سليمان شفيق
الكنيسة اسست مستشفيات بالقاهرة و بالاسكندرية والثالثة بنيروبي
1881 في يوم 8 ينايرعام اجتمع بمنزل عريان افندي مفتاح بالازبكية ثلاثين قبطيا ومعهم فضيلة الشيخ محمد عبدة ، وفضيلة الشيخ محمد النجار ، والشاعر عبدلله النديم ، واتفقوا علي تأسيس اول جمعية قبطية بأسم المساعي الخيرية القبطية ، والقي النديم خطبة في ذلك الاجتماع ، وانتخب المجتمعين بطرس باشا غالي رئيس لها، وبعد 25 سنه انضم للجمعية جرجس باشا انطون بنصيحة من الانبا كيرلس الخامس ، وتم تغيير اسم الجمعية الي الجمعية القبطية الكبري بالقاهرة ، وفي 1907 انتخب جرجس باشا رئيسا لها ، وتم تأسيس مستوصف خيري للجمعية الذي سميت فيما بعد بالمستشفي القبطي . وبلغت القيمة الإجمالية لنفقات البناء والتأسيس حوالي سبعين ألف جنية جمعت من تبرعات اعضاء الجمعية ، وقدم البابا كيرلس الخامس بالمساهمة بمنزل بحارة شق الثعبان في شارع كلوت بك
اقيم حفل كبير بالازبكية لافتتاح المستوصف ، الذي اشرف علية العديد من خيرة وكبار الأطباء والجراحين الأقباط في كل التخصصات الطبية المشهورين في هذا الوقت, وشكلت لجنة منهم تحت رعاية الجمعية لإدارة المستوصف الطبي الذي كان يرأسه ويشرف ابراهيم
بك منصور, بإجماع الأعضاء علي انتخابه, واعتبر أول مكان أهلي يقدم الخدمة الطبية لفئة من المصريين مجانا. وبعدها نقل المقر الي مكان المستشفي الحالي ، وتبرع الاعضاء ب 730 فدان لتصرف من ريعها علي علاج الفقراء .
1911 اتفق أعضاء الجمعية علي أن الحاجة ماسة لإنشاء أقسام مختلفة للجراحة والتمريض وغيرها .
بعد قيام الجمعية بإصلاح المنزل وإعداده إعدادا تاما, افتتح المستشفي القبطي الكبير في مقره الثاني من جديد في يوم 14 يونية عام 1913, وتم إسناد رئاسة قسم الجراحة العامة بالمستشفي إلي الدكتور حبيب خياط, وكان نائبه الدكتور إبراهيم المنياويمن 1913 وحتي عام 1926 ، قررت إدارة المستشفي بأ شراف جرجس باشا انظون انشاء قسم خاص للتمريض لتعليم الفتيات المصريات فن التمريض واصولة. وتولي الدكتور إبراهيم المنياوي مسئولية تدريس التمريض لفتيات الدفعة الاولي وكان ذلك اول تخريج لدفعة من الممرضات المصريات نقل المستوصف الطبي الحالي من مقره الصغير إلي مكان أوسع وكانت القاهرة وقتها بها مستشفيات عديدة متنوعة, مثل المستشفي الايطالي والفرنسي الذي اصبح الان مستشفي الطيران ، وحضر حفل الافتتاح كبار رجال الدولة المصرية الملك فؤاد , وولي عهد إثيوبيا, والأمير محمد علي, والأمير عمر طوسون, والزعيم سعد زغلول ، ومصطفي النحاس ومكرم عبيد .
كانت المستشفي تضم العديد من نواغ الطب ومنهم نجيب باشا محفوظ
طبيب النساء الشهير أول من أسس قسما لأمراض النساء والتوليدفي مصر والعالم, وقام بتوليد والدة الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي سماه والده فيما بعد علي اسم الطبيب اعترافا له بالجميل وإنقاذه لطفله الصغير, فضلا عن شهرته التي استمدها من توليد الملكة فريدة زوجة الملك فاروق, والجراح الكبير الدكتور إبراهيم فهمي المنياوي باشا, وأيضا وزير الصحة الأسبق الدكتور نجيب باشا إسكندر والدكتور إبراهيم بك منصور والدكتور نجيب باشا مقار أول من أنشأ قسما للمسالك البولية علي مستوي مصر, والدكتور شفيق شلبي, والدكتور اسكندر جرجاوي والدكتور ادورد المنقبادي وغيرهم من نوابغ الطب .. وكانوا يعالجون الجميع دون تفرقة ، وشيدت بالمستشفي كنيسة صغيرة وصيدلية لصرف العلاج بالمجان ، وغرف عمليات متطورة ، وقد تبرع قداسة البابا القديس كيرلس السادس بأنشاء كنيسة علي نفقتة الخاصة في المستشفي وافتتحها وقام بتدشينها في 10 مايو 1962 .
المستشفي القبطي اسم يطلق علي ثلاثة مستشفيات اثنين في القاهرة والاسكندرية والثالثة بالخارج ، والثلاثة اسستهم الكنيسة القبطية الارثوزكسية ،
بعد قيام ثورة يوليو اصدرت الحكومة المصرية في ستينيات القرن الماضي قرارا بأنشاء المؤسسة العلاجية التي تتبع وزارة الصحة ، وضمت لها المستشفي القبطي . وأصبحت تعمل بما هو متاح لها من إمكانيات ضعيفة لا تستطيع القيام بشكل مجاني ولكن بسعر اقل من المستشفيات الخاصة . كان المثال المصري الشهير محمود مختار1934 قد انجز تمثالا لجرجس باشا انطون ولازال موجودا في مدخل المستشفي .
أما المستشفي الآخر فيوجد بمدينة الإسكندرية, وتم تأميمه هو في ستينيات القرن الماضي, واستبعدت الكنيسة القبطية من إدارته أيضا, وحتي فترة أواخر السبعينيات كان يقوم بالتمريض ومتابعة المرضي بالمستشفي القبطي بالإسكندرية. 1942 تأسست فيه كنيسة صغيرة جدا خاصة بهن علي اسم العذراء في نفس الدور, كانت عبارة عن حجرة صغيرة تقام فيها والصلوات اليومية التي كن ملتزمات بأدائها يوميا.
وزار المستشفي القبطي بالاسكندرية البابا المتنيح كيرلس السادس في 10 مايو 1959.
* فرع آخر في كينيا
وهو المستشفي الثالث الذي تأسس عام 1994 في كينيا وزامبيا موجود أمام المركز الصيني بشارع نجونج في العاصمة الكينية نيروبي وافتتحه المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث, وانبثق هذا الصرح الطبي الكبير عن إنشاء أول كنيسة أرثوذكسية مصرية تأسست في افريقيا , في كينيا عام 1976 في عهد قداستة يعالج الاف المرضي
* مركز الرجاء الطبي
أهم ما يميز المستشفي هناك, فهو وجود مركز الرجاء الطبي لعلاج المصابين بمرض الإيدز hope Coptic Hospital, المنبثق عن المستشفي, والذي تأسس علي يد نيافة الأنبا بولس عام 2004, وتخصص المركز في علاج هذا المرض المنتشر في أفريقيا بكثافة, حيث يبلغ عدد المصابين به 27 مليونا منهم 25 مليون مصاب في أفريقيا, ويصل عدد المتوفين به نحو 15 مليون أفريقي سنويا, مما يتسبب في وجود عدد ضخم من الأيتام بعد موت آبائهم بهذا المرض, وعددهم حوالي 11 مليون يتيم, ولاقي المركز نجاحا كبيرا في جميع مراكزه المتعددة, ولشدة إقبال المرضي عليه افتتحت ثلاثة فروع جديدة, وتتم الخدمة الطبية علي يد أطباء متخصصين في علاج الأمراض المتوطنة في افريقيا كما توجد مجموعات المساندة الاجتماعية التي يتمثل دورها في عقد فريق من كبار الباحثين اجتماعات أسبوعية للعمل علي لتعزية المرضيوحل بعض مشاكلهم المادية الي جانب الاجتماعات الروحية إلي جانب الاجتماعات الروحية لمجموعات العمل.
ويتعاون مع المركز فريق طبي ونفسي متخصص من وزارة الصحة في كينيا, وبعض الوكالات الأجنبية الأخري . . الجدير بالذكر في هذا الإطار أنه مؤخرا نجح فريق طبي بالمستشفي في إجراء جراحة معقدة ودقيقة للغاية تعد هي الأولي في افريقيا كلها لإعادة زرع قدم مبتورة, إثر حادث أليم تعرض له صاحبها ، وقد قامت الكنيسة القبطية مؤخرا بتعميم الخدمة, وتفرع أنشطتها في معظم الدول الأفريقية, من خلال إنشاء عدة فروع للمستشفي القبطي بكينيا, وفي عدد من الدول الأفريقية الأخري, مثل زامبيا وتنزانيا والكونغو وغيرها.
تكريم عالمي لنشاط الكنيسة
حقق المستشفي سمعة طيبة في أفريقيا في وقت قياسي جدا, مماجعله هدفا لزيارة الشخصيات المهمة علي مستوي العالم, ففي نهاية مايو 2007 أقام الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش, حفلا كبيرا بالبيت الابيض , لدعم وتكريم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لحصول مركز الرجاء التابع للمستشفي القبطي في نيروبي عاصمة كينيا المركز الأول عالميا في علاج مرضي الإيدز وقد تعافي الكثيرون منه تماما, واستقبل الرئيس الأمريكي وقتها نيافة الأنبا بولس أسقف عام الكرازة بأفريقيا باعتباره مدير ومؤسس المستشفي, وعبر له عن تقديره للجهود العظيمة التي تبذلها الكنيسة القبطية في علاج المرض المستعصي في القارة الأفريقية, ومنح نيافته شهادة تقدير لان المستشفي حققت افضل نتائج علي مستوي العالم في الايدز آنذاك, وزاره أيضا أعضاء من الكونجرس الأمريكي,
وفي يوم الأربعاء 14 يناير عام 2015 قام وزير الخارجية حينذاك برفقة وزير الصناعة والتجارة منير فخري عبد النور بزيارة المستشفي في نيروبي, وكان في استقبال الوزيرين المصريين نيافة الأنبا بولس أسقف عام الكرازة ومعه طاقم العاملين بالمستشفي, حيث تفقدا المستشفي, وأوضح نيافة الأنبا بولس أن هذا المستشفي تم بناؤه منذ عام 1992تم توسيع المستشفي وتضاعف عدد المرضي الي الف مريض يوميا للعلاج من كافة التخصصات .
ويعمل بها حوالي 80 طبيب مصري ونحو خمسمائة طبيب كيني ونخبة من الممرضات المصريات والكينيات .
هكذا استطاعت الكنيسة علي مدي قرن ونصف القرن ان تقدم للشعب المصري والشعوب الافريقية الخدمات الروحية والانسانية للجميع بغض النظر عن الدين او اللون او العرق .
** مراجع الدراسة:
* أرشيف سجلات الجمعية الخيرية القبطية الكبري بالقاهرة
* مجلة الكرازة- أعداد ديسمبر عام 1960, مايو عام 2007
* مجلة آخر ساعة- عدد يونية عام 2013
وطني 2 فبراير 2019