترة من 13 أبـــريل 2012- 13مايو 2012م لزيارة الرداء والتبارك منه، وهـــذا الـــرداء الذي اقـــترع عليه الجند الرومان الــقرعة أثناء مراحل صلب السيد المسيح.

مراحل زيارة الكنيسة القبطية للرداء:
المرحلة الأولى: وفـــود أقباط كنيستنا القبطية من كل أنحاء العالم، والتجمــع في كنيسة "السيدة العذراء والقديس أثناسيوس الأول" بمدينة "بيت برج"، وهناك من جاء إلى مـــدنية "ترير" مباشرة، نذكر على سبيل المثال كنيسـة السيـــدة العذراء بدوسلدورف  وكنيسة هامبورج وفرانكفورت، على أية حال تجمع آلاف الأقباط بمنطقة بالقرب من كاتدرائية "ترير" بمنطقة عبارة عن حديقة كبيرة، تم إقـامة مذبح عليها لاستيعاب المصليين.

وبدأت عملية التبارك بإقامة القداس، وقام بالصلاة نيافة الحبر الجليل الأنبا "دميــان"- أســـقف عام كنائس ألمـــانيا- وعديد من الآبــاء، نذكر منهم القمص "مــينا ونيس"- راعي كنيسة "بيت برج"- ومجلس إدارة الكنيسة برئاسة المهندس"ميخائيل عبد السيد"، ومن خدام الكنيسة الأستاذ "محــب عـــزت" والقمص"بولس شحــاتة"- راعي كنيسة السيدة العذراء بدوسلدورف- وأبونا الراهب "يوحــنا المحرقي"، والقمص "بيـجول" من كنيسة "فـــرانكفورت"، وقاد فــريق الشمامسة المعلم "وديع" خادم كنيسة "بيت برج"، والشمـــاس "روماني جميل" و"بيتر محب" و"باسل محب"، وقــــــام بتصوير الفيديو "مارك ماجد"، والتصوير الفوتوغــرافي "مـــارسلينو ماجد"، وفي مناخ متنوع خـــلال ساعات القداس شارك الآلاف في الصلاة مرددين: "يا كل الصفوف السمائيين..."، وحضر معنا الصلاة نائب أسقف "ترير"، وألقى كلمة لشعب كنيستنا القبطية مرحبًا بنا، بل تحدث عن ســفير كـــنيستنا البطريرك "أثناسيوس الأول" البـــابا رقــم (20) (328-373م) في تاريخ عداد البطاركة، الذي نُفي إلى "ترير" ثلاثة سنوات.

المرحلة الثانية: زيارة الرداء..
وعــقب الانتهـــاء من صلاة القـــداس، توجه الآلاف من شعب كنيستنا في صورة منظمة يتقدمهم نيافة الحبر الجليل الأنبا "دميـــــان" والآباء القمامصة والقسوس والشمـــامسة في صفوف منظمة، وتم الانضمـــام لوفــود الكنـــائس الأخرى في وحدة مسيحية واحدة، وهذا ما نتمناه دائمًا، وبـــــدأ الدخول إلى الكاتدرائية من بابها الجنوبي والجميع حاملين الصلبان وصور لقيامة السيد المسيح وصور للرداء، بل كانت هنــاك موسيـقى القيامة، وبين الحين والآخر كان يتم قراءة أجزاء من الكتاب المقدس، ويتم ترديد الترانيم الروحية.

على أية حال, الجميع يسير في طابور منظم في منتصف الكاتدرائية، في مشهد حضاري، متحلين بالصبر والانتظار، وبعد السير في مسافة أكثر من ألف متر يصــل الزائر إلى صندوق خشبي يقترب من شكل القـــلب، لونه أصفر غامـــق، ومغــطى من أعلى بزجاج لرؤية الــرداء المقدس القاطن بداخله، الذي ألقى عليه الجنود الرومان القرعة أثناء مراحل صلب السيد المسيح وكان من نصيب أحدهم، وتدخلت العناية الإلهية للحفاظ عليه حتى يومنا هذا.

وصف الرداء..
وصف دقيق كما شاهدته ورآه الملايين من الزائرين بكل أمانة سوف يشهد لها التاريخ.. الراداء غير مخيـط بل منسوج، طوله أكثر من متر وأربعين سنتميترًا، ربما يغطي فوق الركبـة مباشرة، وأكمام الرداء تغطي بعد كـوع الذراع، والرداء مقفول من أعلى وبه فتحة على قــــــدر الرأس، والرداء من الخارج يميل للون البني الداكن (يقترب من اللون البني الغامق) ومن الداخل مبطن بما يشبه القماش (الساتان)ــ المعروف لــدينا بهذا الاسم في مصرــ. ومن الملفت للنظر على الكم الأيمن علامتان لونهم أحمر (ربما يقترب من اثنين سنتيمتر)، ربما يكون مكان غرس الجنود الرومان آسنة السيوف به، بل من الأسفل يظهر لون به ما يشبه العرق الشديد بالملابس في يومنا هــــذا نتيجة التعذيب، والرداء بكامله لا توجد به أجزاء ناقصة، وهـــو من أنواع القماش التي كانت منتشرة بمنطقة الشرق الأوسط. وهذا الرداء يشير للكثير، فــقد شهد به العهد القديم والعــهد الجديد "والجند لما صلبوا يســـوع أخــذوا ثيابه وجعلوه أربعة أقســام، لكل جندي قســـم، وأخذوا القميص (الـرداء) أيضًا، وكان القميص غير مخيــط، منسوجًا كله من فــــوق، فقال بعضهم لبعض: لا نشقه لكن نقترع عليه، لمن يكون. لــيتم المـــكتوب القـــــائل: "اقتسمــوا ثيــابى بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة. هذا ما فعله الجند". ــ لمزيد من التفصيل انـظر الكـتاب المقدس "إنجيل يوحنا الإصحاح 19 آية 12:27". والآن يعــد الـــــــرداء المقدس علامة مضئية لكل النفوس الضالة، أتمـــنى أن يكــون سبب بركـة للجميع.



المرحلة الثالثة: انتهاء الزيارة
الخروج من الباب الشمالي على اليسار
بعد التبارك من الرداء يخرج الزائرون من البابا الشمالي على اليسار لخارج الكاتدرائية، لزيارة بعض الأماكن المقدسة وأخذ الصور التذكارية بهذا المكان المبارك.

وأخيرًا، يعجز اللسان عن وصف دور البوليس الألماني في تأمين المكان وتجميله للزائرين، وكذلك وجود العديد من عربات الإسعاف لمتابعة حالات الإغماء نتيجة الزحام، ووجود العديد من المحلات التجارية مثل المأكولات والمشروبات، ومكتبة كبيرة الحجم لشراء الكتب والصور التذكارية للتسهيل على الزائرين، وحددت الكاتدرائية أن عرض الرداء القادم سوف يكون عام 2033م.. أتمنى أن يكون سبب بركة للجميع.