كتب – روماني صبري
برع العالم البريطاني "آلان ماثيسون تورنج"، في علوم الحاسوب، الرياضيات، علم المنطق، التحليل، الشفرات، علم البيولوجيا النظرية، ما جعله ينجح في تطوير علوم الحواسيب النظرية، إذ أضاف الطابع الرسمي لمفاهيم الخوارزمية والحوسبة عبر ألته التي سميت آلة تورنج، والتي تعد نموذج لحاسوب يستخدم لأغراض عامة، اشتهر هذا العالم بـ "رائد علوم الحاسوب النظرية والذكاء الاصطناعي"، بعدما اندلعت الحرب العالمية الثانية ارتاد مدرسة الكود والشفرة الحكومية (GC & CS) في حديقة بلتشلي، مركز فك الشفرة البريطاني، وترأس لمدة كبيرة كوخ 8- هات8، وهو المعني بتحليل شفرات البحرية الألمانية، له ابتكارات كثيرة حول تقنيات فك الشفرات الألمانية، ومنها ما تعلق بتحسينات على طريقة البومبا البولندية من قبل الحرب وصنع آلة كهروميكانيكية حلت التشفير في إعدادات آلة الإنجما، كان له دورا كبيرا محوريا في فك الرسائل المشفرة المعترضة الأمر الذي مكن الحلفاء من هزيمة النازيين في العديد من الاشتباكات الحاسمة، بما في ذلك معركة الأطلسي، وبحسب الخبراء استطاع آلان تورنغ بسبب إسهاماته التي أتينا على ذكرها من تقليل فترة الحرب في القارة الأوروبية.
البداية
في الثالث والعشرون من يونيو عام 1912 ولد تورنغ في مايدا فالي، لندن، والده، يوليوس ماثيسون تورنغ، ووقت والدته كان والده في إجازة من منصبه مع الخدمة المدنية الهندية في شاترابور، مقاطعة بيهار وأوريسا، في الهند البريطانية آنذاك، كان جده رجل دين، القس جون روبرت تورنغ، من عائلة تجار اسكتلندية التي أقامت في هولندا، وشملت بارونيت، أمه كانت إثيل سارا ، ابنة إدوارد والر ستوني، كبير مهندسي السكك الحديدية، تسبب عمل يوليوس مع الخدمة المدنية الهندية في انتقال العائلة إلى الهند، إذ كان جده جنرالا في الجيش البنغالي، ومع ذلك، أراد كل من يوليوس وإثيل أن يلدا أولادهم في بريطانيا، لذلك انتقلا إلى مايدا فالي،شقيقه الأكبر جون (أب السير جون ديرموت تورنغ، البارونيت الثاني عشر من بارونيتات تورنغ)
مطور تصميم الحاسوب الأهم
بعد تخرجه التحق بجامعة برنستون من 1936 وحتى 1938 وعمل في مكتب البريطانيين الأجانب، في عام 1945 ألتحق بالمخبر الفيزيائي الوطني في لندن وعمل في المحرك الحاسوبي الآلي حيث طور التصميم الأهم والأساسي وكانت النشرات الموضحة للحاسوب في العصر الحديث آنذاك بشكل غير متوقع 4 كيلوبايت كحجم تخزين .
تورنج يطور محرك الحاسبات الآلي
بعدما انتهت الحرب، التحق تورنج في مختبر الفيزياء الوطني، ليصمم بعدها محرك الحاسبات الآلي، بين التصاميم الأولى لحاسوب البرنامج المخزن، وفي عام 1948 عمل في مختبر ماكس نيومان للحوسبة في جامعة مانشستر، حيث ساعد في تطوير حواسيب مانشستر، واهتم وقتها بعلم الأحياء الرياضي، وله مقالة عن الأساس الكيميائي للتشكّل الحيوي، وتوقع تفاعلات كيميائية متذبذبة مثل تفاعل بيلؤوسوف-جابوتينسكي، والتي لوحظت للمرة الأولى في عقد الستينات من القرن العشرين.
تورنج والأعداد الحوسبية
عام 1936 نشر حلقة بحث عن الأعداد الحوسبية ، وفيها تخيل لنموذج جدير بالملاحظة ولكن الملخص الجبار صنع من أجل عرض العمليات الحسابية الممكنة، وسمي هذا الجهاز الآن آلة تورنغ ويتكون من شرائط تخزين غير محدودة ورأس للقراءة والكتابة يتحكم بهِ عن طريق مجموعة محدودة من القواعد التي تستند إلى الحالة الداخلية الحالية للتحكم والقيمة لخلية الشريط الحالية .
وتجيء أهمية هذا النموذج في بساطته مقارنة بجهاز الحاسوب المعقد وبالرغم من ذلك فهو قادر على تنفيذ كل خوارزمية قابلة للتنفيذ بواسطة أي حاسوب متطور لذلك يمكن معرفة فيما إذا كانت هنالك عملية معينة قابلة للتنفيذ بواسطة الحاسوب أم لا عن طريق فحصها بواسطة آلة تورينغ وهذا ما يعرف باسم قابلية الحساب.
تورنج و نظريات الذكاء الصناعي
شهد عام 1948 تعيينه وكيلا إداريا للمختبر الحاسوبي في مانشستر حيث كان أول حاسوب إلكتروني- كولوسس- قابل للبرمجة وجاهز للعمل قد صنع، وعمل أيضا في نظريات الذكاء الصناعي وفي تطبيقات النظرية الرياضية للظواهر البيولوجية، ونجح في عام 1952 في طبع نشرة حول دراساته للمحاكاة ما يعرف بالتطوير لنموذج وشكل الكائن الحي المعاصر.
اعتقاله
تم اعتقاله بتهمة انتهاك منظومة قوانين المثلية الجنسية في عام 1952 ، فقرر الانتحار بمادة سيانيد البوتاسيوم السامة بعد سنتين أي في عام 1954، حيث كان ذو توجه مثلي الجنس عام 1952 اقر انه مارس الجنس مع رجل، وفي عصره اعتبرت المثلية الجنسية مرضا نفسيا خطيرا.