الأقباط متحدون - الشريعة بحسب الفكر المسيحى
أخر تحديث ٠٠:٣٦ | الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٢ | ١٦ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٠ السنة السابعة
إغلاق تصغير

الشريعة بحسب الفكر المسيحى


 بقلم : القس أيمن لويس 

كنت أفكر فى أثارة هذا الموضوع منذ أتضح للكافة أن المجلس العسكرى يتجة لتسليم دفة البلاد للاسلاميين بأختيار لجنة طارق البشرى للتعديلات الدستورية وما تلاها بأخراج مشهد الاستفتاء عليها ،على النحو الطائفى الذى شاهدناة جميعاً . وبدا المشهد قريب من تحقيق حلم الاسلاميين وهو ما يطلقون علية تطبيق الشريعة ! وكأن مصر لا تحكم بالشريعة الاسلامية التى هى مكون أساسى من مواد دساتيرها السابقة واللاحقة ، علما بأن هذا المصطلح (الشريعة الاسلامية) فضفاض غير محدد القصد ومدى الاتجاة فى التشدد ، فليس لنا بمصدر نستطيع من خلالة قراءة الشريعة فى صيغة مواد قانونية محددة من خلالها يتم تنفذ الاحكام على نسق القوانين الوضعية ، وحسب علمى أن أحكام الشريعة مختلف عليها بين الاراء الفقهية والتيارات الاسلامية وحتى كتابة هذه السطور لا نعرف إن كانت لعبة كرة القدم والشطرنج مسموح بها بحسب الشريعه أم لا ؟! وهذا على سبيل المثال ، وجل ما نخشاة أن يتم أستخدام الشريعة لتكون هى الحجة لتكريس وتقنين أضطهاد الاخر بوجه عام والمسيحيين بوجه خاص ، وبخاصة ما يتعلق بممارسة ضغوط لأسلمة مسيحيين . كل هذا دون أن ينشغل أحد بمجرد البحث عن الفكر المسيحى والشريعة . وعندما كتبت الاستاذة فاطمه ناعوت فى مقال (مهما عملتوا ) قائلة"القانون هو الحد الادنى للاخلاق أما الضمير فالحد الاعلى . القانون حدوده ضيقه ، لأنه يحكم على الاعمال الظاهرة التى عليها دليل مادى يثبتها ، أ

 

ما الضمير فيحكم على الفكر ومشاعر القلب التى لا يصل إليها القانون " . شعرت بأهمية الكتابة فى الموضوع ، فكلماتها القوية كانت مصدر الهام لى ، لذا أضيف على كلام الاستاذة الرائع ، التى على دراية واسعة بخصوصية الثقافة المسيحية . القانون أى الشريعة هى القصاص بعد وقوع الخطاء أما الضمير يدين ويوجه الانسان حتى لا يكون الخطأ ، كما ثبت أن الشريعة رغم صرمتها لم تغير الانسان فلازال هناك سرقة وزنى وقتل ... الخ ، فقد أعطى الله أحكام الشريعة فى القديم  كخطاب للجماعة من أجل تنظيم الامة ، لضمان السلام الاجتماعى والنظام الاخلاقى ومساعدة المجتمع على الرقى والتسامى ، أما شفاء الضمير هو تغيير الانسان . وهنا كانت شريعة العهد الجديد التى تخاطب الفرد ، انجيل الرب يسوع المسيح وهو سر قوة وروعة الايمان المسيحى وعمله ، تغيير الفرد الذى هو اللبنة الاولى لبناء المجتمع . تغيير الشرير ليصبح صالح ، تبكيت السارق ، ليس فقط للكف عن السرقة ، بل حتى يرد المسلوب . وهذا ما يقوم به روح الله الروح القدس(يوحنا8:16) . القانون (الشريعة) لا يعلم الحب والرحمة والتواضع والتسامح والفضيلة ، لأنها قانون . والقانون لة ثغراته ، مثل التى تعتبر الباروكة بديل لغطاء الشعر ! . أما الضمير لا يعرف الحلول الوسط ، لذا يفضل الانسان حكم الشريعة ويهرب من مواجهة الضمير ، الشريعة تطبق على المخطىء من خلال دينونة الاخرين له أما الضمير هو أن يكون الانسان هو المتهم وهو القاضى .

   إن شريعة العهد القديم التى أعطها الرب لموسى هى حالة لها ظروفها الخاصة ولها خصوصيتها كما هى مرحلة تمهيدية تأهيلية لشريعة العهد الجديد التى تختلف اختلافا جوهريا ومنهجياًعن سابقتها رغم عدم نسخها أو تعارضها !! .
   أولاً . أعطى الرب موسى هذه الشريعة لشعب استُعبد لمدة أربعمائة سنة فى أرض غريبة لها حضارتها ولغتها والهتها وعاداتها وتقليدها .. ألخ ، فقد خلالها خصوصيتة وهويته كشعب مفرز من الله.
   ثانياً . طبيعة الانسان البسيطه والبدائية وأحتياجه لمنظومة من القوانين والشرائع لتعينه على تنظيم حياته من كافة الوجوه وتأهيله والارتقاء به لأستقبال الاعلان الارقى عند مجىء المخلص الرب يسوع .
   ثالثاً . لتكون هذه الشريعة نموذج للقوانين الوضعية التى يضعها الانسان بحسب المتغيرات والمستجدات فيما بعد لضمان تحقيق السلام الاجتماعى والعدل وتنظيم الحياة الانسانية فى أتساق مع الالتزامات الروحية.

   أخطأت الكنيسة خطأ بالغ فى ألاهتمام والتركيز وقصر الخطاب على تفسير كلمة الله على الامور الروحية والعبادية والعقائدية فقط فى أغفال كامل للجوانب التطبيقية للحياة الدنيا بكل ما فيها ، مرتكنة فقط على التنبير على الثقافة المسيحية المختصة بالحياة الابدية والاخلاق ، مما جعل الصورة تبدو أن ألايمان المسيحى غير معنى بمواجهة بقية جوانب الحياة اليومية . إن الكتاب المقدس بالرغم من تميزه بدقة المعانى وتحديد المواقف بمعنى أنه ليس حمال أوجه ، إلا أنه فى ذات الوقت سباقاً فى تقديم المفاهيم المتوازنه والتى تتمشى مع كل عصر وكل حضارة ، كما يقدم الخطوط العريضه الاساسية كمرشد للانسان فى مواجهة مواقف الحياة اليومية ، على سبيل المثال يقدم الكتاب المقدس الفكر المتوازن للدولة المدنية الحديثه كما يكرس فكر المواطنة ، حيث قام بالفصل المقنن بين سلطة الدولة والسلطة الدينية (الكنيسة) وعملها الروحى ومشاركتها الاجتماعية فى الحياة المدنية فى تناسق وعدم تعارض مع المؤسسات المتخصصه ( وما حدث فى العصور الوسطى كان تجاوز بشرى من رجال الدين غير مستند لنصوص الوحى ) . أنه المنهج لبناء المجتمع الصحيح ، بعيداً عن النزاعات اليساسية والاتجاهات والتيارات المتقلبة مع القدرة على قبول التغيرات ، فهو يحترم سلطة الدولة وهيبتها ، فبالرغم من أن الوحى كتب منذ أكثر من الفى سنة ، إلا  أنه يمثل البوصلة التى ترشد وتقود إلى الطريق الصحيح حتى اليوم وهذا هو الاعجاز بذاته . ومن الجدير بالملاحظة أيضاً أن الايمان المسيحى فصل ما بين الهوية الدينية والهوية الوطنية والقومية ، بين عبادة الله مع الاحتفاظ بخصوصيتى الوطنية فى المنظومة البشرية ، فقد ارسل المسيح المؤمنين ليكونوا ملح فى العالم ونور فى الارض لنشر الاخلاق وحفظ السلام الاجتماعى مع الاحتفاظ بالانتماءات الوطنية من حيث الارض واللغة والنظم الادارية والسياسية مع التنبير على الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والشفافية وتحقيق المساواة بين بنى البشر (ملاخى8:6) . لذا كان الوحى الالهى (الكتاب المقدس) ليس لقوم بعينه أو بلغة خاصة بطريقة يصعب ترجمتها لألسنه مختلفة. 

     وحتى لا يكون كلامى مجرد كلام مرسل ، اذكر لك عزيزى القارىء هذه اللمحه الصغيرة كمثال عن شريعة العهد الجديد ، فبمقتضى أعلان رب المجد يسوع "أعطوا أذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله"(مت15:22-20) ،(مت24:17-27) أنه أعلان بتحديد ألاختصاصات ويشمل ، الفصل بين السلطات المدنية والامور الروحية والجهات المعنية بها ، وأن دفع ضريبة الهيكل (الزكاة والصدقة ) لا تمنح الحق فى الامتناع أو التهرب من دفع الضرائب المستحق للدولة ، مع الوضع فى الاعتبار أن هذة الدولة التى يتحدث عنها الكتاب المقدس ليست دينية بل كانت وثنية . كما أعُلن أيضا أن جميع نظم الادارة الدنيوية المختصة  بألادارة الكونية هى بترتيب وبسماح من قبل الله (رو 1:13-7) ، وأن السلطات درجات ، فجعل فوق كل عالى عاليا (جا8:5) ، كما أقر النظام الدنيوى من جهة الحصول على الحقوق أن تكون بالتقاضى وبالشرطة (أى السلطات القضائية والتنفذية) (أنظر قول السيد المسيح فى متى 25:5-26) ، وأيضاًعندما جاءه نفر متجاوزاً هذا الترتيب والنظام الزمنى يسأله "قل لأخى أن يقاسمنى الميراث" أجابه رب المجد يسوع وهو الديان العادل فقال له :"يا أنسان من أقامنى عليكما قاضياً أو مقسماً ؟"(لو14:12) !! أنظروا معى إلى أى مدى الاحترام للنظام وعدم الخلط فى الاختصاصات ورفض الاساليب العرفية والخضوع للمؤسسات والجهات الشرعية. أننا نحتاج  أن  نقراء الكتاب المقدس  بنظرة أكثر شمولية مميزين الابعاد السياسية والحياة الاجتماعية وكيفية التعامل معها  وأهمية المشاركة الايجابية وعدم أعتبارها شر وانها من أعمال محبة العالم ، صحيح أن مشاركتنا السياسية ليس مرحب بها من قبل الادارة السياسية للبلاد وقطاع كبير من الاغلبية الذين يؤمنون بعقيدة التمييز الدينى وهم اعضاء التيارات الاسلامية ، الذين قدم لهم المجلس العسكرى كل مقومات النجاح والتمكين للانقضاض على مقاليد الحكم وادارة البلاد .  أذاً نحن المسيحيين لدينا شريعة تحكمنا  مكتوبة فى الكتاب بعهديه القديم والجديد فى الاول كتبت على الواح من حجارة فى صيغة القوانين والاحكام  ، وفى الثانى كدستور ملزم لايجب أن تتجاوزة القوانين الوضيعة وأحكامها .  هذا الدستور يغطى كافة  مناحى حياة الانسان  وجوانبها مثل المرأة والزواج  والمواريث والدولة  والاخر ..الخ    .   


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع