كتبت – أماني موسى
ودع الجمهور المصري والعربي اليوم، الفنان حسن حسني، الذي وافته المنية في وقت مبكر من صباح السبت، عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد إصابته بأزمة قلبية مفاجئة، منذ يوم الخميس، نقل على إثرها إلى العناية المركزة بمستشفى دار الفؤاد حيث فاضت روحه اليوم.
وتحفل مسيرة حسن حسني، المولود في حي القلعة في أكتوبر 1931، بمشاركة غزيرة في مئات الأعمال الفنية في مجال السينما والمسرح والتليفزيون.. نورد بالسطور المقبلة بعض سطور من حياته.
وُلد في حي القلعة في 15 أكتوبر 1931 لأب مقاول، وكانت حياته حافلة بالمهام الصعبة والمشقات، بدأت منذ فقد والدته وهو في السادسة من عمره.
تبينت موهبته وحبه للفن والتمثيل منذ كان طالبًا في المرحلة الابتدائية، حيث شارك بمسرح مدرسته، مدرسة الرضوانية، وقال ذات مرة أنه قدم دور "أنطونيو" في إحدى الحفلات المدرسية وحصل من خلاله على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، كما حصل على العديد من ميداليات التقدير من وزارة التربية والتعليم، فيما حصل على شهادة التوجيهية عام 1956.
وفي هذه الأثناء كان الفنان حسين رياض يشارك في إحدى لجان التقييم الخاصة بمسابقات التمثيل في المدارس، وأعجب بأداء التلميذ حسن حسني، وأثنى عليه وعلى أدائه، ومنذ هذه اللحظة تأكد حسني أن مستقبله سيكون بعالم التمثيل.
قام حسني بالتمثيل في مسرح المدرسة وحصل على العديد من الميداليات، ثم انضم إلى المسرح العسكري ثم إلى المسرح القومي، وشارك بعدة مسرحيات مثل "مسرحية كلام فارغ، حزمني يا، قشطة وعسل، جوز ولوز، أولاد ريا وسكينة، على الرصيف، سكر زيادة، المحبة الحمراء".
في بداية الستينات كان حسن عضوًا في فرقة المسرح العسكري التابعة للجيش، وقدم عروضه على مسرح المتحدين للضباط وأسرهم في شهر رمضان، حتى تم حل المسرح العسكري عقب هزيمة يونيو 1967.
وقال الفنان الراحل عن هذه الفترة، "لولا حل المسرح العسكري لظللنا أنا وحسن عابدين خارج دائرة الضوء، التي كنّا نحلم بها، وقتها نقلت إلى مسرح الحكيم الذي شهد خطواتي الأولى، فقدمت عليهِ مسرحيات عديدة منها مسرحية عرابي مع المخرج نبيل الألفي، ومسرحية المركب اللي تودي مع المخرج نور الدمرداش، وغيرها من المسرحيات التي حققت صدى طيبًا لدى جمهور المسرح.
يذكر أن حسني قدم مسرحية كلام فارغ للمخرج سمير العصفوري وحققت نجاحًا كبيرًا في ذلك الوقت واستمر عرضها لمدة 6 شهور دون توقف، وبعد نجاحه الكبير في هذه المسرحية انتقل إلى المسرح القومي ثم المسرح الحديث، الذي حقق من خلاله نجاحًا آخر في حياته المهنية، أهله للعمل في مسارح القطاع الخاص في بداية عقد السبعينات، حين انضم لفرقة تحية كاريوكا، التي عمل فيها لمدة 9 سنوات، قدم خلالها أجمل مسرحياته على حد تعبيره وفي مقدمتها روبابيكيا وصاحب العمارة.
الموظف الفاسد المرتشي
وشارك أيضًا في العديد من المسلسلات، ففي نهاية السبعينات شارك في مسلسل أبنائي الأعزاء شكرا الذي اشتهر باسم بابا عبده مع الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي، من خلال شخصية الموظف الفاسد المرتشي، وهو الدور الذي عرفته الجماهير من خلاله، على الرغم من حجم الشر الذي جسدّه فيه.
حققت الانتشار والشهرة من خلال مسلسل أبنائي الأعزاء شكرا
وقال حسني في حوار سابق له: "على الرغم من عشقي للمسرح إلا أنه لم يكن سبب شهرتي، فالناس لم تعرف بوجود ممثل اسمه حسن حسني إلا بعد مشاركتي في مسلسل أبنائي الأعزاء شكرًا، وقتها دخلت بيوت المصريين وحققت الشهرة التي كنت أحلم بها، وهو ما لفت نظري إلى أهمية أعمال التلفزيون وأثرها على تحقيق الفنان للانتشار".
الممثل الطائر
وفي الثمانينات غاب حسني إلى حد كبير عن المسرح والسينما المصرية، واتجه للعمل في مسلسلات خليجية، حيث فتحت إستوديوهات دبي وعجمان أبوابها للنجوم المصريين، وكان من بينهم حسن حسني، الذي صوّر أعمالا كثيرة لا يذكر هو نفسه عددها، وعرضت في دول الخليج العربي بكثافة. وقتها أطلق عليه أصدقاؤه لقب "الممثل الطائر" نظرًا لكثرة تنقله بين استديوهات عجمان ودبي لأجل تصوير العديد من الأعمال الفنية.
مسرحية "ع الرصيف" ونجاح كبير بالمسرح
وفي منتصف الثمانينات عاد حسني للمسرح مجددًا بعد غياب في مسرحية "ع الرصيف" مع سهير البابلي والفنان الراحل حسن عابدين، والتي دعمت نجوميته لدى الجمهوري المصري والعربي وحققت نجاحًا كبيرًا في ذلك الوقت، ثم مسرحية "اعقل يا مجنون" عام 1985 مع الفنان محمد نجم.
فيلم الكرنك بداية دخوله لعالم السينما
وعن بدء دخوله لعالم السينما، كان بدور صغير في فيلم الكرنك مع المخرج علي بدرخان في عام 1975، وبعدها كان دوره في فيلم سواق الأتوبيس الذي أخرجه عاطف الطيب في عام 1982 وكان علامة فارقة في مسيرته الفنية، حيث لفت الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر بشكل مختلف.
5 جوائز على شخصية القرداتي بفيلم سارق الفرح
وشارك بعدها في عدة أفلام مثل البريء، البدروم، الهروب، وكان جميعهم مع المخرج الراحل عاطف الطيب، وعمل مع محمد خان في فيلم زوجة رجل مهم، ورضوان الكاشف في فيلم سارق الفرح، وجسّد فيه شخصية القرداتي، ونال عليها 5 جوائز، وقال في حوار سابق له عن هذا الفيلم: "لقد استمتعت بأداء هذا الدور الذي جسدت من خلاله شخصية قرداتى عاشق الفتاة الصغيرة التي تحلم بأن تكون راقصة، فيعزف لها على الرق، وعندما تحين لحظة امتلاكه لها يفارق الحياة، كانت شخصية مركبة المشاعر وصعبة الأداء، ولكنها ممتعة لي كممثل لصعوبة التعبير عنها".
جائزة أحسن ممثل
وفي مطلع التسعينات شارك حسني بمسرحية جوز ولوز وكان وقتها بسوريا ولبنان لعرض المسرحية، وفاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجات السينما الروائي بالقاهرة، متقدمًا فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة اللذين نافساه على الجائزة في ذلك العام.
قال عن نفسه "الجمهور عرفني على كبر"
وفي ذات العام 1993 فاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجان الإسكندرية السينمائي عن فيلم فارس المدينة، ليتنبه الجمهور والنقاد لموهبة حسن حسني، وكما قال هو عن نفسه أن الجمهور عرفه على كبر.
قالت عنه الناقدة إيريس نظمي: "هو فنان نجح في فرض نفسه بالموهبة، وأثبت أنه ليس بالنجومية وحدها يعيش الفنان، فبريق النجومية يزول بينما يبقى الفنان بقيمته".
الجوكر وقشاش السينما والمسرح
ومنذ منتصف التسعينات بدأت رحلة حسني في النجومية والمعرفة لدى قطاع كبير من الجماهير، وشارك بأفلام الشباب حتى لقبه البعض بـ جوكر الأفلام وتميمة الحظ، و"قشاش السينما والفيديو والمسرح".
مشاركتي بأفلام الشباب لتأمين تكاليف المعيشة
وقال حسني عن مشاركته بأفلام الشباب التي لاقت قبول البعض ورفض البعض الآخر، "أحب الكوميديا الخفيفة المعتمدة في الأداء على الموقف، وهذا أحد أسباب مشاركتي الشباب تلك الأفلام الكوميدية، أما السبب الآخر فهو رغبتي في تأمين تكاليف المعيشة، قد يلومني البعض على المشاركة في أعمال دون المستوى، ولكنني أريد تأمين نفسي ضد تقلبات الأيام".
وفاة بأزمة قلبية
وأختتم حسني مسيرته الفنية والحياتية صباح اليوم، حيث رحل عن عالمنا عن عمر يناهز الـ 89 عامًا، إثر أزمة قلبية مفاجأة، أدت إلى دخوله المستشفى مساء أمس، وظل على مدار الـ 24 ساعة داخل العناية المركزة حتى فارق الحياة في الساعات الأولى من صباح السبت.
تشييع جثمانه اليوم بحضور فنانين وجمهور بالكمامات
وشيعت جنازة الفنان من أمام مقابر أسرته بطريق الفيوم، وتم دفن الجثمان بحضور محبي الفنان الراحل، وبعض الفنانين منهم سعد الصغير ومحمد الصاوي ومنير مكرم، وظهر المشيعيون وهم يرتدون الكمامات.