ماجد سوس
تخرجت من كلية القانون "الحقوق" - جامعة الإسكندرية بتقدير جيد وحين استلمت درجاتي إكتشفت أن الكلية أعطتني مقبول في أكثر مادتين أجبت فيهما إجابات نموذجية وهم بالنسبة لطلبة الكلية من أسهل المواد وهما القانون التِجاري والقانون الدولي الخاص وما أذهلني حينها أن من كان يدرسني القانون الدولي هو الأستاذ الدكتور هشام صادق فكانت صدمتي كبيرة جدا كيف لهذا الرجل أن يظلمني ..
بعد سنوات قامت ثورة يناير وإقتحم الثوار مباني أمن الدولة وبدأوا في نشر بعض المستندات التي وجودها هنا وكانت الصدمة رغم انها كانت لنا مجرد تكهنات لقد وجدوا مستندات تؤكد تلاعب الجهاز في نتائج كليات الحقوق حتى لا يتبوأ الأقباط وبعض ممن لايرغبون فيهم المناصب النيابية والقضائية والجامعية وأصبح دخول هذه الجهات لإقباط إما بالواسطة الشديدة وإما أن يكون والدك في السلك القضائي .. حزنت جدا مما فعلته مصر في أولادها وتحطم الحلم في بداية حياتي.
قدمت في النيابة الادارية ودخلنا ثلاث زملاء لنمتحن شفاهة امام لجنة من اعلى ثلاث رئيس النيابة الادارية ورئيس المحكمة الادارية ومستشار اخر، اجبت اجابات نموذجية حتى ان زملائي قاموا بتهنئتي بالتعيين . قبل انصرافي سلمت على الموظف الذي كان ينظم دخول الممتحنين واتذكر اسمه "موريس" الذي قال لي لا تتعشم يابني يوجد قبطي نجل مستشار هو فقط من سيتم تعينه ، انفعلت على الرجل وقلت له وانا سأعين لقد أبهرتهم بإجاباتي فضحك ثم توقف عن الكلام ربما حزناً عليّ.
عملت عشر سنوات في المحاماة وكانت أشهر قضية أمام مجلس الدولة باشرتها لطالب متفوق من كلية طب الأسنان حصل على امتياز في كل سنوات الدراسة وحين تخرج وعرفت الجامعة ديانته أعلنت أنها لا ترغب في تعيين معيدين هذا العام وبعد عام طلبت الجامعة معيدين من آخر ثلاث سنوات فأخذوا من السنة الحالية وتركوا سنة الطالب وأخذوا من السنة السابقة رغم أن درجاته أعلى.
كنت في ذلك الوقت أحب التدريس جدا وبدأت في تدريس طلاب كلية الحقوق القانون المدني وطلاب كلية التجارة القانون التجاري. بجانب حبي وشغفي لدراسة الكتاب المقدس فأنشأت مركز في عام ١٩٩١لتدريس الكتاب المقدس واستخدمت فيه طرق دراسية شيقة للشباب .
حين هاجرت للولايات المتحدة كنت مابين خيارين إما أدرس القانون وإما أتجه للتدريس في البداية تدربت في مكتب للمحاماة في لوس أنجلوس لمدة عام كان الأمر صعب فاللغة القانونية الإنجليزية ليست سهلة وأيضاً قال لي صاحب المكتب ضاحكا أنت لا تصلح للمحاماة لأنك لا تحب الكذب الأبيض فالخطاب الذي لا يأخذ خمس دقائق مجهز مسبقا على الكمبيوتر مطلوب أن أقل للموكل أنه أخذ وقتا !!
تعبت كغيري من الذين أتوا ليتغربوا وعملت في مطاعم ومحطات بنزين وفنادق وكنت اقوم بتوزيع الصحف طوال الليل وكانت دموعي تتساقط كثيرا كلما تذكرت الظلم الذي يطيح بأحلام الشباب بل والاطفال في مصر وتذكرت انني وانا طفل في اعدادي وكنت في فريق الكشافة المدرسية وكان الدور عليّ لأكون قائداً للكشافة ، جاءني صديق مسلم وقال لي ان المدرس المشرف على الكشافة قال لهم كيف لنصراني يكون قائداً للكشافة فتخطوني في الترقية تخيلوا معي طفل يقال له هذا
منذ عدة سنوات وبترتيب إلهي عجيب سمعت شخصان يتحدثان بصوت عالي احدهما يرفض أن يسافر لهاواي ليقوم بالتدريس هناك فقاطعتهما وقلت أنني مستعد للسفر والتدريس هناك وبعد مثابرة ومقابلات كثيرة سافرت هناك وعملت في التدريس.
عدت إلى كاليفورنيا وعينت أستاذ مساعد في إحدى معاهد اللغات الحكومية وهناك تدربت كثيرا جدا على التدريس وطرقه . كان حلمي الحصول على الماجستير والماجستير هنا من عشر إلى إثنى عشر مادة كل مادة شهرين وفي كل مادة مطلوب ثمانية أبحاث . بمعنى أنني قدمت ثمانين بحثاً حتى أحصل على الماجستير . موضوع الماجستير التدريس ووضع المناهج.
أول شيء سأفعله بإذن الله محاولة وضع منهج دراسي للكتاب المقدس للشباب ..
الشكر أولا وأخيرا لله الذي سندني وقواني وأعان ضعفي وبالطبع زوجتي وأصدقائي الذين شجعوني ووقفوا بجانبي
كنت أتمنى أن يشاركني أبي رحمه الله هذا النجاح وخاصة أنه كان يشجعني جدا على النجاح في هذا المجال لكني أثق أنه معي بروحه ولا أنسى أمي القديسة التي تحتويني بصلواتها وقد أنهيت دراستي في يوم عيد الأم .. شكر خاص لكل من هنأني ،. طالبا صلواتكم ودعواتكم - ماجد ١٢ مايو ٢٠٢٠