سليمان شفيق
هناك كثير من المصطلحات تذكر في صيام الاقباط المسيحيين مثل اسبوع الالام والجمعة العظيمة وسبت النور وقد سبق شرحها والكتابة عن العبادات والصيام بها ، واليوم نتوقف امام العشر الاواخر في رمضان وليلة القدر للاقباط المسلمين في شهر رمضان المعظم.
تعرّف العشر الأواخر من شهر رمضان، بحسب ما اصطلح عليه العلماء بأنّها: الأيام والليالي الواقعة ما بين ليلة الحادي والعشرين من رمضان إلى آخره؛ سواءً كانت عشرةً كاملةً، أو ناقصةً؛ باقتصارها على تسعٍ؛ إذ العبرة بإطلاق اللفظ على الغالب والتمام، وتُطلق العشرُ على الأيّام مع ليالها، قال الله -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ). وتبدأ العشر الأواخر من ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان بغض النظر أكان تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين. الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وردت عدّة أقوالٍ في تحديد الوقت الذي يبدأ به الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان، وبيان أقوالهم فيما يأتي: القول الأول: قال جمهور العلماء، ومنهم أئمة المذاهب الفقهيّة الأربعة بأنّ وقت الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان يبدأ منذ اليوم العشرين من الشهر قُبيل غروب شمسه؛ أي ليلة الحادي والعشرين، وقد استدلّ أصحاب هذا القول بما ورد في السنّة النبويّة، من حديث عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعتَكفُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ)، والعشر تبدأ بغروب شمس ليلة الحادي والعشرين، أمّا ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من أنّه دخل مُعتكَفه بعد صلاة الصبح، فمحمولٌ على استئناف الاعتكاف بعد قطعه لأداء صلاة الصبح، كما بيّن الإمام النووي -رحمه الله-. القول الثاني: قال كلٌّ من الليث، والثوري، والأوزاعي بأنّ الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان يبدأ بعد صلاة فجر اليوم الحادي والعشرين، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ.
فضل العشر الأواخر من رمضان تترتّب العديد من الفضائل على العشر الأواخر من رمضان، يُذكر منها: تحصيل عظيم الخيرات، والحسنات، والأجور، وفي ذلك اقتداءٌ بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حال النبي بالعشر الأواخر قائلةً: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، كما رُوي عنه أنّه كان يجتهد في شهر رمضان بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيره من الشهور، وتجدر الإشارة إلى أنّ إحياء النبي للعشر الأواخر لا يعني قيام الليلة كاملةً بالصلاة؛ إذ رُوي عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي لم يصلِّ ليلةً بكاملها حتى يصبح، فالإحياء لا يقتصر على الصلاة، بل قد يكون بعباداتٍ أخرى، كالذكر، وتلاوة القرآن، والصدقة، وغيرها. ثبوت سنّة الاعتكاف في ليلة القدر بالقرآن، والسنّة، والإجماع، وهي تُعدّ خيراً من ألف شهرٍ، ولم يُروَ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه ترك الاعتكاف في العشر إلّا إن كان خارجاً للجهاد في سبيل الله، وقد اعتكف الصحابة -رضي الله عنهم- معه، واعتكفوا بعده؛ اقتداءً به. عكوف القلوب على ربّها في تلك الليالي، وتعلّقها به؛ فالصيام يُحدِثُ أثراً طيباً في النفس، ويزكّيها، ويَصلُ بها إلى مراتب الكمال. فضل ليلة القدر سبب تسمية ليلة القدر ذُكرت عدّة أقوالٍ في بيان سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وبيان تلك الأقوال فيما يأتي: القول الأول: قِيل إنّ الله -تعالى- يكتب في ليلة القدر مقادير العام، وما سيجري فيه من الأحداث والوقائع؛ حكمةً منه -سبحانه-، وبياناً لإتقان صُنعه وخَلْقه. القول الثاني: قِيل إنّ المُراد بالقدر: الشرف، أو المكانة العظيمة، فيُقال: فلانٌ ذو قدرٍ؛ أي أنّه ذو مكانةٍ عظيمةٍ، فسميّت ليلة القدر بذلك؛ لأنّها ذات مكانةٍ ومنزلةٍ عظيمتَين، وكانت خيراً من ألف شهرٍ، قال الله -تعالى- في وصفها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ). القول الثالث: سُمِّيت ليلة القدر بذلك؛ للأجر العظيم الذي يتحصّل عليه المسلم بسبب قيام تلك الليلة، كما ثبت في صحيح الإمام البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، فأجر قيام ليلة القدر لا يعادله أجر قيام غيرها من الليالي، كليلة النصف من شعبان، أو النصف من رجب، كما أنّ أجر قيامها مُتحقّقٌ بمجرّد احتسابها دون اشتراط العلم بها. فضل ليلة القدر تترتّب على ليلة القدر العديد من الفضائل، وفيما يأتي بيان البعض منها: نزول القرآن الكريم فيها في مرحلةٍ من مراحل نزوله، فقد خصّ الله ليلة القدر المباركة بنزول القرآن الكريم فيها، والقرآن كتاب الله الذي يُحقّق الهداية للمسلم بالتمسّك به، وهو سبيل النجاة والسعادة في الآخرة، قال الله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ). القدر والمنزلة العظيمة لها عند الله، ويدلّ على ذلك أسلوب الاستفهام عنها؛ للدلالة على تعظيم قَدْرها وتفخيمها، في قول الله -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ). تقدير الأرزاق، والآجال فيها. تحقّق البركة والخير فيها، بالإضافة إلى نزول جبريل والملائكة، ممّا يحقّق السكينة والبركات فيها، كما جاء وصف تلك الليلة بالبركة، في قوله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ). تحقّق السلام والطمأنينة فيها، ودرء العقاب والعذاب عمَّن أقامها بالطاعة. غفران الذنوب والمعاصي. إدراك الخير كلّه بقيامها وفعل الطاعات فيها، إذ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ). تسمية إحدى سور القرآن بسورة القَدْر.
دعاء ليلة القدر
اللهم إنك عفو كريم حليم تحب العفو فاعف عنا".
ويضيف الفقهاء عن العشرة الاواخر
في هذه الليلة تقدر مقادير الخلائق على مدار العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والسعداء والأشقياء، والآجال والأرزاق، قال تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} (الدخان: 4)
وقد أخفى الله عز وجل علم تعييين يومها عن العباد؛ ليُكْثِروا من العبادة، ويجتهدوا في العمل، فيظهر من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها، ومن كان عاجزاً مفرطاً؛ فإن من حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقاه من تعب في سبيل الوصول إليه.
المراجع : "موقع موضوع "، وموقع "دار الافتاء"