جمال رشدي يكتب
عملت في شركة اوراسكوم للتنمية السياحية في الغردقة في الجونة من عام 1994 إلي عام 1999، خلال تلك السنوات كانت الشركة في المراحل الأولي للتكوين الإداري، وقد ساهمت بشكل فعال في صياغة لوائح العمل والأجور التي يتم العمل بها إلي وقتنا هذا، وأيضا ساهمت في أقامة المكاتب الإدارية وكنت أول مدير موارد بشرية في تاريخ مواقع الشركة، وفي تلك المرحلة واجهت مصاعب جمة في تطبيق ثقافة النظام والالتزام ومقاومة التسيب والفوضى، وبالفعل وبمساندة بعض المسئولين وصلنا إلي وضع مثالي خالي تقريباً من الفساد من أي نوع في مواقع الشركة التي كنت مسئول عنها.
وفي الأخير تم الإطاحة بى من العمل بعد أن تضامن الفوضويين والفاسدين والذين فيما بعد سلبوا الملايين من الشركة وهربوا، وفي شهر سبتمبر 1999 أرسل لي نائب رئيس الإدارة الدكتور سامي يعقوب، وطلب مني تقديم استقالتي ورفع قضية علي الشركة، بالطبع كانت لحظة مؤلمة للغاية وإحساس بالظلم لا يضاهيه إحساس وكان رد فعلي لهذا المسئول مزلزل وقلت له إطلاقاً لن ارفع قضية علي آل ساويرس، ولن اخذ إي تعويض من الشركة، فصمت الرجل في تعجب وهو كان يعلم تماماً عنف الظلم وبشاعته الذي وقع ضدي، لكن كان تحت ضغط من مسئول اخر نائب لرئيس مجلس الإدارة اسمه رشاد تادرس.
تركت مواقع الشركة وعمت الفوضى والتسيب والنهب والسلب، وكثيرين اخذوا الملايين وهربوا من الشركة وفي كل هذا لم يلجأ سميح ساويرس صاحب الشرك إلي رفع قضية علي احد فيهم، بل كان التسامح هو عنوان معاملته.
وألان سأكتب عن أسرة آل ساويرس، وقبل إن ابدأ كلماتي أقول للجميع وعلي رأسهم نجيب ساو يرس إنا لا احتاج شئ منكم علي الإطلاق، ولكن اكتب من اجل الضمير والوطن إن تلك الأسرة قدمت للوطن مصر ما لا يقدمه احد عبر تاريخها علي الإطلاق ، فكفي إن أقول لكم إن اوراسكوم بكل أفرعها المختلفة قد تحملت أجور عشرات الآلاف من العاملين فيها من 2010 إلي 2014 وهي المرحل التي توقف فيها كل شئ في مصر تقريباً، بمعني إن هناك مئات الملايين من الجنيهات تحملوها رواتب من اجل فتح بيوت مئات الآلاف من الأسر تقريبا يعمل أربابها في اوراسكوم .
في تلك المرحلة كنت علي تواصل مع سميح ساو يرس، واعلم ما تحمله الرجل من ضغوط شديدة للتخلص من العمالة لديه، لكن رفض الرجل ذلك وقال " إنا وهما علي الله" ولمن لا يعرف آل ساويرس فهم أسرة متواضعة عصامية قام الأب الرمز والقيمة الوطنية المهندس انس ساويرس ببناء نفسه من الصفر بعد إن تم تأميم جميع أعماله إثناء الحكم الناصري، ولذلك نجدهم ملتصقين بثقافة القاع المصري وكل همهم هو فتح بيوت للغلابة والمهمشين المحتاجين عن طريق فتح أبواب العمل في شركاتهم.
وللأهمية إن معظم رجال الأعمال في مصر في الغالب تم صناعتهم بأعمال داعمة ومساعدة من الدولة، لكن تلك الأسرة كانت علي النقيض تماماً في بناء طريقها الاقتصادي بل ساهمت بقوة في الكثير من الأعمال التي خدمت الوطن مصر، وما زال فيض عطائها الخدمي والاقتصادي ينضح علي الكثير من بقاع مصر.
ورجوعاً إلي ما قاله المهندس نجيب ساويرس بخصوص تأثير ما فعله فيروس كورونا علي الاقتصاد العالمي فهو كلامه صحيح 100%، وهو ما صرح به الكثير من الاقتصاديين والمسئولين حول العالم، ولم يخطأ الرجل في شئ علي الإطلاق.
ولكن كان رد الزميل محمد الباز رد خارج عن سياق اللياقة والمهنية، وكان يلزم عليه الاعتذار ليس ل نجيب ساويرس لكن للمشاهدين الذين استقبلوا ذلك اللفظ علي الهواء مباشرة ومعهم الأطفال الذين بكل تأكيد تسألوا عن معنى اللفظ الغير مقبول.
والي الان لا اعلم وأتسأل لماذا يقوم الزميل محمد الباز دائما بإقحام نفسه في مواقف طائفية، وما الفائدة من ذلك إلا استنفار الملايين من المشاهدين ضد شخصه، وان كان يقصد زيادة عدد المتابعين وترديد اسمه في موضوع يخص قامة وطنية مثل نجيب ساويرس له ملايين المعجبين، هنا يكون قد اخطأ محمد الباز في حق نفسه ومصداقية مهنته .
الصحفي أو الإعلامي يستمد قوته من احترامه للمشاهد أو القارئ وان فقد ذلك اعتقد انه سيكون بلا تاريخ علي ألمدي القريب و البعيد.
وأخيرا أقول ل نجيب ساو يرس أنت اكبر من تلك المواقف، كثيرين سيحاولون إن يصنعوا شهرتهم علي حساب الصدام مع اسمك، وان كان صعب إن اطلب منك إن تتخلي قليلاً عن بساطتك وصراحتك وصدقك المباشر لان ذلك سمات وصفات شخصيتك، ولكن علي الآخرين إن يحترموا قيمتك الوطنية بعيداً عن تزييف المواقف واصطياد كلماتك.