أمينة خيري
ما أن هدأت الأمطار وسكنت العواصف، حتى تفرغنا لخطر «كورونا» المتصاعد. وعى صحى كبير اعترى أغلبنا. نظافة أيدى، تطهير أسطح، ارتداء قفازات، ولكن مازال بيننا من يبصق ويستنثر الأنف على الأرض ثم يمسح يده فى ملابسه، آه والله! إجراءات جيدة يتخذها بعض المطاعم والسوبر ماركت حيث كمامات يرتديها بعض العمال! أما تلال القمامة فمازالت تتكون فى الشوارع. ليست نكتة، ولكن بسؤال أحدهم عن موقف السوبر ماركت الذى يعمل فيه من القمامة وخطر كورونا، رد بكل أريحية: «القمامة مالهاش دعوة بالكورونا». عموماً، المؤكد أن وعى القاعدة العريضة بالنظافة زاد كثيراً بفضل «كورونا». ونحن نأمل فى المزيد، حيث النظافة الشخصية لا تقتصر بالطبع على غسل الأيدى وارتداء الكمامات. كما أن استدامة المفاهيم الجيدة التى اكتسبناها فى الأيام القليلة الماضية تعتمد على قناعة بأهمية النظافة أكثر من فزع من فيروس يتلاشى مع تضاؤل خطورته.
خطورة «كورونا» لا تنافسها فى الفداحة وقوة الهدم المتعددة سوى الأمية العنكبوتية الرهيبة: «حظر تجوال يوم الثلاثاء» «نقص حاد فى الخبز والدواء والبنزين والسكر والزيت» «محافظة الدقهلية بؤرة انتشار الفيروس» «أسراب الجراد تجتاز الحدود المصرية» «إلغاء الدراسة وليس تعطيلها» «قطع الماء والكهرباء والهواء عن مصر لمدة سبعة أيام» «قطع الإنترنت عن شرم الشيخ وكفر الشيخ شارع الشيخ ريحان» وغيرها كثيييييير من هدايا «فيسبوك» و«تويتر» التى يحولها المصريون إلى «شير فى الخير ياابنى» و«إبعت لكل أصحابك يابرنس». يهيأ لك أن ابن خالتك خريج الجامعات المحترمة على قدر من الوعى، فتجده باعثاً لك رسالة صوتية سجلها شخص ما على سطح المعمورة بأن حظر التجوال سيفرض يوم كذا. تنبهه أن عليه أن يبحث فى مصداقية الرسالة قبل أن يثير الهلع، فيغضب لأنك لم تقدر حبه لك وخوفه عليك. تتصور أن صديقة الدراسة الأم الفاضلة التى ربت ثلاثة شباب متقلدين مناصب متميزة فى فرنسا وكندا ترسل أدعية هستيرية على «واتس آب» لينقذ الله تعالى أمة المسلمين من خطر «كورونا» ولا تقبل أن يسائلها أحد عن مصير بقية أمم العالم، بما فيها الأمم التى يعيش فيها أبناؤها. وحين تسألها عن موقفها فى حال توصلت أمم غير المسلمين للقاح يقى شرور الفيروس، هل ستستخدمه وأبناؤها وأحفادها، أم تمنعهم لأن غير المسلمين هم من ابتكروه، تدور وتلف سبع لفات قبل أن تخبرك أنهم فى النار ونحن فى الجنة.
وتحفل مواقع خبرية مصرية بالعديد من العناوين المتراوحة بين «دعاء التحصين من فيروس كورونا» و«تعرف على أدعية نبوية محصنة من كوفيد – 2019» و«أدعية وأذكار للوقاية من كورونا». والدعاء مطلوب بالطبع بينما نعمل على البحث والابتكار، لكن أن نكتفى بالدعاء و«لايك» و«شير» الإشاعات والأكاذيب لتمضية الوقت إلى أن تتوصل أمة أخرى لعلاج أو لقاح، فهذا يحتاج إلى دعاء مضاعف ليذهب البلاء بأنواعه.
نقلا عن المصرى اليوم