خالد منتصر
«يا خسارة لو كان موريس هيلمان عايش»، عبارة تم تداولها بين باحثين كثيرين ومحررى صحافة علمية، بل وسياسيين كبار، لكن مَن هو موريس هيلمان الذى يتحسر على موته العالم الآن؟ إنه باختصار أكبر عالم فيروسات فى التاريخ، وعدد اللقاحات التى اكتشفها وطورها لم يسبق له مثيل فى تاريخ العلم.
فقد اكتشف وطور موريس هيلمان 40 لقاحاً!!، عدد رهيب يحتاج إلى مؤسسات بحثية كاملة لا إلى فرد واحد، من أهم اللقاحات التى تُنسب إلى «هيلمان» هى لقاحات الحصبة والنكاف والتهاب الكبد A والتهاب الكبد B والالتهاب السحائى والالتهاب الرئوى والحصبة الألمانية، يرجع الفضل فى لقاحاته إلى إنقاذ ملايين الأرواح حول العالم، فعلى سبيل المثال منع لقاح الحصبة وحده حوالى مليون حالة وفاة، من بين الإنجازات الأخرى، نجح فى توصيف وعزل العديد من الفيروسات، على الرغم من اختراقات «هيلمان» العديدة فى علم المناعة وعلم اللقاحات، فإنه لم يكن اسماً مألوفاً أبداً فى عالم الميديا والشهرة والنجومية، اهتم «هيلمان»، الذى ولد فى عام 1919 بعلم الأحياء الدقيقة منذ الطفولة وكان عاشقاً لداروين، وتعرض لطفولة صعبة، فقد نشأ خلال فترة الكساد الكبير فى مزرعة فى السهول الجنوبية الشرقية لمونتانا، وبعد الكساد، دخل جامعة ولاية مونتانا بمنحة دراسية كاملة حتى حصل على درجة البكالوريوس فى علم الأحياء الدقيقة والكيمياء، عزز تعليمه العالى فى جامعة شيكاغو استقلاليته واعتماده على الذات، كانت بيئة صعبة، حيث قال «هيلمان» إنك إما «تغرق أو تسبح». فى عام 1944 حصل على درجة الدكتوراه فى علم الأحياء الدقيقة والكيمياء، أخبر «هيلمان» أساتذته فى شيكاغو بأنه سيذهب إلى المصانع والشركات ويهجر العمل الأكاديمى التقليدى، حيث اعتقد أنه سيكون فى وضع أفضل ليس فقط لإجراء البحوث، ولكن أيضاً لضمان وتسريع التطبيقات السريرية، أخبره أساتذته بأنه لم يتعلم من أجل الشركات، لكنه اختلف معهم بشدة، مؤكداً أن المؤسسات الأكاديمية تفتقر إلى الموارد اللازمة لدفع الابتكارات العلمية إلى الأمام وإلى السوق، فى عام 1944، انضم إلى مختبرات فيروس E R Squibb & Sons فى نيو برونزويك، نيو جيرسى، حيث طور لقاحاً ضد التهاب الدماغ اليابانى B، الذى احتاجته القوات التى تقاتل فى المحيط الهادى، وصف «هيلمان» العديد من الفيروسات وحدد التغييرات التى يمكن أن تحدث عندما يتحول الفيروس.
ساعد هذا المفهوم، الذى عمل عليه أثناء وجوده فى معهد والتر ريد لأبحاث الجيش، على منع تفشى وباء ضخم لإنفلونزا هونج كونج فى عام 1957، وتم توفير 40 مليون جرعة من اللقاح بسرعة فى الولايات المتحدة، ثم انضم إلى شركة ميرك فى 1957، كمدير لقسم جديد لأبحاث الفيروسات وبيولوجيا الخلية، تحت رعاية هيلمان، وبحلول عام 1984، حصلت شركة ميرك على 37 ترخيص منتج، مع ثلاثة لقاحات إضافية جاهزة للتطوير، تقاعد «هيلمان» من ميرك فى سن 65، لكنه بقى مستشاراً، كان أسلوب هيلمان فى العمل مبتكراً. قال الدكتور أوفيت: «لإعطائك مثالاً عن كيفية عمله، فى عام 1963، عندما ظهرت على ابنته الأعراض الكلاسيكية للنكاف، قام بمسح الجزء الخلفى من حلق ابنته، ونقله إلى المختبر للفحص والتحليل، وفى 1967، اخترع اللقاح، حصل Hilleman على العديد من الجوائز، بما فى ذلك جائزة الإنجاز الخاصة مدى الحياة من منظمة الصحة العالمية، وتوفى عام ٢٠٠٥.
نقلا عن الوطن