ايمن منير
في مساء الأربعاء (18/11/1959م) عَلِمَ سامي بوجود البابا كيرلُّس بمقرهُ بالكنيسة المرقسية بالإسكندريّة .. فأخذ تلاميذهُ لنوال البركة ..
لحظات قليلة .. والبابا يُحدِّق في عيني الخادم الأمين .. مثل قدِّيس ينظر ليرى ما تُخفيهِ هذه النفس من أسرار .. ويعلم منهُ سر مجيئه إلى هذا المكان في ذلك التوقيت ..! خاصة وأنّه لم يأتِ لزيارتهِ وحده بل مع قطيعهُ الصغير .. فهو إذاً راعي صالح يقود خِرَافه إلى المراعي الخضراء ..ولهذا يستحق أن يكون له رعيةً .. وبصوت ملؤه الحُب يطلُب من سامي أن يرسمه كاهناً ..! فلقد تبددَّت الغيوم والأمواج .. وبدأت سفينة حياتهِ ترسوا فوق شاطئ الكهنوت
..!؟ وهل يُمكنهُ أن يترُك العالم ويذهب للدير بعدما اُصيب والده بشلل ..!؟ كيف بعدما أعطى حياتهِ لخدمة القطيع آن يتخلَّى عن والدهُ المريض ..!؟
أسئلة كثيرة تزاحمت في رأسه وأخيراً أحنى سامي رأسه في اتِّضاع .. ثم طلب الصلاة .. بعدها يُغادر المقر ويذهب إلى منزلهُ .. وقد كان ذلك اللقاء السمائي هو الخُطوة الاولي علي الطريق في رواية .. حياة الكهنوت الَّتي يستحقَّها سامي كامل .. وقد كان الله يُعدهُ لها روحياً وعملياً دون أن يعرف ..
أياماً قليلة .. قضاها سامي في دير أنبا صموئيل عاد بعدها يوم الاثنين (23/11/1959م) إلى منزل صديقه الأُستاذ يوسف حبيب الَّذي نصحه بطاعة البابا ففي الحال وافق وذهبا كلاهُما لمقابلة البابا كيرلُّس .. فعندما رأه مُثلث الطوبي قداسة البابا كيرلس السادس قال له: ( ارتحت يا أخويا ..؟ ) فأجاب: نعم، فقال قداسته : ( يعني ماكانش حد هنا في الإسكندرية يقدر يريَّحك ..! ) فابتسم سامي..! وفي تلك اللحظة شعر كأنَّ أيدي حريريّة تبسط ثوباً ناعماً على رأسه العارية وأجنحة سماويّة تُرفرف حولهُ .. فهدأ جسدهُ وسكنت روحهُ وشعر بعاطفة عذبة تملأ خلايا صدرهِ فأدرك أنَّ الله يتلامس معه ولن يتركه حائراً لأنَّه قد أحبهُ .. هذا هو تلامُس الله مع النفس البشريةِ حينما يكون راضياً عنها يُفرح القلب ويُقر العين ويُريح البال والضمير ويُخمد نيران الهواجس والتفكير في امور غريبةً تُتعب الانسان .. آن تلامُس الله مع القلب البشري عجيبًُ جداً لا يُدركهُ الانسان دُفعة واحدةً ولكن يظل ينهل من أحسانات الله ويظل الله يُعطي تلك النفس كل يوم عطايا جديدة .. ولكن ألاحساس فقط بالراحة هوا الذي يأتي دُفعة واحدة وهذا ماتُريده كل نفس .. وقد كان علي يَدّي رجُل قديس مثل البابا كيرلس استطاع في حياتهِ ان يتحد بالله يومياً في قُداس وذبيحةً الهيةً وياخُذ جسد الرب ودمهُ .. وصلوات لا تنقطع وميطانيات وتسبحةً
يقوم لها في الرابعة صباحا تنتهي برفع بخور باكر وصلوات السواعي والقُداس الذي في اعتقادي لمن حضر قُداساً لقداسة البابا كيرلس .. أعتقد انهُ لن يكون واثقاً تماماً وهوا داخل الكنيسة انهُ يقف علي الارض وتستقر قدماه بل رُبما بالسماء .. آن التقرُب من رجُل قديس بهذه القامةِ يجعلك تشعُر بالسعادةِ الحقيقيةِ وبانك سليمًُ مُعافي .. فما بالك من التقرُب من شخص الرب يسوع نفسهِ واخذهُ داخلك وماهو شعورك بعد التناول من الاسرار المُقدسة .. انهُ أحساس لا يوصف تشعُر بآن احمالاً عثرة الحَمل قد انزاحت عن صدرك وكاهلك وبانك تُرفرف كالحمامة وتطير كالعصفور .. لذلك فان الله هو مصدر كل فرح وهو الذي يقول افرحوا في الرب كل حين واقول ايضاً افرحوا .. هو الذي يُعطي بسخاء ولا يُعَّير .. يُعطي اكثر جداً فوق كل احتياج اكثر مما نطلُب او نفتكر .. اطلبوا الرب مادام يوجد .. فسوف تجدون معهُ كل نعمة الهيةً نازلةً من فوق من عند أبي الانوار .. الله حنون يقرع علي الباب ويظل واقفاً ينتظرنا ان نعود ويترجي الرجوع .. فارجعوا للرب .. لانهُ آن رجعتُم الي ارجع اليكم يقول الكتاب .. توبوا وارجعوا لكي تأتي اوقات الفرج من وجه الرب ..
صلوا لاجلي