الأب جون رومانيدس
من كتاب (الخطيئة الجدية) دار نشر بورناراس تسالونيكى عام2010ص 26 –31
نقلها الى العربية الأب اثناسيوس حنين
يوجد فى الشخصية الانسانية مركزان يقابلان قلبين ’ القلب الاول المعروف بانه الذى يجرى فيه الدم لكى يحيا الجسد والتى اكتشفها العلماء الروس فى العمود الفقرى والتى يسرى فيها السائل الدماغى والذى بدروه يغذى الجهاز العصبى والذى يصل الى الدماغ .وبينما يوجه الدماغ الانسان الى ما يحيط به من أشياء ’ يقوم القلب بتوجيه الانسان الى الله . وما السقوط ’ سقوط كل انسان ’ الا فقدان الهارومونيا أى الانسجام بين الدماغ والقلب ودخول الصراع الى الكيان الانسانى والذى أدى بدوره الى فقدان مجد الله ومعرفة الخطيئة "الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله" رومية 3
:23 .وبسبب من فقدان مجد ( الذوكسا)الله والذى هو التأله وشركة الانسان فى الله " أظلم قلبهم الغبى " وهنا " أسلمهم الله فى شهوات قلوبهم " رومية 1 "24 .كانت نتيجة الفجوة التى نشأت بين القلب وشركة مجد الله هى الموت الروحى والذى يسبق الموت الجسدى.فى التجسد عادت الشركة فى مجد الله من خلال جسد المسيح شريك المجد الالهى ’ وهنا استطاع المتألهون القلوب والعقول أن يصيروا احرارا من الاوجاع أى اوجاع الموت الذى دخل الى العالم وأحضر معه الفساد. وتمكن من سهروا وواظبوا على معاينة المسيح الابن ومن خلاله مجد الله الأب فى الروح القدس ’
تمكنوا من أن يغلبوا حتى أوجاع الجسد الشرعية ’ وليس فقط الأثمة ’مثل النوم والتعب والجوع والعطش مثل ما حدث مع موسى النبى فى القديم وبولس الرسول فى الجديد وغيرهم من القديسين الذى غلبوا اوجاع الجسد الطيبة والشرعية بالنسك والسهر والقرأة والحب والاخلاء والتواضع والعلم الروحى واللاهوتى والذين يزينون تاريخ الكنيسة . ومنهم القديس سمعان العمودى والذى كان ينام فى الشتاء ويتغطى بالثلوج .تشكل عطية التأله عطية مؤقتة ’ أى عطية اللافساد ’وهى عربون مذاقة وخبرة القيامة الأخيرة وحياة عدم الفساد.وهكذا فأن حياة الجسد المائت ’ حسب الكتاب المقدس
’ تشير الى مرحلة المجد الذى يحياه الانسان قبل الموت الجسدى "ما أحياه (الأن فى المجد) أحياه فى المسيح ( فى شركة كيانية ) الذى أحبنى وأسلم ذاته لاجلى"غلاطية 2 :20 . وهكذا فان اعضاء جسد المسيح والذين سيعاينون ويعاصرون القيامة المنتظرة ’ أى القيامة العامة ’ سوف يتغيرون ويلبسون عدم الفساد والخلود دون ان يعبروا على الموت الجسدى وهذا هو السر الذى كشفه المتأله العقل والقلب بولس للكورنثيين "وهذا سر اقوله لكم ’ لا نرقد كلنا ولكن كلنا نتغير فى لحظة فى طرفة عين عند البوق الاخير فانه سيبوق البوق فيقام الاموات عديمى فساد ونحن نتغير لان هذا
الفاسد لابد ان يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت’ فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت الى غلبة .اين شوكتك يا موت واين غلبتك يا هاوية .......ولكن شكرا لله الذى يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح (أى بشركتنا الكيانية فى ناسوت المسيح المتحد باللاهوت) "1كورنثوس 15 :51 -55 .هنا نفهم لماذا فقط المتألهون والقديسون يتركون لنا "رفات عديمة الفساد" وصانعة عجائب .يشكل ما سبق اساس وحجر زاوية التفسير الابائى لمأساة سقوط الانسان الاول . أن واقعية التأله وشركة الطبيعة الالهية هى هبة حسب بطرس "كما أن قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذى دعانا بالمجد والفضيلة اللذين بهما قد وهبت لنا المواعيد العظمى والثمينة لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية " 2 بطرس 1 :3-5 . ونحن لا نقبل التفسير الغير كتابى ولا تراثى ولا ابائى والخيالى الذى يتناول قضية السقوط والفداء. ان خبرة التأله فى المسيح فى كل
العصور تشكل مفتاح التفسير المستقيم منذ ابائنا الاولين الى اليوم .التأله هو ان نتمجد فى المسيح "فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتألم معه لكى نتمجد معه " رومية 8 :17 . هذا معناه الحرية من عبودية الخليقة والعودة الى اخضاعها حسب الوصية الاولى"وباركهم الله وقال لهم اثمروا واملاؤا الارض واخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء ..." تكوين 1 :28 .ان اظلام القلب وافكار العقل يشكل العبودية للخليقة وفقدان بركة ومسئولية السيطرة عليها .وهذا أدى الى ظهور الاوجاع والتى حملها بارادته كلمة الله بالتأنس
والتجسد وذلك لتحرير الناس من هذا الاوجاع .هنا يعمل الروح القدس فى الانسان الباطن للانسان لكى ما تتحول هذه الاوجاع الساقطة الى اوجاع قائمة ويحول حب المصالح الى حب المصالحة . الناس العائشون فى حالة السقوط وعبودية الاوجاع " يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء وابدلوا مجد الله الذى لا يفنى بشبه صورة الانسان (عبادة الاشخاص) والاشياء الذى يفنى والطيور والزحافات (عبادة اصنام جديدة)" والنتيجة " اسلمهم الله (والأدق اسلموا انفسهم ) فى شهوات (اوجاع)قلوبهم الى النجاسة .لاهانة اجسادهم ...الذين استبدلوا حق الله بالكذب .." رومية 1 :21 .الانسان الذى
يجهل او يتجاهل مرض قلبه يحول الله الى شبه مرض قلبه وهنا حب المصالح. وهنا لا يرى الله شافيا لمرضه بل يرى الله محققا لرغبات قلبه المريض وسعادته فى هذا العالم .ان شفاء الانسان هو تطهير القلب من كل افكار العقل الصالحة والطالحة وتحجيمها فى الدماغ لكى ما يسمح لروح الله ان يحمل الصلوات والتنهدات والمزامير من الدماغ الى روح وكيان الانسان أى فى الانسان الباطن أى داخل القلب . هذا هو معنى ان "اصلى بالروح واصلى بالذهن ايضا" 1كورنثوس 14 :15 .هذا هو معنى "الميطانيا" والتى بها يتم ابطال الاوجاع لكى تقود النفس الى التأله وشركة المجد .التأله هو القضاء على الاوجاع الصالح منها والطالح وبنيان الانسان الجديد. الانسان لا يعيش وحده بل هو عضو فى جسد المسيح وهيكل
للروح القدس . وأعضاء جسد المسيح ليسوا متفرجون بل مشاركون حيث يضعهم الله " لان الله وضع اناسا فى الكنيسة اولا رسلا ثانيا انبياء ثالثا معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء اعوانا تجابير انواع السنة" 1كورنثوس 12 :28 .الرسل والانبياء هو الذين يعاينون مجد المسيح ’ والجميع فى شركة بحيث " ان كان عضو واحد يكرم فجميع الاعضاء تفرح معه " 1كورنثوس 12 :27 وهنا يتمجد بمعنى يتأله ويتقدس ويعاين مجد المسيح أى انها حالة ابوكالبسيس (ابو غلامسيس دائم). أنه السر الذى انكشف لبولس باعلان " انه باعلان عرفنى السر الذى فى اجيال اخر لم يعرف به بنو البشر قد اعلنه لرسله القديسين وانبيائه بالروح " افسس 3 :4 و 5 . أما باقى أعضاء الكنيسة جسد المسيح فهم حسب كلام بولس الى الكورنثيين والينا هم المستنيرون الذين وصلوا الى التاله . أخر المواهب هى التكلم بالسنة " ألعل الجميع يتكلمون بألسنة" 1كورنثوس 14 ’على أن تكون الالسنة مشتركة بين اعضاء الكنيسة . بولس يحسب نفسه من اوائل الرسل نجده يقول "اشكر الله انى اتكلم بالسنة اكثر من جميعكم ".ان يطلب الى اخوته ان يكون لكل واحد مزمور ’ هذا معناه أن الصلاة كانت بالمزامير العهد القديم التى يفهمها المصلى ولا علاقة لها بتلك الظواهر والتمتمات التى بلا معنى السائدة عند البروتستانت واللاتين وبعض الارثوذكس فى امريكا .