الأقباط متحدون - إلى روح قداسة البابا شنودة الثالث
أخر تحديث ٠٥:٢٤ | الثلاثاء ٢٧ مارس ٢٠١٢ | ١٨ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٢ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إلى روح قداسة البابا "شنودة الثالث"

بقلم- المحامي نوري إيشوع
في هذا الزمن الأثيم، زمن خنق الأشواك للزروع، زمن صراخ الباطل في وجه الحقيقة، زمن إدانة الجريمة والعنف والتشريد المنظم للعدالة، زمن استهزاء الكراهية والحقد من المحبة والتسامح، زمن اعتلاء دعاة الإيمان والاستقامة منابر الكلمة ودعواتهم للهدم والقتل والتكفير دون خجل!، زمن هتك الأعراض وتلويث الشرف واغتصاب العذارى!.

ظهرتم يا قداسة سيدنا البابا كالجبل المقطم، الشامخ الذي لم يستطع أحد نقله وتحريكه إلا إيمان القديسين أمثالكم، فكنتم منارته، وأرسلتم بحكمتكم المعهودة أنوار محبتكم وفرشتموها على "مصر" كلها دون تمييز أو تفرقة، خاطبتم المعمورة ودعوتموها إلى معرفة حنان الرب والسير في طريق الحق والحياة، تقبلتم الإهانات بابتسامة الواثق، استقبلتم الشتائم والتجريح بالتسامح والغفران، مقتدين بربكم وإلهكم السماوي الذي قال في كتاب الحياة: "وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. احسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. (مت 5-44).

أثبتم يا قداسة سيدنا البابا لـ"مصر" والمصريين وللعالم أجمع أنكم الراعي الصالح الذي لم يبخل على خرافه بالعطف والرعاية والتنشئة الروحية، وذلك من خلال عملكم الدؤوب، وارشاداتكم الأبوية ومن خلال تمهيدكم الطريق الضيق لبناتكم وأولادكم ليفوزوا بالحياة الأبدية، لمستم بكلماتكم الروحانية أقسى القلوب التي فقدت الرحمة وفتحت الطريق لإله الشر "إله هذا الدهر"، أن يقودها ويقرِّر مصيرها! لمست برقتكم أصلب العقول التي اعتلاها الغبار وتراكمت عليها طبقات التفرقة والعنصرية وكره الآخر، فتحتم بمحبتكم اللامتناهية بصائر الآلاف الذين أعمتهم ظلمات قرون من دعوات عدم تقّبل الآخر ورفضه.

كنتم يا قداسة البابا الصخرة التي عليها بنيت كنيسة المسيح، بمواقفكم الشجاعة وباعتكافاتكم في صوامع الصلاة والتلاقي مع الرب الإله ليزيدكم صبرًا وحكمة وأنتم ترون دور الإيمان تُسلب، والكنائس تفّجر وتُحرق، وبناتكم تُخطف ويجبرون على تغيير إيمانهن!.

كنتم يا قداسة البابا الجندي المجهول الذي أحبّ أرض الكنانة حتى العظم، كنتم السد المنيع الذي تكسرت أمام تضحياتكم كل مؤمرات الغدر والخيانة وبائعي الأوطان، هؤلاء الذين أرادوا شل سلطاتكم الكهنوتية والإدارية ولكنهم فشلوا في قطع صلاتكم الروحية لأنكم كنتم في حضرة الآب السماوي الذي لم يترككم يومًا واحدًا!.

من خلال إيمانكم وإرادتكم الإيمانية الصلبة، تحملتم المتاعب وتجاوزتم المصاعب، وقاومتم المرض لتبقوا الربان الحكيم، والقائد المستقيم، فنلتم باستحقاق وسام الراعي الأمين، وأرسيتم سفينة المؤمنين في شواطئ النور، فتلاشت من بهائكم الظلمة، وركعت للمحبة النقمة!.

رحلتم عنا يا قداسة البابا بعد أن فتحتم أمامنا أبواب النعمة، وربطتم كل الأخوة والأخوات بروابط اللُحمة!

بتصميمكم يا قديس العصر، ورائد الفكر، وحامي الأوطان كالنسر، ورافع الصلاة والشكر بالرغم من قسوة المرض، وهول مصيبة الدعاة وتجار الحرب والجنس وجنود إله الخديعة والمكر، وقفتم شامخين وقفة عزةِ وشهامة، حافظتم بوداعتكم المعهودة على الأمانة، وفتحتم أبواب الحظيرة إلى خراف لم تكن تعرف الرب وعاشت بنعمتهِ مع الرعية دون ندامة.

خسرناكم يا قديس العصر، ورافع رايات النصر، لا بالسلاح لا بالعصا بل بنشر عطفكم ومحبتكم على كل "مصر"، ولكن عزائنا بأنكم تنعمون الآن في حضرة الآب الإله مع القديسين والأبرار الصادقين وبصلواتكم سوف تبعدون عنا الخطر.

اذكرونا بصلواتكم يا سيدنا المبجل، كلما صرخ طفل حرمته يد الغدر من عطف الوالدين، أذكرونا كلما صرخت أم ثكلى فقدت وحيدها، أذكرونا بصلواتكم كلما أستغاثت عذراء وطلبت النجدة للخلاص من عساكر إبليس، أذكرونا كلما أشرقت الشمس على المضطهدين، أذكرونا كلما غطت ليال رعيتكم عتمة القهر والسلب والتشريد المنظم!.

اذكروا بصلواتكم يا قديس العصر وملاك مصر، هؤلاء الذين شتموكم وأهانوكم من فوق منابر الكلمة الزائفة، اذكروا هؤلاء الذين ضلوا في طرق الشرير وتاهوا في دروب الظلم والخديعة لينير الرب عقولهم ويفتح بصرهم وبصائرهم ليعرفوا الرب الحقيقي الذي ليس إله انتقام ومكر، ليس جبارًا كما تعلموا بل هو محب ورؤوف، متسامح وغفور، وكيف لا وهو الذي فدانا وفداهم وفدى البشرية جمعاء لينالوا خلاصًا أبديًا!.

إلى روحكم الطاهرة نتوق يا سيدنا، وإلى وجهكم النوراني تتوجه أنظارنا ومن خلاكم سوف تنبلج شمس السلام على "مصر" والعالم وتشع نور المحبة وتشرق شمس الشرق، وعندها تُعزف أناشيد الفرح الروحي وترتل الترانيم والتسابيح لرب الأعالي عند الشروق.

فهنيئًا لكم مقامكم الروحاني الرفيع في حضرة إله المحبة وملك الملوك ورب الأرباب مع الأبرار والصالحين!

هنيئًا لكم مناداة الرب لقداستكم قائلاً في (مت 25-21) فقال لكم: "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير. ادخل إلى فرح سيدك".


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter