بقلم : د . يحيى الوكيل


كان من أهم أسباب تقويض حكم مبارك و النهاية التى وصل إليها من خلع من منصبه – أو تنحى، أو أياً كان ما وصل إليه – هو أبناؤه و ما أخذه عليهم المصريون من نواقص وجدوهم عليها، كغطرسة جمال و طمعه فى السلطة بلا سند من كفاءة أو قدرة، و ما يتم تناقله عن فساد مالى لعلاء – سواء صدقا أو كان غير ذلك.


أطاح أبناء مبارك به أكثر من أى شيئ، فجمال و لا شك كان أحد أهم الأسباب فى عدم مساندة الجيش لمبارك فى أحداث 28 يناير بسبب مشروع التوريث الذى كان الجيش يناهضه من أشهر فائتة، و لو كان الجيش قد اتخذ صف مبارك و أطاح بالعادلى فقط لكانت حال مصر غير الحال اليوم.
هذا واضح للجميع من البيان رقم واحد للمجلس الأعلى، لكن هناك من يعون الدروس و هناك من يختارون إعتبارها و كأن لم تكن.
من الدروس أيضا ما استقر من رفض رئيس لمصر يكون له أب أو أم أو زوجة من ذوى الجنسيات الأجنبية، و لهذا منطقه من عدم توزع الولاء، فهم أقاربه من الدرجة الأولى و من الممكن أن يكون ولاءه لهم و لمصالحهم التى تُمليها عليهم دولة جنسيتهم الأجنبية أكبر من ولائه لبلده و لمنصبه. و قد أخطأ المشرع حين قصر رفض أن يكون رئيس مصر من أبوين غير مصريين أو له زوجة غير مصرية، و كان يجب أن يمتد هذا المنع لكل الأقارب من الدرجة الأولى: أى أبناؤه و بناته أيضا... فالمرء أولى أن يخرق القانون و الشرع لأجل أبنائه عن أن يفعلها لأجل أبويه أو زوجته، و تخيلوا لو أن رئيسنا المفدى له ابن يخدم فى الجيش الأمريكى مثلا – أو حتى فى الجيش الإسرائيلى، و لم لا؟


ما قدمته من أطرح قصدت به التمهيد لدراسة حالة المرشح الاستبن لجماعة الإخوان المسلمين و المعروف إعلاميا بالدكتور محمد مرسى.
الدكتور محمد مرسى له ولدان حاصلان على الجنسية الأمريكية حسب معلوماتى، و لسيادته إنكار أو تأكيد ذلك إن أحب. هذان الشابان القويان أحدهما طبيب و الآخر مهندس قاما بالاعتداء على ضابط بمرور الشرقية فى سبتمبر عام 2011 – عام الثورة المجيدة – بالإهانة و محاولة الضرب، حيث جذبا الضابط من ملابسه وقالا له، "أنت مش عارف إحنا أولاد مين؟"، و قاما بالاعتداء على الضابط، فقام الأهالى بالاعتداء عليهما بالضرب المبرح حتى أنقذهما الضابط و دفعهما داخل سيارة ونش المرور الذى اتجه إلى وحدة المرور المجاورة لمبنى المحافظة حتى يتم إنقاذهما من أيدى الأهالى، و بعدها استقل الضابط تاكسى و لحق بهما إلى وحدة المرور.


تجمهر وقتها أكثر من 200 شخص أمام وحدة المرور للتضامن مع الضابط، و هددوا بحرق الوحدة فى حالة عدم حضور الشرطة و تطبيق القانون، محاولين الاعتداء على الدكتور محمد مرسى حال حضوره لوحدة المرور؛ و لكن قام رجال الشرطة بالسيطرة على الموقف و منع الأهالى من الاعتداء على الدكتور محمد مرسى، و قاموا باصطحاب ابنىّ الدكتور مرسى لقسم أول الزقازيق لتحرير محضر بالواقعة (المحضر رقم 9899 جنح القسم أول زقازيق، و وقعه العميد عصام عامر مأمور القسم و قام بإخطار اللواء محمد ناصر العنترى، مساعد الوزير).
بعد ذلك تعرض الضابط النقيب محمد فؤاد لضغوط هائلة من قيادات أمنية بالداخلية و إدارية بالمحافظة وصلت لتهديد حياته و رزقه و رزق زوجته التى تعمل مُدرسة بعقد مؤقت فى هذا الوقت حتى تنازل عن المحضر و "كانت ساعة شيطان و عدت"!


هل أزحنا مبارك و مشروع توريثه ليضربنا أبناء الخليفة بالسوط فى إعادة لمشهد ابن عمرو بن العاص مع الفارق بين مرسى و كرسيه و عمر و جلوسه على الأرض؟


و كيف يتأتى أن يكون لنا رئيس قد يخدم أبناؤه فى جيوش أجنبية كمقاتلين؟
كيف غفلت اللجنة العليا للانتخابات عن هذه النقاط حين قبلت اوراق ترشيحه؟ و هى التى لم تغفل عن 31 توكيلا متكررين بين مرشحين من بين ما يزيد عن الستين ألف توكيل بين الإثنين – و فى أقل من أسبوع أى أنها كانت تقارن حسابيا عشرة آلاف توكيل فى اليوم أى مقارنة كافة بيانات حوالى أربعين توكيلا فى الساعة على مدار الأربعة و عشرين ساعة!


لو أن هناك تعديلا مطلوبا فى إجراءات قبول المرشحين فلابد من منع كل من له قريب من الدرجة الأولى و حاصل على جنسية أجنبية من الترشح لأى منصب سيادى بالدولة – بدءا من ضباط الجيش و الشرطة إلى مناصب الوزراء و مساعديهم، و طبعا رئيس الجمهورية..
أما عن الدكتور مرسى، فيكفى ما رأيناه من سوء أدب أولاده ثم تنطعهم على القانون و تعاليهم عليه لنقول لهم:
أبناء الزعماء، شكرا، فقد كشفتم لنا فسادكم و فساد الزعماء آبائكم.