كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص
ترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، طقوس عشية عيد القديس أثناسيوس الرسولي، وأورد المركز الإعلامي الأرثوذكسي نص ما قاله قداسته خلال العظة، وجاء :
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين تحل علينا نعمته ورحمته من الأن وإلى الأبد آمين.
وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ. (1تي3: 16)
هذا العبارات التي قالها القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس كثيرًا كان يتكلم عنها القديس أثناسيوس الرسولي نحن في هذه العشية نحتفل بتذكار القديس العظيم البابا أثناسيوس الرسولي البابا ال 20 في القرن الرابع الميلادي، ونحن في مزار القديس أثناسيوس الرسولي، عندما استلم البابا شنوده الثالث في شهر مايو 1973 جزء من رفات القديس البابا أثناسيوس من روما وكانت هذه أول زيارة يقوم بها بابا قبطي إلى الفاتيكان وكانت الزيارة يوم 10مايو 1973 وتقابل فيها مع البابا بولس السادس ومن هذا اليوم بدأت علاقات طيبة بين الكنيستين خاصتًا أن البابا شنوده وقع اتفاق ما بين الكنيستين وكانت البداية، وكان هناك قطيعة بين العالم الأرثوذكسي و العالم الكاثوليكي لمدة 15 قرن، العالم الأرثوذكسي يتكوم من جزئين الكنائس الأرثوذكسية اللا خلقدونية ومنهم كنيستنا و الكنائس الأرثوذكسية الخلقدونية مثل القسطنطينية واليونان وروسيا، سنة 1965 قام البطرك المسكوني من الكنائس الخلقدونية بأول زيارة أرثوذكسية للفاتيكان، ثم كنائسنا اللاخلقدونية نحن والسريان والأرمن والأحباش والأرترين والهنود قام البابا شنوده بزيارة سنة 1973 وهذا كان استكمال للعائلة الأرثوذكسية في زيارتها للفاتيكان وكانت هذه بدايات طيبة من أجل الحياة التي تمجد المسيح وفي هذا الوقت استلم البابا شنوده جزء من رفات القديس البابا أثناسيوس في وعاء على شكل كأس كبير والوعاء محفوظ في هذا المذبح ونحن نستخدمه كمذبح ولكنه مقر لرفات القديس البابا أثناسيوس ونستخدم اللوح المقدس، لكن في هذا الموضع أيضًا توجد مزارات ثلاثة من الأباء الأحباء المعاصرين المتنيح مثلث الرحمات الأنبا صموئيل أول أسقف للخدمات واستشهد سنة 1981 و المتنيح الأنبا غريغوريوس وتنيح سنة 2000 وكان أول أسقف للدراسات القبطية والبحث العلمي وأيضًا المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم أحد الأباء الكهنة في القاهرة وكان قامة روحية كبيرة وكان قريب للبابا شنوده في خدمته ورسامته وفي الأعترافات والثلاث آباء مدفونين في هذا الموضع ثم المزار الرئيسي هو مزار القديس أثناسيوس الرسولي.
لمصر الحق أن تفتخر أنه ظهر على أرضها القديس أثناسيوس الرسولي، هو القامة الأولى في الشرق المسيحي وكانوا يطلقوا علية بطريرك الشرق من عظمته ولنعيش في زمنه نذكر مجموعة من التواريخ مسلسلة :
سنة 284: قبل ميلاد القديس ومعنا اسم أثناسيوس " الخالد" كانت بداية حكم دقلديانوس وبداية التقويم القبطي وبداية سنة الشهداء ودقلديانوس اكثر شخص في التاريخ اضطهد المسيحية آباءنا اختاروا تاريخ بداية حكمه ليكون بداية للتقويم القبطي.
297: ولد القديس أثناسيوس في الصعيد وبعض المصادر تقول أن أبوه كان كاهن وأنتقلت أسرته من الصعيد إلى الإسكندرية ربما للتعليم أو للرزق وفي الإسكندرية أخذ قدر كافي من التربية الأسرية.
303: رسم البابا بطرس الأول البابا ال 17 خاتم الشهداء وبعده البابا أرشيلاوس ظل شهور قليلة ثم جاء البابا اليكسندروس وكان شيخًا كبيرًا وكان في عصره أثناسيوس طفل.
311: استشهد البابا بطرس خاتم الشهداء في الإسكندرية.
312: رسم القديس أثناسيوس شماس وكان لديه 15 عام تقريبًا وكان صاحب نبوغ مبكر .
313: صدر مرسوم ميلان الذي سمح للمسيحية أن تكون ديانة معترف بها في الأمبراطورية الرومانية وكان منشور عالمي وكان له تأثير وصارت المسيحية لا تُضطهد وأصبح أثناسيوسفي سن ال 17 تقريبًا وزار البرية، وفي نفس الوقت ظهر كاهن في مدينة الإسكندرية وكان عمره 60 عام وكان معجب بنفسه ولديه كثير من المواهب وبدأ يعلم تعليم أول مرة يُسمع في المسيحية أن المسيح ليس إله واستخدم موهبة الشعر والفصاحة والخطابة والوعظ لنشر هذا الكلام. يظهر البابا الكسندروس ويرى أثناسيوس ويأخذه ويصير تلميذ للبابا، وذهب أثناسيوس للبرية وشاهد القديس الأنبا أنطونيوس الذي كتب سيرته وتعلم نسكيات البرية وشبع من البرية.
325: كانت الأمور ملتهبه في الحقول الكنسية وفي المسيحية بسبب أريوس وما سببه من أنشقاق والتاريخ يقول أن السيد المسيح ظهر بثوب ممزق للبابا بطرس خاتم الشهداء وكان هذا أريوس من مزق ثوبه، وأقيم مجمع نيقية وكان أول مجمع مسكوني في العالم كله جمع أساقفة وبطاركة وكهنة وشمامسة وإذا اعتبرنا أن مجمع الرسل هو النموذج وكان مجمع نيقية مجمع كنسي، وكان الأمبراطور قسطنطين يريد حفظ سلام الأمبراطورية فجمع المجمع ليتفقوا هل أريوس مخطئ أو لا.
328: تنيح البابا اليكسندروس وكان شيخًا وقورًا وتنيح بعد المجمع بسنوات قليلة وأثناسيوس ظهر نبوغه في المجمع ورسم كاهن وفي عمر 30 عام أختير البابا البطريرك رقم 20 في تاريخ باباوات الإسكندرية والله اعطاه العمر الطويل و صار بطريركًا 47 سنة وكان بها متاعب كثيرة ولكن كان بها انجازات عظيمة.
330:أقام البابا أثناسيوس أسقفًا لأثيوبيا أنبا سلامة "فرومنتيوس" وصار أنبا سلامة أول أسقف في أثيوبيا وصارت من هذا التاريخ أثيوبيا تابعة للكنيسة القبطية.
377: كانت نياحة البابا أثناسيوس في الإسكندرية ومن 47 سنة الذي قداهم على الكرسي كان منهم 17 سنة في النفي.
سوف نتكلم عن خمس مشاهد في حياة البابا أثناسيوس الرسولي وهو الوحيد الذي أخذ هذا اللقب لأن جهاده كان جهادًا كبيرًا وعاش طويلًا وحفظ الإيمان المستقيم، الخمسة مشاهد كان لهم تأثير في حياة البابا أثناسيوس الرسولي:
1- البيت: كان القديس أثناسيوس قد أخذ حصيلة من أسرته وظهرت هذه الحصيلة عندما اكتشفه البابا اليكسندروس وهو يلعب مع أصدقائه على شاطئ الإسكندرية، والبابا اليكسندروس كانت اقامته في الكنيسة المرقسية "بوكاليا" وكان شاطئ البحر قريب من الكنيسة وشاهد أطفال يلعبوا وكان أحد الأطفال يلعب دور أبونا ويلعبوا لعبة المعمودية ولحظوا البابا اليكسندروس وكانت عينه ثاقبه ومن هذه اللحظة اخذه ورعاه، وهذه رسالة كيف نرعى أطفالنا وكيف نكتشفهم مبكرًا، وعندما أصبح أثناسيوس في حضرة البابا وكان تلميذ صغير تعلم منه ودفعه البابا للبرية وصار مساعد للبابا ثم صار البابا رقم 20 وتفوق البابا أثناسيوس.
2- الكنيسة : تلقى تعليمًا كنسيًا وعاش في روح الكنيسة ومجدها وعقيدتها وتراثها واصالتها وكان لديه تعبير مهم جدًا "لا للفردية نعم للجماعية" "الجماعية لا تصلح إلا باعضاء اشداء محبين" "المؤمن نغمة في نوته موسيقية تشكل أجمل الحان الأبدية" وكما قال بعض القديسين الإنسان يكون "أنسان الاليلويا" تصير حياته تهليل وفرح، وقبل أن يصير القديس أثناسيوس بطريرك وضع لنا كتابين من أكبر الكتب، كتاب "تجسد الكلمة" ويردد في هذا الكتاب هذه الآيه " وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ"،يكررها ويشرحها ويربطها بسائر الآيات الأخرى، والكتاب الثاني" رد على الوثنين"، وعندما صار بطريركًا أهتم بتنظيم الحياة الرعوية وبدأ ما يسمى بالأفتقاد وكانت بدايته قوية ومرتبطة بحياة الكنيسة وكان يؤمن بعمل الكنيسة الجماعي وعاش بهذه الفكرة وهو أول من رسم الأساقفة من بين الرهبان وهذا من أجل تنظيم الرعاية وهو أول من اعد الميرون المقدس وأهتم بتدشين الكنيسة في المدينة المرمرية في آثار دير مارمينا وكانت في احتفال عظيم، وكانت ملامح حياته ملامح كنسية وأهتم بالعمل الرعوي.
3- البرية: عاش بتول وذهب للبرية وظل بها ثلاث سنوات تقريبًا وتعرف على القديس أنطونيوس أب جميع الرهبان وكان يفتخر في عظاته "أنه صب الماء على يد أنطونيوس" وهى علامة فخر، عندما تم نفيه إلى ترير على الحدود الألمانية أستغل وقت النفي وكتب سيرة القديس أنطونيوس وكان هذا الكتاب بداية نشأة الحياة الرهبانية في اوروبا و انتشرت في العالم كله وأن هذا الكتاب كان سبب توبة القديس أغسطينوس وصار قديسًا، البرية تعيش داخل الإنسان بنسكها و رؤية اباطيل العالم وتظل داخل الإنسان في حياته وخدمته.
4- المجمع: وهذا سبب شهرة أثناسيوس وكان مع البابا اليكسندروس ولكن كان إنسان يقظ وتكلم كثيرًا عن شموخ اللاهوت وكمال الناسوت ومن أقواله " لو لم يكن جسدًا ما قمطته مريم العذراء ولكونه إله فإن الرعاة والمجوس سجدوا له"، وتكلم كثيرًا وتعرض لمتاعب كثيرة وكان يقول أن حجر الزاوية في إيماننا هو هذه الآية " وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" وبسبب دفاعه ضد أريوس واتباعة أطلقوا عليه (أسقف الأساقفة ومنارة فارس وحامي الإيمان القويم و عين العالم المقدسة وعمود الإيمان والصوت العالي للحق و رسول المسيح الجديد وحكيم الكنائس وصموئيل الكنيسة) واعدائه اسموه (الزعيم المشاغب، البغيض أثناسيوس، الساحر القوي، الثائر المتأمر المفتون) لكن كانت قوته يسندها محبتة للمسيح التي تأصلت فيه منذ شبابه وكان اسمه ومازال مرادف للقوة والعقيدة وللإيمان ومن العبارات الرائعة "ليست الكلمات هى التي تصنع الأتقياء بل النفس المستقيمة والحياة المقدسة" وقال أيضًا "اليقظة ممدوحه، والتقشف مقدس، وإذا حافظ عليهما إنسان انقذ سفينة حياته وقادها دون مشقة إلى ميناء مدينة القديسين" وبعد المجمع صار بطريركًا وبدأ خدمته الواسعة في الكنيسة.
5- المنفى: نفي 5 مرات واحدة خارج مصر والباقي داخل مصر وفي كل هذا كان عندما يعود يعود بروح الأنتصار ويلتف حوله الشعب وبرغم أن الشعب كان يتعرض لآلامات كثيرة لكن القديس أثناسيوس وشعبه كانوا أمناء في حياتهم للمسيح كان يقول "التواضع هو الحارس والحافظ لجميع اثمارنا " وعاش دون أن يحمل إي بغضة للأخرين وكان يتكلم بدقة شديدة وكان يقول "محبة المسيح تحصرنا " وكانت شخصيته في المسيح شخصية قوية وعلاقته علاقة قوية وهذا ما كان يعطيه القوة الحقيقية التي عاش بها، اصالته وأبوته وإيمانياته، أثناسيوس كان راعى وكان أب عندما دُعي لمشكلة أريوس تكلم فيها ولكن البعد الأكبر من حياته كان راعيًا 47 سنة كان راعيًا وحفظ الأمانة بصورة قوية وصار لنا تاريخ مجيد وكما قلت لمصر الحق أن تفتخر أن أثناسيوس الرسولي ولد على أرضها وصار البطريرك رقم 20 في التاريخ الحارس والحامي للإيمان، ولأنه كان يتكلم باللغة اليونانية قالت الكنائس اليونانية أنه ينتسب لنا و أنه ليس مصريًا ولكنه كان يتكلم باللغة السائدة في هذا الوقت اليونانية وأيضا باللغة القبطية ، وأحد كرادلة الغرب قال هذه العبارة الجميلة " هذا الرجل العظيم طبع الكنيسة بطابعًا لا يمحو الدهر " سيرته تدرس في كل مكان، و قيل عنه "أن وجدت كتابًا لأثناسيوس ليس معك ورق فانسخه واكتبه على قميصك" و عبر عنه القديس غريغوريوس النزيانزي " عندما امدح أثناسيوس فإنني أمدح الفضيلة" هذا هو أثناسيوس العظيم في الخمس مشاهد وهذه القامة الروحية الجميلة التي نحتفل بها اليوم ضمن احتفالنا في شهر مايو بالقديسين الأسبوع الماضي كان الاحتفال بالقديس مارمرقس واليوم القديس أثناسيوس والأسبوع القادم القديسة دميانة والقديس الأنبا باخوميوس وكثير من القديسين الذين نحتفل بهم هذا الشهر. يباركنا مسيحنا بكل بركة روحية ويعطينا أن ننفع بصلواته وبحياة هذا القديس العظيم. لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.