الأقباط متحدون | بائعوا الأوهام!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٢٣ | الاثنين ٢ ابريل ٢٠١٢ | ٢٤ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

بائعوا الأوهام!

الاثنين ٢ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاى
فى مقالى السابق كتبت عن أوهام تقسيم مصر. وركزت بالذات على مشروع تقسيم مصر الجغرافى. واليوم اتناول بالمناقشة التقسيمات الأخرى التى يروجها البعض.  وبهذا ارجو ان يكون قد اكتمل تغطية الموضوع، الذى أعترف اننى لا أجد متعة خاصة فى الكلام فيه.  وما كان الامر يستحق منا كل هذا الاهتمام لولا انه قد أستغله بعض المتربصين للاساءة الى أقباط المهجر مدعين ان هذا الرأى يمثل رأى كل أقباط المهجر كما استعملوه لوصم أقباط الداخل بالخيانة وبالتالى تعريضهم للاعتداءات الارهابية.
 
بالتأكيد لا شىء يسعدنى قدر معرفتى ان هناك بصيص من أمل فى ان المشكلة القبطية فى طريقها للحل، وأن الحلم سوف يتحقق أخيرا برفع المعاناة عن أقباط مصر وأننا سنرى المساواة الكاملة بين أفراد الشعب المصرى بغض النظر عن انتماءهم  الدينى.  وفى المقابل لا شىء يزعجنى قدر معرفتى ان هناك من يستغل المأساة لأغراض خاصة بخداع الشعب القبطى المسكين، الذى انتظر طويلا، وأعياه طول الانتظار، فيبيعوا لهم الوهم بأنهم يملكون الحل.  فيصدق البسطاء الوعود وينتظروها بفارغ الصبر ليعرفوا فى النهاية انها كانت سراب كاذب.
 
مشروع تقسيم السلطة
المنادون بهذا لا يطالبون بدولة مستقلة جغرافيا عن بقية مصر ولا بتهجير المسيحيين من مساكنهم. والمشروع يتفادى مشاكل عويصة تتعلق بصعوبة ترك المسيحيين لمساكنهم وأعمالهم ومتاجرهم وكنائسهم وأديرتهم واعادة اسكانهم فى وطن آخر داخل مصر يشتمل على حدود آمنة وبه مقومات الدولة والمرافق العامة وكل المتطلبات التى يحتاجها سكان هذه الدولة المزعومة.
عوضا عن ذلك فان هذا المشروع ينادى ببقاء كل شىء على ما هو عليه والاكتفاء بمجرد تقسيم السلطات، ويضربون أمثلة لذلك التقسيم فصل القضاء فيكون هناك قضاء يحكم فيه قضاة مسيحيون للقضايا التى يكون أطرافها مسيحيون، وقضاء يكون القضاة فيها مسلمين للفصل فى القضايا التى يكون أطرافها مسلمين. ثم يطالبون بقضاء مختلط يكون القضاة فيه من الطرفين للقضايا بين المسلمين والمسيحيين. ولا أدرى هل هذا الفصل سينطبق أيضا على جميع مستويات المحاكم مثل النقض والادارية ومجلس الدولة وغيرها.فهل كل هذه المحاكم سيتم تقسيمها؟ 
 
بالنسبة للقضاء سنواجه أولا بمشكلة القانون الذى يطبق ونحن نعلم ان مصر تتجه الآن نحو الدولة الدينية الاسلامية بدءا بالدستور. هل ستصاغ للاقباط قوانين مسيحية خاصة بهم وللمسلم قوانين اسلامية؟ وفى حالة القضايا المختلطة أى قانون سيطبق؟  وما العمل ونحن نعلم ان الديانة المسيحية ليست لها قوانينها الشرعية فى المعاملات الا ربما فى قضايا الأحوال الشخصية؟ هل ستطبق عليهم الحدود الاسلامية أم الأفضل أن نصر على قانون مدنى يطبق على الجميع؟.
ولكى يستطيع القضاء القيام بعمله لا بد من وجود جهاز شرطة قوى. فهل سيكون هناك شرطة مسيحية وشرطة مسلمة؟ وهل اذا حدثت عراك بين مسيحيين يطلبوا الشرطة المسيحية؟ طيب واذا كان اعتداء مسلم ضد مسيحى أو العكس- أى نوع من الشرطة ستتدخل؟ ثم هل سيكون هناك سجون مسلمة وسجون مسيحية؟. وتصور ما سيسببه هذا من احتقان فى المجتمع نتيجة تطبيق معايير مختلفة على المواطنين فى الوطن الواحد .
 
وماذا عن البرلمان هل سيكون هناك مجلس واحد أم مجلسين واحد مسيحى والآخر مسلم؟ وهل سيكون هناك حكومة واحدة أم حكومتين؟ ولكن الغريب  أن أصحاب هذا الرأى ينادون بمظلة واحدة، أى حكومة واحدة ورئيس واحد، ومع ذلك يعلنون عن تكوين حكومة قبطية موازية ورئيس قبطى ومجلس قبطى بل وقنصليات قبطية ولغة واحدة وهى اللغة القبطية، فكيف يعيش الأقباط ويعملون فى دولة لغتها الرسمية العربية؟
ناهيك ان هذا المشروع لا يعالج كل مشاكل الأقباط الأخرى مثل بناء الكنائس والترقى الى الوظائف القيادية ولن يوقف الاعتداءات الارهابية ضد الأقباط مثل خطف البنات والقتل على الهوية وحرق الكنائس والسطو على متاجر الأقباط وتهجيرهم القسرى من بيوتهم. 
 
مشروع الولاية القبطية
هذا المشروع ينادى بتحويل مصر الى ولايات تابعة لحكومة مركزية، مثل النظام المتبع فى الولايات المتحدة. والمشروع يطالب بوضع الأقباط فى احدى هذه الولايات. ناهيك ان ولايات أمريكا لا تنقسم على أساس عنصرى وأن المواطن هناك حر فى الانتقال من ولاية الى أخرى.
 
وشخصيا لا أعلم كيف سيحل هذا مشكلات الأقباط. فلا توجد منطقة بها غالبية قبطية حتى نعتبرها نواة لولاية الاقباط. ولن يكون هناك امكانية لترحيل المسلمين من هذه الولاية لأن هذا عمل عنصرى مرفوض. ولن يقبل الأقباط الذين يعيشون خارج هذه الولاية ان يجبروا على  ترك كل حياتهم ليعيشوا داخل الولاية القبطية المزعومة. وماذا سيكون مصير أديرتهم وكنائسهم التاريخية المنتشرة فى كل مصر؟ ثم أن وجود هذه الولاية لن يحمى الأقباط من الأعمال الارهابية التى ستتسلل من وقت لآخر داخل هذه الولاية لتقتل وتروع السكان كما هو حادث الآن, وستكون دائما هناك مشاكل مع الحكومة المركزية التى ستظل دائما صاحبة السلطة العليا وتتحكم فى أشياء كثيرة مثل الأمن القومى والدفاع والعلاقات الخارجية والدستور العام للبلد والمعاهدات الدولية. واذا افترضنا  سوء نية فى استمرار التعامل بالتفرقة فكل مشاكل الأقباط سوف تستممر فى هذا الوضع. 
 
خلاصة القول علينا ان نعترف ان المشكلة الرئيسية التى تغذى حالة الاحتقان الطائفى فى مصر هى التعصب الدينى.  هذا هو أصل الداء ولا يمكن لأى تقسيم لمصر أن يعالج هذه المشكلة. والعلاج يأتى من محاولة مسئولى الدولة مع عقلاء الوطن مواجهة المشكلة من الجذور لمعرفة كيف وصلنا الى هذا وكيف نعود لما كنا عليه فى يوم من الايام من تسامح يتيح امكانية التعايش المشترك. والعلاج فى نظرى يبدأ بعلماء الاسلام اعادة النظر فى النصوص الدينية التى تكفر الآخر وتدع الى العنف والقيام بتفسير مريح لها أو تركها لله ليبت فيها فى يوم الدين مع تحريم العنف.  ثم لابد من وضع معايير ولو وقتية لكوتة فى التعيينات للوظائف العليا تصحح الغبن الى ان يتعود الناس على قبول مبدأ المساواة. وفى النهاية فان الشعب القبطى الذى عرف طريق ميدان التحرير وماسبيرو يجب ان يضع المشكلة فى حضن المسئولين ولا يقبل منهم بغير الحل الكامل العادل فى اطار المواطنة الحقيقية البعيدة عن الشعارات الكاذبة. 
غير هذا هى أوهام يحاول البعض بيعها للبسطاء.  هذامجرد رأيى فى الموضوع أما القرار النهائى للامر فيرجع الى أقباط الداخل، ودورنا هو مجرد تأييدهم فيما يقررون.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :