الأقباط متحدون | الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٥٤ | الثلاثاء ١٠ ابريل ٢٠١٢ | ٢ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية

الثلاثاء ١٠ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم :  عبدالخالق حسين 

 
استلمت قبل يومين رسالة من أصدقاء كورد عاشوا في بغداد، أباً عن جد، تضمنت تقريراً جاء فيه: « فوج (9 بدر) يمهل الأكراد الموجودين في بغداد والمناطق العربية اسبوعا للمغادرة الى اقليم البارزاني- كرستان». وتابع: «ان أمام الاكراد اسبوعا واحدا للمغادرة اعتبارا من يوم 4/4/2012، وبخلاف ذلك سنعلن حمل السلاح ضد بارزاني ومن معه، وقد اعذر من انذر.» وصاحب البيان هذا هو الشيخ عباس المحداوي، واسمه الحركي (أبو عبدالله المحمداوي)، رئيس ما يسمى بـ (تحالف ابناء العراق الغيارى)، وهو تجمع عشائري، يجمع عشائر عربية من مختلف مناطق العراق. (1)
 
لم أصدق الخبر في أول الأمر، لأنه من نوع اللامعقول أو السريالزم، واعتبرته كذبة نيسان! فأجبت على رسائل الأصدقاء أن هذا التقرير لا بد وأن يكون واحداً من تلك التقارير التي يفبركها أعداء العراق، ففي هذا الزمن الرديء اختلط علينا الحابل بالنابل، وصار من الصعوبة التمييز بين الغث والسمين، وبين الحقيقي والمزيف. ولكن بعد يوم، ويا للهول، تبين أن الخبر صحيح. 
 
تفيد الحكمة: "يفعل الجاهل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه". والسيد عباس المحمداوي قدم مثالاً عملياً على صحة هذه الحكمة. فدعوته قدمت خدمة لا تقدر إلى أعداء العراق الذين يتربصون به شراً، ويعملون ليل نهار على تمزيق لحمته الوطنية، الممزقة أصلاً، وإفشال التجربة الديمقراطية الوليدة، وكأن العراق لا تكفيه الصراعات الطائفية والتطهير الطائفي، فيحتاج إلى صراعات عرقية وتطهير عرقي.

ففي بغداد العاصمة وحدها يعيش أكثر من مليون ونصف المليون مواطن عراقي من أصول كوردية، يعني أكثر من سكان أية مدينة في كوردستان، وصاروا جزءً لا يتجزأ من نسيج المجتمع البغدادي ولأجيال عديدة، بل وحتى نسي بعضهم لغته الكوردية، ويصعب التمييز بين الكوردي وغيره من سكان بغداد والمناطق ذات الغالبية العربية الأخرى. 
 
لم يوضح لنا الشيخ المحمداوي، عن مذهب الأكراد الذين يريد ترحيلهم من بغداد والمناطق ذات الغالبية العربية، هل هذا التطهير يشمل جميع الأكراد، سنة وشيعة، أم الأكراد السنة فقط؟. وفي هذه الحالة ما الفرق بين الشيخ المحداوي وصدام حسين الذي هجَّر مئات الألوف من الكورد الفيلية (الشيعة) لأسباب عرقية وطائفية؟ ألا يدل هذا أن الشيخ يتبع سياسة صدام حسين الفاشية؟
  
لقد ساهم الكورد في النضال الوطني مع أخوتهم العرب وغيرهم من مختلف الأثنيات، وقادوا أحزاباً سياسية وطنية تضم أعضاء من كل مكونات الشعب العراقي، ضد الاستعمار، وقدموا التضحيات الجسام، وأغنوا الثقافة العراقية في جميع المجالات، العلوم والآداب والفنون التشكيلية، والفنون الأخرى مثل الشعر والموسيقى والغناء...الخ وهناك أسماء كردية لامعة معروفة في هذه المجالات. ليأتي اليوم عباس المحمداوي، لينتقم من شريحة واسعة من أبناء شعبنا لأنه ضد تصريحات السيد مسعود البارزاني الأخيرة.

فإذا كنا نختلف مع البارزاني في تصريحاته، فيمكن مواجهته بالأساليب الديمقراطية الحضارية، حيث حرية التعبير متاحة للجميع، وليس بإثارة الفتنة العنصرية والدعوة إلى التطهير العرقي، والانتقام من الأبرياء لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى قومية السيد بارزاني. فإذا أراد الشيخ المحمداوي أن يغيض البارزاني بهذه التصريحات العقيمة الضارة، فإنه قدم خدمة لا تقدر له، لأنه دفع حتى المخالفين لدعوات البارزاني من الكورد إلى الوقوف بصفه.
 
لا أعتقد أن هناك أي عاقل يأخذ تصريحات المحمداوي محمل الجد، وهي ليست أكثر من عاصفة في فنجان، ولكن تأثيرها الإعلامي والتحريضي سيكون مدمراً على الوحدة الوطنية العراقية، وعلى سمعة الكتلة السياسية التي تدعي هذه الجماعة الانتماء إليها (التحالف الوطني). فمن الآن نشر خصوم المالكي الخبر بمانشيت: (ميليشيا مقربة من المالكي تمهل أكراد بغداد والمناطق العربية اسبوعاً لمغادرة منازلهم و الذهاب الى كردستان). 
 
أعتقد، أن المحمداوي وأمثاله هم البلاء الأكبر على العراق، فبيانهم سيئ الصيت هذا هو دعوة صريحة للتطهير العرقي بكل معنى الكلمة، دون أي تأويل. وهو مخالف للدستور الذي نص في مادته السابعة، أولاً: "يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، ....الخ".
 
والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل المحمداوي وأمثاله من خالقي المشاكل، هم فعلاً مخلصون للعراق الجديد، وتصرفاتهم هذه هي مجرد اجتهادات خاطئة ولكنها ناتجة عن نوايا حسنة؟ 
 
أليس من حقنا أن نضع عليه علامة استفهام فيما إذا كان هو أحد المخترقين للعملية السياسية؟ أنقل أدناه فقرة من تقرير نشر على موقع الحزب الشيوعي العراقي، يوم الأحد، 04 آذار/مارس 2012، حول هذا الموضوع جاء فيه: 
((قال أستاذ العلوم السياسية د. عامر حسن فياض، أمس، أن وجود قانون المساءلة والعدالة لا يعني عدم قدرة حزب البعث المنحل، على اختراق مؤسسات الدولة. وكان تقرير استخباراتي أمريكي، نشرت تفاصيله جريدة "المشرق" الأسبوع الفائت، وأكدت أنه "قدمت نسخة منه إلى جهات عراقية مسؤولة رفيعة المستوى"؛ كشف أن الهرم الأمني في العراق "مخترق من قبل البعثيين".

وأوضح فياض أن هكذا معلومات لا يمكن نكرها بشكل مطلق،... وقال التقرير الأمريكي أن أبرز وأكثر الدوائر الامنية الحكومية قد اخترقت من قبل البعثيين، ومن"عناصر مدربة أهلّها النظام السابق لتكون على مستوى عال ٍ من الاحترافية في التعامل مع ظروف مماثلة".

وذكر ان "هذه العناصر كانت تعمل ضمن قوات المعارضة العراقية خارج العراق، وتسلمت مناصب كبيرة بعد عام 2004". وصنّف التقرير، البعثيين الذين اخترقوا الدوائر الامنية ومراكز صنع القرار الامني العراقي الى ثلاثة مستويات، يتمثل المستوى الأول بقيادات "تغلغلت في اوقات سابقة ومنذ عام 1980 وحتى 2003 في عمق الحركات المعارضة"، وكانت تعمل وفق آليات معقدة، "على ان يستمروا في عملهم حتى آخر رمق في حياتهم"، كما ورد في التقرير.

وذكر أنهم الآن "رموز حكومية بارزة ولهم سمعة حزبية ودينية بارزة"، إلا انه -التقرير- لم يكشف عنهم، لكن المعلومات التي وردت فيه أكدت ان الاستخبارات المركزية الاميركية على علم بهوياتهم، إلا انها "لم ولن" تزود الحكومة العراقية بها، لأن خطوة كتلك من شأنها التسبب بانهيار تام للعملية السياسية في العراق، وبـ"حرب أهلية شرسة".)) انتهى. (2)
 
ونحن إذ نسأل، ألا يمكن أن يكون الشيخ عباس المحمداوي هو أحد هؤلاء الذين زرعهم البعثيون في النظام الجديد "على ان يستمروا في عملهم حتى آخر رمق في حياتهم"؟ وإلا لماذا كل هذه الفوضى في عمل الحكومة وبالأخص في الأجهزة الأمنية؟ 
 
خلاصة القول، إن دعوة المحمداوي مخالفة صريحة للدستور، ولجميع الشرائع السماوية، والقوانين الوضعية، والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة العراقية في مختلف العهود. لذا، فالمطلوب من عقلاء الأمة، وبالأخص الرئاسات الثلاث، الوقوف بحزم في وجوه هؤلاء الذين يخلقون المشاكل للشعب وللحكومة المركزية، ويحاولون التصيد بالماء العكر.

ومن مصلحة السيد المالكي التبرؤ من هكذا شخصيات تجلب له المشاكل (فعدو عاقل خير من صديق جاهل)، ويجب إلقاء القبض على المدعو عباس المحمداوي ومن معه بتهمة إثارة الفتن الطائفية والعنصرية، والدعوة إلى التطهير العنصري، ومحاكتهم ليكونوا عبرة لمن اعتبر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :