بين لا تجرب الرب إلهك وياقليلي الإيمان
ماجد سوس
صراخ ودموع تتساقط من كل بقعة على سطح هذا الكوكب ، صوت عويل ونحيب آتٍ من كل جهات الأرض الأربعة ، أمر لا يصدق ، حرب ضروسة من عدو لا يرى بالعين المجردة ، فيروس صغير انهارت أمامه كل قوى الأرض العلمية ، الطبية والعسكرية . خوف ورعب يضرب كل سكان هذا الكوكب في أمرٍ لم يعرفه أو يراه أو يتخيله هذا الجيل . الموت والمرض لا يميز بين أحد .
وسط هذا المشهد المظلم الذي لا يحتمله بشر تظهر مجموعة من البشر في كل مكان لينقذوا هذا الكوكب من الفناء تظهر السامرية والمجدلية ، تظهر التي أمسكت في ذات الفعل ، يظهر الابن الضال واللص اليمين . يظهر الذين قيل عنهم أنهم سيسبقونكم إلى الملكوت، ليملئوا الأرض بدموعهم وركبهم المنحنية . صراخ من نوعٍ آخر يملا الدنيا ، هوشعنا يا ابن داود، خلصنا يا ابن الله .
مشهد آخر لم يعرفه معظم من في هذا الجيل، الكنيسة التي في بيتك، التفّت الأسرة حول الإنجيل لا يقرأون كسابق عهدهم كما لقوم عادة بل صارت كلماته مشبعة ومعزية وملاذ لكل متعب ، وقفت الأسرة معاً لصلاة قلبية تتوسل لربنا يسوع المسيح أن يرفع عن العالم الوباء والفناء وعادت للأسرة إحدى وظائفها التي تاهت مع ملاذ الحياة وعادت لتكون مصنع القديسين والمبشرين والأيام القادمة سيستعلن اسم يسوع في كل مكان وستكون نهضة ليست لها مثيل.
اختلفنا كالعادة وكدنا أن نخسر بعضنا البعض عن من هو الذي أرسل هذا الوباء على سكان الأرض . هل الله أم الشيطان أم البشر هم من صنعوه . هل نغلق الكنائس ونوقف التناول وراح كل فريق يهاجم الآخر بكلمات الكتاب فريق يدافع عن الإيمان ويتهم المختلفين معه أنهم قليلي الإيمان والفريق الآخر يستخدم الكتاب أيضاً قائلا لا تجرب الرب إلهك وبين هذا وذاك تاهت المحبة مفتاح السماء.
الفريقان محقان فأن نحترس من العدوى ونوقف التناول أمر حتمي من جهة لنخضع للرؤساء كما طلب منا الله وبالفعل أراد إبليس ان يجرب الرب يسوع قائلا الق بنفسك من أعلى الجبل ، أين إيمانك يا صاحب الإيمان ستأتي ملائكة ويحملونك فقال له لا تجرب الرب إلهك وهذا صحيح ولا يقلل من أنه الله وان الملائكة تخضع له ولا يقلل من أن قوة التناول وإيماننا به أن نمتنع من التجمع لئلا نعدي بعض
من ناحية أخرى بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ولكن الإيمان هنا الإيمان العامل بالمحبة كما أسماه الكتاب فإن خلا من المحبة فليس شيئاً كما قال معلمنا بولس . نحن نؤمن بأن التناول يعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه لكن من لا يحب أخاه فليترك قربانه ويذهب ليصالحه ، من يحب أخاه لا يؤذيه ولا يسبب له المرض بل يحرص عليه أولا قبل أن يتقدم التناول. كلما غضبت على أخاك فستجد نفسك غير مستحق للتقدم للتناول ولن يفيدك إيمانك به.
سمعت مؤخراً عن خادمة نجع حمادي التي رأت المسيح والعذراء والسمائيين ولا يهمني أن اتحقق من رؤيتها أم لا ولكن كل ما يهمني أمران منطقيان لا يحتاجان إلى رؤيا وهي أن التوبة الحقيقة والرجوع إلى حضن الله هو الحل الوحيد للتمتع بالنصرة على الموت وبطرد الأمراض والأوبئة من حياتنا فقد وعد الله المؤمنين بأن تتبعهم آيات كالتي صنعها على الأرض وأكثر ومن ناحية أخرى كلنا يثق في صلاة أمنا العذراء مريم وتشفعها وآباءنا القديسين من أجلنا.
أمر آخر أرى أنه من بركات هذه التجربة الصعبة وهي إغلاق الأديرة على آباءنا الرهبان فكما تعلمون أنه كما أن الأسرة هي مصنع القديسين كذلك الرهبنة المغلق أبوابها من أجل الصلاة والتضرع من أجلنا ولا يفوتني هنا أن أشكر بعض الآباء الرهبان الذين أعلنوا أنهم مستعدون أن يضحوا بأنفسهم ليخدموا المرضي دون خوف من عدوى وقالوا أنهم مستعدون أن يقدموا حياتهم للآخرين.
أحبائي سيرفع الله هذا الوباء من العالم فهو محب البشر الصالح الذي ينتظر دموع ودموعك وتوبتنا الحقيقية