بقلم : د . مجدى شحاته
تسبب فيروس كورونا المستجد ، والذى بدء يغزوا العالم مع اطلاله عام 2020 ، الى تغيرات جذرية بل ومأساوية فى كافة المجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وسياحيا ورياضيا وأخلاقيا ، وغيرها من أساليب الحياة اليومية والمعيشية للبشر فى معظم دول العالم .
بل يمكن لنا ان نقول ان انتشار الفيروس بصورة غير مسبوقة فى العالم ، ادى الى تغيرات فعلية فى سلوكيات الناس فى المجتمعات المختلفة .
فيروس كورونا المستجد لم يفرق بين حاكم ومواطن ، يهاجم الغنى والفقير، يهدد المشاهير والمغمورين ، فالكل سواسية أمام كورونا. بكل صراحة ووضوح ، لا يقلقتى انتشار فيروس كورونا بقدر ما يقلقتى ويزعجنى العقلية التى تشكل فكر ووجدان معظم الذين يروجون وبامتياز لبث الهلع والفزع والخوف والرعب بين الناس !! تصريحات على كافة المستويات مثيرة للرعب بكل أشكاله وصوره .
على سبيل المثال تخرج علينا وسائل الاعلام تحمل تصريحات سلبية من مسئولين كبار فى دولة ما ، ان شعبها على أعتاب كارثة مرعبة وخطيرة والاصابات بفيروس كورونا سترتفع لتنال عشرات بل مئات الملايين من مواطنى هذه الدولة !! ودولة اخرى يعلن المسئولون فيها ان 70% من سكانها سيصابوا بالفيروس القاتل !! ومسئول كبير فى دولة ثالثة يبشر شعبه بأن الدولة عاجزة عن ايقاف الوباء وأن عدد الحالات سيرتفع بشكل حاد وعلى الجميع الاستعداد لفقدان أحبائهم قبل الاوان !! بجانب تصريحات المسئولين المرعبة والمربكة ، تطالعنا وسائل الاعلام وصفحات التواصل الاجتماعى ، بموجات عاتية من المعلومات المغلوطة والمفبركة مع الخلط بين الخيال والواقع ، بجانب مزيج من الخرافات والاكاذيب والشائعات ، مع المبالغة والتهويل حول الفيروس المستجد القاتل .
الامر الذى يؤثر بطرقة سلبية وخطيرة على سلوكيات الناس وتصرفاتهم المعتادة ، مثل التصارع على شراء وتخزين السلع والمواد التموينية والغذائية ، فضلا عن الهلع والخوف والرعب النفسى الذى انتاب الكل ، سواء فى محيط العمل او المواصلات العامة او الاسواق التجارية او المدارس والمعاهد او الشوارع وأيضا دور العبادة لا يمكن ان ننكر أهمية المعلومات الصحيحة والبيانات والتعريف عن الفيروس وطبيعته .كأمر مهم ، ولكن الاهم .. والهم .. المهم .. شن حملات من التوعية السليمة والمستمرة للمواطنين من مختلف الفئات ، بهدف ارشادهم بالطرق الصحية السليمة لتجنب العدوى ، وكيفية التصرف فى حالة ظهور أعراض مرضية تشير للأصابة بالفيروس .
لا يمكن ان ننكر ان هناك مخاوف ترجع لأسباب كثيرة متشابكة ، ولكنها مقبولة ومنطقية ، منها طرق انتشار المرض فى معظم دول العالم بطريقة سريعة ، مع عدم التوصل حتى الان الى اللقاح او المصل الذى يحد من انتشار المرض ، أو عدم ظهور الاعراض بوضوح على بعض المرضى الامر الذى يساعد على انتشار المرض .
بجانب ذلك ، ما هو المانع من تسليط الضوء على بعض الايجابيات التى تبعث الامل والاطمئنان فى نفوس البشر، ليس بغرض التضليل والتعتيم ، ولكن بغرض رفع الروح المعنوية وهدوء الحالة النفسية التى تساهم ايجابيا فى التصدى للفايروس المستجد . من بين تلك الايجابيات ، ان 85 % من المصابين لا يحتاجون الى علاج ويتم شفائهم تلقائيا ، تصريح لجنة الصحة الوطنية الصينية بأن ما يزيد عن 58 ألف حالة ، قد تعافت تماما من الالتهاب الرئوى الناجم عن الفيروس من بين 80 ألف حالة تم تشخيصها ومن الاخبار الايجابية أيضا ، ان الولاايات المتحدة نجحت حتى الان فى التوصل الى لقاح ضد الفيروس المستجد وان اول التجارب لأستخدامه على الانسان تبدأ خلال أيام بعد الانتهاء من استخدامه على حيوانات التجارب المعملية .
كذلك رغم اعلان منظمة الصحة العالمية بان فيروس كوفيد-19 جائحة أى انه وباء عالمى ، الا ان المنظمة أكدت انه يمكن السيطرة عليه اذا عززت دول العالم الاجراءات اللازمة للتصدى له .ان فيروس كورونا لا ينتظر تأشيرة دخول لأى دولة فهو مايكروب عابر للقارات ، قادر على التسلل لأى دولة فى العالم ، الكل يعلم ذلك ، لذا فان الامر الضرورى الذى يهم الناس ، هو الوعى الصحى ، ثم الوعى الصحى ...
وليس من الحكمة بث الفزع والرعب فى القلوب بنشر أعداد الملايين من البشر المتوقع ان يصابوا بالفيروس وكم مليون من البشر سيلقى حتفهم !!! ، بجانب الاعلان عن اجراءات مبالغ فيها وبشكل مرعب لا يتناسب مع حجم الخطر على المستوى العالمى . لقد سبق ان مر العالم بأوبئة مميتة ، مثل انفلونزا الطيور والخنازير وسارس وزيكا والايدز وسقط فيها الآلاف من الناس ولم يعش الناس فترات من الخوف والهلع كما هو الحال الان فى ظل كابوس كورونا ، القاتل نفسيا أكثر ما هو قاتل جسديا .
ان الصلاة و الرجوع الى الله الحافظ الشافى ، مع هدوء الحالة النفسية ، ورفع الروح المعنوية للبشر ، تمثل الطريق الامثل الذى يمهد للتصدى للفيروس ذلك الضيف الثقيل .