سحر الجعارة
منذ اللحظة الأولى وهى تعلم جيداً تفاصيل السيناريو الذى وضعته، (أو خُطط لها)، لتستثمر حالة الذعر والهلع الجماعية المصاحبة لانتشار فيروس «كورونا».. لقد حددت خطواتها وأهدافها بدقة لا علاقة لها بكونها مطربة مغمورة أو مشهورة، فالهدف هو إظهار الإدارة المصرية فى صورة متراخية أو مهملة.. ويقيناً هى تعلم أن نقطة الانطلاق لا بد أن تكون من الفيس بوك، مستغلة فرض حظر التجول ووجود الناس بصفة منتظمة على السوشيال ميديا.
إنها «إيناس عز الدين»، المطربة وليست الممثلة، ولا تسألنى عن تاريخها الفنى أو ماذا قدمت للغناء أو كم ألبوماً غنائياً يحمل اسمها؟!.. فهى بالنسبة لى ولكثيرين مثلى «اسم مجهول» عرفناه من فيديو لفتاة تبدو مسكينة ومُقنعه تحدثنا عن إصابتها الخطيرة بفيروس كورونا، وعدم استجابة مستشفيات لمناشدتها.. وتتحدث ببراعة عن «براءتها» من تهمة التضليل أو بلبلة الرأى العام أو افتعال أزمة.. رغم أنها تحمل سلاحاً خطيراً هو كاميرا الموبايل، (كمن يسجل فيلماً تسجيلياً)، لتوثق كل خطوة حملتها من المنزل إلى غرفة داخل مستشفى إمبابة للحميات!
لا يتقبل عقلى أن مصاباً بكورونا أو حتى بالتهاب رئوى أو «إنفلونزا موسمية» يفكر فى الظهور لايف على الفيس بوك من داخل سيارة الإسعاف ليطلب الدعاء من متابعيه.. إنها كذبة مكشوفة ورخيصة ومبتذلة من البداية.
لقد بدأت « كورونا'>كذبة كورونا» باستغاثة على الفيس بوك، وبادر مستشفى الحميات بالاتصال بها، ليس لأنها مشهورة، فلا أحد يعرفها، بل لأنها كانت عائدة من رحلة طيران قادمة من المغرب.. ولا يوجد عائد من السفر إلا وتتولى وزارة الصحة متابعته، بحسب شهاداتهم المنشورة على السوشيال ميديا.
بكل سخافة بدأت الفيديو الأول لها عبر حسابها الشخصى على فيس بوك بمحاولة استدرار عطف الناس، مدعية أنها تعانى من «تنمر الجيران»: («هناك حملات عبر المجموعات الإلكترونية الخاصة بالمنطقة على السوشيال ميديا، للمطالبة بطردى من المنطقة»، ساخرة بقولها: «حاسة إنهم هيضربونى بالنار»).
وفى فيديو آخر من داخل سيارة الإسعاف، كانت عدائية جداً كمن تحفّز لأداء مهمته، (أنا فى عربية الإسعاف وطالعة على حميات إمبابة، علشان الناس اللى فاكرين المرض فيه دعاية واستهزاء أو هزار، ومع ذلك مش بتمنى إنهم يدوقوه علشان يتعلموا يحترموه)!!.
وهنا كان لا بد أن تختتم كلامها قائلة: «مراسلة قناة الجزيرة أو الشرق أو مكملين إيناس عز الدين».. لكن الهدف أو الصيد الثمين كان ينتظرها داخل حميات إمبابة.
نحن أمام مطربة مغمورة تدّعى المرض، درجة حرارتها 37 ونصف، بكامل وعيها، تتعامل بغطرسة أو بشكل غير لائق مع الطاقم الطبى رغم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لها على أكمل وجه، (بحسب تصريحات الدكتور محمود خليل، مدير مستشفى حميات إمبابة)، وفجأة على طريقة «الصرصار يا مسعودى».. وجدت «العميلة إيناس» برصاً فى حجرتها، بمستشفى مساحته كبيرة جداً فوق الـ60 ألف متر مربع.. إنها اللقطة المطلوبة للتشهير بمصر والإساءة لسمعة الكوادر الطبية «جيش البالطو الأبيض» الذى يواجه الموت فى ظروف سيئة للغاية ويعمل بالإمكانيات المتوفرة ويحقق نتائج رائعة فى شفاء المصابيين الحقيقيين بفيروس كورونا!.
نصبت «مراسلة الجزيرة» من نفسها رقيباً على أداء مستشفيات الحكومة، وجهة محاسبة لأى تقصير أو حشرة ضالة -مثلها- استكانت بين جدران المستشفى لتنعم برعاية لا تستحقها لأنها «مدعية» وطالبة شهرة.. حسبت لخطواتها ألف حساب حتى تصل إلى غايتها وهى الإساءة للمنظومة الصحية ككل.
نعم، قد يكون وباء كورونا الجائحة عبئاً على وزارة الصحة لم تكن مهيأة له، لكنها تحت الضغط وفى أسوأ الظروف تباشر دورها، وفوقها جهات مساءلة حقيقية من القيادة السياسية إلى مجلس النواب وما بينهما.. هذا بخلاف «الرأى العام» الذى ينظر لكلمة «حميات» بذعر حقيقى ويفتش عن دواء الفيروس أو تحليله بعيداً عن مستشفيات الدولة التى لم نقل -أبداً- بأنها خمس نجوم.. لكن الحد الأدنى لاحترام القيمة المهنية لما يتم فيها هو أن لدينا طاقماً طبياً وهيئة تمريض تعمل ومرضى يحتاجون للسرير الذى لم تقبله «إيناس هانم» فسددت الفرق لتأخذ غرفة فى درجة أعلى.
لو لم تكن «مراسلة الجزيرة» تعلم، فالغرفة المنفصلة بحمام خاص لها ثمن يومى فى كل المستشفيات العامة والخاصة، وإن كانت اشترت بعض الأغراض مثل «قناع الأوكسجين» فلتسأل كم يتكلف الأوكسجين نفسه والرعاية الطبية وسرير المريض داخل الحجر الصحى أو العناية المركزة.. لكن مطربة -مثلها- تنعم بالحياة المخملية «المفاجئة» وتتنقل بين مختلف دول العالم لتغنى بصوتها وتتقاضى أجرها بالعملة الصعبة من أين لها أن تعرف حال المواطن.. الغنى والفقير الآن، فالمستشفيات الخاصة لا تستقبل حالات كورونا.
لقد أتمت كذبتها ولفقت الفضيحة للمنظومة الصحية وأهدت أعداء البلد صوراً يندبون أو يتغنون بها وجعلتنا محل سخرية فضائيات الإخوان.. ثم خرجت من المستشفى تتندر على «العلاج المجانى»!.
كنت أود لو أن الأخلاق المهنية تسمح بوصفها بالألفاظ المناسبة، التى تليق بحجم كارثة الوباء، والجنازات اليومية لواحد أو أكثر، والحياة التى تتآكل تدريجياً ليصبح العالم بأكمله على هامش الحياة.. لكن من حقى أن أسأل: لماذا لم تحاكم «مراسلة العدو» بتهمة بلبلة الرأى العام والإساءة لسمعة مصر؟! وأن أسألها هى شخصياً: ألم ترَ «صرصاراً» أو «فأراً» فى بيتها من قبل؟.. أولم ترش مبيداً حشرياً من قبل؟!.. بمناسبة المبيد الحشرى رشحوا لى أحداً يستحقه الآن!!.
نصبت «مراسلة الجزيرة» من نفسها رقيباً على أداء مستشفيات الحكومة، وجهة محاسبة لأى تقصير أو حشرة ضالة -مثلها- استكانت بين جدران المستشفى لتنعم برعاية لا تستحقها لأنها «مدعية» وطالبة شهرة.. حسبت لخطواتها ألف حساب حتى تصل إلى غايتها وهى الإساءة للمنظومة الصحية ككل.
نقلا عن الوطن