الأقباط متحدون | رجل صنع التاريخ
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٣١ | الثلاثاء ٢٧ مارس ٢٠١٢ | ١٨ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

رجل صنع التاريخ

الثلاثاء ٢٧ مارس ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : ماجد سوس       

                                           
  لم يخطر على قلبي انه سيأتي اليوم الذي سأمسك بقلمي لأرثي هذا الرجل العظيم ، لا لأنه لا يستحق الرثاء ، حاشا ، بل هو الشعور بالضآلة و العجز الذي يتملكني عند الكتابة عن الرجل الأسطورة الذي عاش بيننا و تتلمذنا على يديه و نهلنا من علمه ، نعم أسطورة أنت أيها العظيم في البطاركة. لقد أقامك الله علينا في مصر شامخاً شموخ الأهرامات  ، صائراً كعجائب الدنيا السبع التي يقف أمامها الإنسان في عجب و ذهول من قدرة الخالق على صنع انواع من البشر هم قادرون على صنع التاريخ .


   أمسك قلمي محاولا الكتابة بعد مضي ساعات قليلة من انطلاق روح أبي الطاهرة الى باريها .ما أصعبها لحظات  لا أعرف كيف سأكتب أو عن ماذا سأكتب  ومن أين أبدأ..القلم يرتعش في يديى، الدموع تنهمر من عينيى ، خفقات قلبي يسمعها من حوليى ..أتمنى أن يوقظني أحداً فأنتفض من كابوسي ..أشعر باليتم ..غربة فوق غربة ، لقد ذهب أبي عني ..لقد رحل سندي و معضدي ..اتركوني ،لا تمنعوني من البكاء أو الصراخ و الآنين ..دعوني أبكيه ، لقد بكى الهي على العازر حبيبه وتساقطت دموعه الطاهرة ، لقد ارتمى شعب الكنيسة في حضن بولس الرسول باكين مقبلين عنقه حينما قال أنه ذاهب ولن يروه .


  أيا كنيستي المجيده ، واحبيبتاه .. لا تمنعي نفسك ايتها العروس من أن تتشحي بالسواد  و أنت ِ تودعين حبيبك راعيك . اتشحي بالسواد كما اتشح شعب الله بالسواد يوم إنتقال موسى النبي بعد خدمة أربعين عاما في التيه .وقد اتشح شعب الله بالسواد على داود النبي العظيم حينما أنتقل بعد أن اعتلى عرش مملكة شعب الله أربعين عاما ، واليوم باباكي المعظم رحل بعد اربعين عاما في خدمة شعبك وأولادك .
هل تتذكرين الرقم أربعين و مدلوله الروحي ؟ انها ليست مصادفة أن تكتمل خدمته بعد أربعين سنة ففي قصه الفيضان الذي دام 40 يوما، نجد بان البشريه قد تغيرت من حالة العصيان الى الحياة الجديدة.الشعب العبراني، تتغير حالته من العبوديه الى حالة التحرر بعد مروره 40 سنه بالصحراء.
اهل نينوى تتحول من حالة الفجور والكفر الى حاله الاهتداء خلال 40 يوما.ايليا النبي يتحول من شخص عادي الى واحد من اعظم الانبياء بعد قضاء رحلته مدة 40 يوما.اما يسوع فينتقل من الحياة السريه الى الخدمة العلنيه بعد صيامه واعتكافه مدة 40 يوما.
هكذا نجد بان الرقم 40 ليس رقما زمنيا فقط  بقدر ما هو رقما روحيا. رقم يدل على التغيير والتحول والانتقال من حالة الى حالة الى حالة أكتمال الجهاد والسعي.هكذا حبيبنا الراحل البابا شنوده 


    اليوم و بعد سفر مثلث الرحمات البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث الى السماء ، أستطيع أن أسجل اعترافي بأنني و رغم كتابتي لعدة مقالات سابقة عن وطنيته و عن بعض ارائه في مجال الاحوال الشخصية الا أنني كنت أرفض المديح والثناء الزائد عملا بقول آبائي تعلمته في صغري بئلا تمتدح أحد في وجهه أو في ظهره . في وجه لئلا تأتيه ضربة يمينية فأكون انا المتسبب فيها أو في خلفه فتهيج عليه الشاطين وأتحمل أنا وزر ذلك أيضا.
 أما الآن وقد أنطلقت روحه الطاهرة الى السماء أستطيع أن أسجل عن الرجل البار كل ما أتصف به و يزيد . نعم ، هو معلم المسكونه ، التي أضاءت تعاليمه الدنيا كلها من مشارق الشمس الى مغاربها و من الشمال الى الجنوب ، لذا حق علينا أن نسميه ونشبهه بذهبي الفم . وعن النهضة فقد أصلح و عمر القلوب والنفوس و الكنائس و الأديرة وأنشأ أبراشيات في كل بقاع الأرض لذا حق علينا أن نسميه أبو الإصلاح كالقديس كيرلس عامود الدين .

وعن الإيمان القويم فقد دافع عنه بكل قوه و أحتفظ لنا بكل تعاليم وتقاليد الآباء و في عهده سجلت نوتة موسيقية لكل ألحان الكنيسة موجود منها نسخة في مكتبة الكونجرس ، لذا حق علينا أن ندعوه بحامي الإيمان كأثناسيوس الرسولي البابا العشرون.أما الكرازة في كل المسكونة و البشارة و دخول غير المؤمنين الى الإيمان فكنائس هذا عددها و قد إمتلئت بغير المصريين من كل القبائل و الأمم والشعوب و قد أنشأ اسقفية خاصة بشئون الكرازة ، لذا فحق علينا أن نناديه بشنوده المبشر الرسولي .


   لا يسعفني الوقت أن أتحدث عنه  كعبقري فيلسوف ، أديب ، شاعر ، صحفي ، مفكر ، مرشد ، مدرس ، وفوق الكل ناسك ، عابد .أما صفاته كحكيم ، متزن ، شديد الذكاء ، قائد عملاق . يهتم بشعبه جدا و لاسيما الفقراء وكان يقود بنفسه لجنة البر في القاهرة و الأسكندريه و كان يعطي الفقراء بسخاء و بكل حب و حنان .


 نعم الرجل أسطورة ، يجمع صفات عدة أشخاص في شخص واحد ، رجل من القرن الرابع وضعه الله في زماننا ليكون آية لنا .أرثيك يا أبي بدموع الفراق و لوعة الفقدان على أنني على يقين أن أنحلالك من قيود الجسد وجلوسك في حضن المسيح  سيجعلني محور طلباتك وشفاعاتك لأجلي و أخوتي .. الى أن نلتقي أطلب من يسوع أن يكون لي نصيب معك يا صانع التاريخ . 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :