كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص
بعث البطريرك المارونى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية السابع والسبعين، رسالة إلى الرعية، أوردها المكتب الإعلامي للكنيسة المارونية بلبنان، وجاء نصها :
نختار موضوعًا لزمن القيامة الإرشاد ألرسولي لقداسة البابا فرنسيس "فرح الإنجيل" وهو "إعلان الإنجيل في عالم اليوم"
يتألّف من مقدّمة تشرح معنى "فرح الإنجيل" وخمسة فصول كبيرة هي: انطلاقة الكنيسة الإرساليَّة، تحدّيات العالم المُعاصِر على المستوى الاجتماعيّ، كيفيَّة إعلان الإنجيل، البُعد الاجتماعيّ للكرازة بالإنجيل، وأخيرًا المبشِّرون بالانجيل.
نبدأ اليوم بالمقدّمة.
1. فرح الإنجيل يملأ قلب وحياة كلّ من يلتقي المسيح، وكلّ الذين يقبلون مشروعه الخلاصيّ فيحرّرهم من الخطيئة والحزن والفراغ الداخليّ والعزلة. مع المسيح يولد الفرح دائمًا من جديد. هذه هي رسالة المسيحيين والكنيسة (الفقرة 1.)
2. الخطر الكبير في عالم اليوم، الذي تجتاحه الروح الاستهلاكيَّة، هو الحزن الداخليّ النابع من قلبٍ بَخيل باحثٍ عن ملذَّات سطحيَّة، ومن ضمير منعزلٍ. عندما تنغلق الحياة الداخليَّة على مصالحها الذاتيَّة، فلا يكون فيها مكان للآخرين وبخاصَّةٍ للفقراء، ولا يُسمَع صوت الله، ويُفقد الشعور بحبِّه والحماس لفعل الخير. هذا الخطر الحقيقي يتهدّد أيضًا المؤمنين، إذ كثيرون يرزحون تحت عبئه، ويتحوَّلون إلى أناسٍ مُنكَّدين، مُستائين، لا حياة فيهم. ليست هذه إرادة الله، ولا الحياة بالروح النابعة من المسيح القائم (الفقرة 2.)
3. "لا أحد مقصى من الفرح الذي حمَلَه الربُّ لنا جميعًا" (القديس البابا بولس السادس). كلُّ واحدٍ وواحدةٍ منَّا مدعوّ للقاء يسوع المسيح، أو أقله لإعطائه المجال ليلتقيه. إنَّه لا يخيّب من يجازف في البحث عنه. ففي كل مرة نقوم بخطوةٍ نحوه، نختبر أنه هناك بانتظارنا. فنسأله أن يضمّنا بذراعي الفداء. الله لا يتعب أبدًا من مغفرة خطايانا، بل نحن نتعب من طلب رحمته. إنَّه هو، وقد دعانا لنغفر لإخوتنا سبعين مرّة سبع مرات (متى28:18)، الذي يغفر لنا فعليًا سبعين مرة سبع مرات، ويحملنا على كتفيه كالراعي الصالح. بحنانه الذي يجدّد فينا الفرح، ويسمح لنا أن نرفع رأسنا، ونبدأ من جديد بكرامة. فلا نهربنَّ من قيامته الفاعلة فينا (الفقرة 3).
4. هذا الفرح الإلهيّ المُعطى للجنس البشريّ، تنبّأ عنه أنبياء العهد القديم على الأخصّ النبيّ أشعيا (3:9؛ 6:12؛ 9:40؛ 13:49)، والنبيّ زكريا (9:9)، والنبيّ صفنيا (17:3)، وابن سيراخ (14: 11و13). انه فرح الزمن المسيحانيّ (الفقرة 4).
5. وفي العهد الجديد، ظهر هذا الفرح في بشارة الملاك لمريم، وفي الزيارة وفي نشيد مريم (لو1: 28، 41، 47)؛ وفي اكتمال فرح يوحنا (يو29:3)؛ وفي فرح يسوع (لو21:10) والدعوة اليه (يو11:15) وتأكيده لتلاميذه (يو20:16؛ 20:20)؛ وفي فرح الجماعة المسيحية الأولى (أعمال 46:2؛ 8:8؛ 13: 2، 5)، وفي فرح الخصيّ بعد معموديّته (أع 39:8)؛ وفي فرح حارس سجن بولس وأهل بيته (أع 34:16).
كلُّنا مدعوّون للدخول في هذا التيّار من الفرح (الفقرة 5).
6. ثمّة فقراء يعيشون فرحهم بعفويَّةٍ وإيمانٍ وثقةٍ بالعناية الالهيَّة؛ وأشخاص مضغوط عليهم بحكم مسؤوليَّاتهم المهنيَّة، يحافظون على قلبٍ مؤمنٍ سخيٍّ وبسيط. إنّ هذا الفرح عند الفئتين ينبع مِن حبّ الله المتدفّق دائمًا والظاهر في يسوع المسيح. ذلك أنّ "المسيحيَّة في بدء كينونتها ليست قرارًا خلُقيًا أو فكرةً عظيمة، بل هي لقاءُ حدثٍ، لقاءُ شخصٍ يمنح الحياة أفقًا جديدًا وتوجيهًا حاسمًا هو يسوع المسيح" (البابا بندكتوس السادس عشر: الله محبة، 1) (الفقرة 7).
7. بفضل اللّقاء بحب الله، نعيش سعادة الصداقة معه، ونتحرّر من ضميرنا المنعزل، ومن المرجعيَّة الذاتيَّة. نكون إنسانيّين بالكليّة، عندما نصبح أكثر أنسنة، وعندما نسمح لله بأن يقودنا إلى ما هو أبعد من ذواتنا، كي نبلغ كياننا الأكثر حقيقة. وفي الواقع، عندما يتقبَّل المسيحيّ هذا الحبَّ الإلهيَّ الذي يعيد إليه معنى الحياة، تشتعل الرغبة في قلبه لإعلان الإنجيل إلى الآخرين (الفقرة 8.)