άλλος σέ ζώσει και οίσει όπου ού ήθελες
الأب أثناسيوس حنين- مطرانية بيرية المقدسة – اليونان
كان لمقال "الابوة الروحية فى زمان اليتم " أثرا كبيرا فى النفوس ونكئت جراح قديمة وأدمت قلوب بريئة وأتمنى ىأن لا تكون قد جرحت قلوب عليمة !. ولهذا ومن منطلق شركتى الروحية مع أصدقائى وأبائى وأخوتى وابنائى ’ لم يغمض لى جفن ’ويهدأ لى بال وأنا أعاتب الرب وأسكب أمامه شكوانا ’ الى أن جأء يوم الاحد الثالث من الصوم وهو عيد السجود للصليب المقدس . أخذت بدلة الصلاة وذهبت الى كنيستى كاتدرائية التجلى ببيرية ’ ميناء البشارة العظيم ’ واذ بالاب الروحى الكبير فى الكنيسة يطلب منى أن أقرأ انجيل السحرية (باليونانى القديم زى ما قرأئه الأباء ). وهنا تسمرت عيناى على انجيل السحرية وهو من يوحنا 21 : 15 -25 . وهو حوار السيد العاصف مع بطرس ’ وهنا أمسكته ولم أرخيه وبحثت هن قصاصة ورق أبثها شجونى وأستودعها سعادتى وأنا أصرخ مع عالم الفيزياء قديما " لقد وجدتها ...لقد وجدتها ). وجدت الطريق للخروج من الفشل الوقتى واليأس العبر والاحباط ’ واليتم العميم ’وهذه كلها أصابت بطرس قبل وبعد الصيد الوفير وخاصة بعد عتاب السيد له ’ حتى أنه صرخ يأسا من نفسه وشطارته " يارب أنت تعلم كل شئ " .
الأبوة هى حوار بين السيد وتلاميذه وبين التلاميذ والرعية وبين الرعية وبعضها البعض وبين الكنيسة والعالم فى امتداده التاريخى وأنينه الوجودى . الرعاية قد تبدأ مبادرات اجتماعية ثم تتجلى فى مودات روحية ثم تتحول شركة كنسية الافخارستية ’ ومن ثم تتجلى فى الفكر اللاهوتى الرعائى . لهذا تخصص الكنيسة اليونانية هذا الاسبوع الذى يبدأ باحد السجود للصليب ’ تخصصه لعمل نهضة روحية حول قضية الدعوة للكهنوت وللخدمة .
Pastoral Theology
هذا الفكر اللاهوتى الذى يشارك فى رعلية العالم والحوار مع قضاياه . "الرب لى راع فلن يعوزنى شئ " قالها قديما النبى داود ’ وجأئت الكنيسة فى العهد الجديد لكى تحول هذا التصريح الى رؤية وبرنامج .
الاشكالية فى الابوة الروحية تكمن فى الجدلية بين الخاص والروحى النفسى والأنتيم بلغة الشباب النهاردة وبين العام واللاهوتى العلمى . هنا يكمن الصدام وهنا يربض الصراع ’ والذى يؤدى بشباب كثيرين أن تصير العلاقة بأبيهم الروحى ذكرى جميلة لأيام خوالى مضت يتسامرون بها فى صالوناتهم ويتندرون بابونا فلان وسيدنا علان وأمنا فلانة فى سنكسار الكسل العقلى والتمرد الروحى والانقطاع عن الابوة او الامومة.
حوار المعلم مع التلميذ بطرس خير خارطة لطريق تبعية المسيح فى معية الابوة الروحية . الحوار بين المعلم والتلميذ ’ بيين المسيح وبطرس ’ الذى قرأئته اليوم الاحد 3 ابريل ’ هو من أناجيل الظهورات اللاهوتية – الخرستولوجية " بعد هذا أظهر يسوع نفسه للتلاميذ على بحيرة طبرية ...." يوحنا 21 :1 . الثيؤفانيا بعد الاناستاسى والقيامة أساس الثيؤفانيا . الثيؤفانيا فى السجود للصليب جلبت البركة وثبتت القيامة بالخبرة "...فلما خرجوا من البحر نظروا جمرا موضوعا وسمكا موضوعا عليه وخبزا......قال لهم يسوع ...." ’ لقد جهز يسوع نفسه المائدة ’ ودعاهم للطعام . أتحبنى يا بطرس ’ أرع غنمى ...قالها يسوع ثلاثة مرات والنص اليونانى لا يستعمل فعل واحد . بعد حوار العواطف والحب جأت ساعة العمل الجدى والجاد ’ لابد من عملية تنقية للخادم ومصارحة قاسية تناسب جرأة التلميذ واندفاعه وتعهده للارسالية الكبيرة . ان بطرس حينما عاين عجيبة الصيد الوفير ’ وسمع انه الرب "أتزر " بثوب والقى بنفسه فى البحر ’ طاقة طائشة وطاقة متهورة ولكنها جريئة ’ مادة خام يصنع منها يسوع خادما وأبا وراعيا ونذيرا ."لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشى حيث تشاء ’ولكن متى شخت فانك تمد يديك وأخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء " المنطقة هى حزام المحاربين والمصارعين ...الحزام الاسود فى فنون المصارعة والحزام الذهبى فى الاوسكار .
الرب لا يرفض حماس الشباب بل على العكس بل يستثمره ..الحماس والاندفاع يسبب مشاكل ويطرح اسئلة ويحرك المياه الراكدة ’ بطرس المندفع خلق واقعا جديدا بين التلاميذ ’ استنفر طاقات يسوع اللاهوتية ليعطى درسا للاجيال فى التلمذة والتبعية. لقد حرك بطرس المياه الراكدة وليسبح من يسبح وليغرق من يغرق وأهمل تعلم العوم وعلى المزايدون والمتفرجون ان يمتنعون. "لما كنت اكثر حداثة " تعنى ان المسيح يتابع حركة التلميذ منذ حداثته كما قال لنئنائيل الذى لا يرى فائدة فى بلد بحاله "وانت تحت التينة رايتك" يوحنا 1 : 48 الابوة الروحية والكهنوت والخدمة باشكالها المختلفة ليست موقف رومانسى يمسك فيه المدعو وردة وبصوت مملوء انوثة وخنوثة " يسوع بيحبنى ....يسوع ما بيحبنيش" هذه المسيحية الرومانسية الخيالية التى تجهل مسيرة التاريخ وتتجاهل اسئلة الناس المصيرية ولا تراقب علامات الزمان ’ رفضها العالم الراقى منذ زمن طويل.
"كنت تمنطق ذاتك" ان منطقة الذات هى اسواء انواع الفريسية الثقافية والكسل العقلى ولكنها تحمل فى داخلها طاقات واوجاع وتساؤلات ’ نفس المنطلقات النفسية يحملها من يمنطق نفسه فكريا أو سياسيا أو دينيا ’ هذا الشاب الذى "يمنطق " ذاته بحزام ناسف ليس فى أعماقه مخلوق شرير ’ بل هو "منطق " ذاته ليأسه من وجود أخر مختلف يحمله ويريحه ! أخر واعد "يمنطقه" . أن الشباب الذى يمنطق ذاته هو شباب عادى وطبيعى وطموح وواعد ولكنه يحتج على من كذبوا عليه من الكبار !’ نفس الطاقات هى التى دفعت بطرس الى أن يتعدى الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء ’ الفارق أن بطرس وجد "أخر " يمنطقه ويحمله .....بينما شباب جيله وكل جيل من المتحمسين لم يجودا أو لم يبحثوا أو لم يشتاقوا الى "أخر " يمنطقهم.
من هو الأخر الذى سيقيدنا ويحملنا الى حيث لا نشأءْ؟
"ليس لى انسان يلقينى فى البركة متى تحرك الماء...ينزل قدامى أخر " يوحنا 5 :7 صرخ المعوق على البركة ’ فى احساس مرير بالوحدة ’صار له الأخر فى عجزه’ وسيادة منطق البقاء للأوقح ! هو الجحيم على حد قول الفلسوف الفرنسى !’ بينما صار الأخر عند بطرس المترجى رؤية السيد منقذا ومخلصا " أخر يحملك" ان وحدة الانسان العادى لا تقارن بوحدة المفكر والخادم والمرسل واللاهوتى ’ من هو الأخر الذى سوف يسرع الى الراع او الخادم او اللاهوتى ’ متى شاخ’ ليحمله الى حيث لا يشأء؟ الأخر هو الروح القدس شخصيا " أرسل لكم معزيا أخر" ’ يا خسارة ضيعنا وقتنا وشبابنا فى الجدل حول الروح القدس نظريا وتعصبيا وعن حلوله اقنوميا او مواهبيا ’ فتركنا الروح فى عز شبابنا الروحى نمنطق ذواتنا ونذهب الى حيث نشاء ’ تركنا الروح حتى شخنا وصرخنا والتقينا الرب فى لقاء مصيرى وقرار نهائى "أتحبنى يا (ممكن يحط كل منا اسمه او اسمها)......أرع غنمى " ’ تركنا الروح جانبا بل وقلنا مع القائلين "ولا سمعنا أنه يوجد روح قدس" ’ بدلا من أن نبتهل اليه أن يأتى ويحل فينا ويطهرنا من قدس ويعلن خلاص نفوسنا . الروح هو الذى يصبر على حماسنا ويراقبنا من بعيد وهو حزين علينا بلا قهر لارادتنا ’ حتى نستنفز طاقاتنا وشابانا الروحى فى الذهاب حيث نشأء ’ ولكن حينما نتعب ونشيخ روحيا ونفسيا ونتنهد صامتون ’ وقتها نمد أيدينا ونترك أنفسنا فى يد الأخر الذى يمنطقنا ويحملنا الى حيث لا نشأْء . لقد ذهب بولس الاب والراعى الى أكبر المهمات اللاهوتية والرعوية وهو "مقيدا بالروح " ويصرح بذلك ولا ينكره " والأن ها أنا أذهب الى اورشليم مقيدا بالروح لا اعلم ماذا يصادفنى هناك "اعمال 20 :22 . يوحنا المعمدان وهو فى السجن مقيدا بالروح ’ أرسل اثنين من تلاميذه يسألون يسوع متى 11 ’ 3 " انت هو الأتى ام ننتظر اخر" ننتظر أخر يحملنا ! .
نحن جميعنا ننتظر الاخر لكى ما يقيدنا ويمنطقنا ويقودنا الى حيث يشاء هو’ بعد أن تعبنا من حداثتنا وطيشنا ومنطقتنا لانفسنا بانفسنا ومنطقة الناس لنا وذهابنا الى حيث نشأء أو يشاء من لا يعرفون مشيئة الأب ’ الى كور بعيدة ’ الكورة البعيدة ليست قاصرة على الزوانى والنجاسة واللذات ’ بل يمكن أن تكون الكورة البعيدة كورة دينية أو مذهبية أو طائفية أو حتى لاهوتية غير مستقيمة ! ’ نقيد أنفسنا بها وفيها ! ’ نحن لا يشغلنا التفسير الحرفى للاية التى تشير ’ حسب يوحنا ’ الى اية ميتة كان بطرس مزمعا أن يمجد بها الله ’ بل نحن معنيون بأية ميتة سنموتها نحن ’ نحن الحاملون بالروح فى أجسادنا "أماتة الرب يسوع" . نحن مع بطرس فى حداثته وفى شيخوخته فى شركة وجود وأمام أزمة حب وثقة ’ وأشكالية أبوة ورعاية ’ وما علينا الا أن نمد أيدينا بثقة "للأخر " لكى ما يحملنا " ’ وقتها ستبدأ حريتنا الحقيقية وخدمتنا اللاهوتية الكثيرة الثمر .