الأهالي يرفضون سيناريو الانتحار: واحدة أقنعت البنات إن الحبوب بتخن
رحلت طالبات طوخ القراموص الثلاث، وبقيت أحداث وفاتهن تثير الحزن في نفوس ذويهن، كما بقيت الأسئلة كيف وأسباب تناولن حبوب غلال سامة، حيث يصر الأهالي على أن البنات قامت بتناول الأقراص السامة بعدما أقنعتهن إحدى زميلاتهن بتناولها لزيادة أوزانهن، رافضين فكرة انتحارهن قصدا أو هزارا.

والد إيمان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة
داخل منزل بأحد الشوارع الجانبية بقرية طوخ القراموص، التابعة لمركز أبو كبير جلس محمد عبدالله عبدالحميد، معلم خبير، على كرسي بمدخل الصالة يمسك بصورة ابنته "إيمان"، طالبة الإعدادية ويحتضنها برفق ويتحسس ملامحها ويرسم صورتها حية في ضباب مخيلته لتعلو شفتيه ابتسامة خافتة، كأنه تراءت له صور من حياتها، يتذكر لحظات لهوها وضحكاتها ومدعباتها له عند الصباح، وسرعان ما تتبدل ملامح وجهه ويغطيه الحزن لتتداخل المشاهد التي مرت أمام عينيه كشريط فيلم قصير انتهى بمشاعر الحزن والوفاة.

"إيمان كانت نور عيني ودلوعة العيلة ووفاتها كانت صدمة للعائلة وجميع الأهالي"، بتلك الكلمات بدأ الرجل الخمسيني حديثه معنا وتابع قائلا: "إيمان كانت حافظة للقرآن الكريم ومتفوقة دراسيا وحريصة على أداء الصلاة في أوقاتها".

ونفى ما تردد عن إقدام ابنته على الانتحار بإرادتها، مؤكدا أنه ليس هناك ما يدفعها لذلك، و"لم نشعر بأي تغير في حالتها النفسية ولم تفارق الابتسامة وجهها قط"، مشيرا إلى أنها كانت تعيش حياة طبيعية وسط أسرة ترعاها وتهتم بجميع شؤون حياتها، وتوفر لها كل سبل الراحة.

وروى والد الضحية "إيمان"، تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة ابنته قائلا: "استيقظت ابنتي مبكرا كعادتها لتذاكر دروسها، وتوجهت إلى إحدى المجموعات الخاصة للدروس، وبعد انتهاء موعد حصة الدرس عادت إلى المنزل وتناولنا طعام الغداء سويا، حيث شاركت في تجهيزه وكانت مرحة كعادتها، ثم غادرت وتوجهت إلى مجموعة درس مادة أخرى، لتعود وقد بدأت تظهر عليها أعراض التسمم الذي أدى إلى وفاتها".

وتابع: "فوجئت بشقيقتها تخبرني أنها تعاني من حالة إعياء وقئ واصطحبتها إلى أحد الأطباء، وأخبرني أنها تعاني من ألم بالمعدة ووصف لها بعض الأدوية، وما أن عدنا إلى المنزل تفاجأت بجارنا يخبرني أن ابنته بسنت صديقة إيمان قد توفيت بعد معاناتها من نفس الأعراض".

وأردف "اصطحبت ابنتي وتوجهنا إلى مستشفى أبو كبير المركزي، وفي الطريق أخبرتني أنها تناولت ربع حبة حفظ الغلال مع صديقتها التي توفيت وأخرى تبين معاناتها من نفس الأعراض"، مضيفا أنها أخبرته أن زميلة لهن أقنعتهن بتناول جزء من حبة الغلال لمساعدتهن على زيادة أوزانهن"، لافتا إلى أنه جرى نقلها إلى مستشفى الزقازيق الجامعي ثم توفيت.

وأضاف الأب المكلوم أنه لديه 4 بنات غير المتوفية، 3 منهم تزوجن بعد حصولهن على الشهادات الجامعية، وأخرى في الصف الثالث الثانوي.

واختتم حديثه قائلا: "بناتي هما اللي طلعت بيهم من الدنيا وربنا يصبرني على فراق إيمان".

والتقطت "هاجر"، شقيقة المتوفية طرف الحديث قائلة: إن شقيقتها لم تعاني من أي أزمات نفسية وكانت دائمة الحديث عن المستقبل وطموحها باستكمال دراستها الجامعية.، مضيفة، أن والدتهن تعاملهن كصديقة لهن.

والدة شاهندة: كانت تستعد لحضور خطوبة عمها
في السياق نفسه، أكدت رشا الشبراوي أحمد، والدة المتوفية "شاهندة": أن ابنتها كانت تستعد لحضور حفل خطوبة عمها، وذلك قبل يوم من وفاتها، حيث قامت بشراء ملابس جديدة بمبلغ 650 جنيها، إلا أنها توفيت في اليوم الذي كان مقررا أن تكون فيه الخطوبة لتتحول الأفراح إلى أحزان.

وتابعت: "شاهندة هي الابنة الكبرى لي ولها 3 أشقاء أصغر منها، وكانت مرتبطة بالعائلة كثيرا"، وأردفت: "ابنتي لا يمكن أن تنتحر فهي لم تتخطى الـ 15 عاما فأين هي متاعب الحياة التي ربما تدفعها لذلك خاصة أن والدها كان يحرص على تلبية كافة احتياجاتها قبل أن تطلبها".

وأضافت أنه بمجرد ظهور أعراض التسمم على ابنتها توجهت بها إلى أحد الأطباء وطلب منها إجراء تحاليل وإحضار أدوية، وأثناء تواجدها في الصيدلية أخبرها الصيدلي بضرورة نقلها إلى المستشفى مبينا أن هناك حالتين أخريتين، كانتا تعاني من نفس الأعراض، مضيفة أنها نقلت ابنتها إلى مستشفى أبو كبير ومنه إلى الزقازيق الجامعي، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة داخل المستشفى.

وأكدت الأم أن ابنتها أخبرتهم أنها تناولت جزءا من حبة الغلال بعدما أحضرته إحدى زميلاتها، مشيرة إلى أنه يساعد على زيادة الوزن، ولفتت إلى أن آخر كلام ابنتها لوالدها "سامحني يا بابا مش كنت أقصد مش كنت أعرف مش تزعل ماما ولا صحابي".

والد بسنت: ابنتي كانت أولى الضحايا
"الحقني يابابا أنا مش عاوزة أموت"، كلمات رددتها الضحية "بسنت إيهاب محمود محمد"، قبل أن تدخل في غيبوبة ويتوقف نبض قلبها ليعلن مفارقتها الحياة إلا أن الكلمات مازال صداها يتردد على مسامع والدها رغم أن جسدها وراه الثرى.

ويقول الأب، إن ابنته كانت أولى ضحايا حبة الغلة ثم صديقتها إيمان ثم شاهندة، نافيا فكرة ورود الانتحار على ذهن ابنته، لافتا إلى أنها كانت أخبرت والدتها أنها ستتوجه إلى منزلها وطلبت منها تجهيز الطعام الذي كانت تحبه، كما تبادلت الحديث معه عن الاستعداد لرحلة تنظمها أكاديمية النادي الأهلي بأبو كبير، كان من المقرر أن تكون الجمعة التي تلت الحادث.

وأشار والد بسنت، إلى أنه كان تلقى اتصالا هاتفيا من إحدى السيدات تخبره بتعرض ابنته لحاله أعياء وقئ وذلك أثناء عودتها من إحدى مجموعات الدروس الخصوصية، لافتا إلى أنه توجه على الفور إلى المكان ونقل ابنته إلى مستشفى أبو كبير المركزي، وفي الطريق رددت عبارات "مش عاوزه أموت الحقني يابابا"، متابعا، "ولكن بمجرد الوصول إلى المستشفى أخبره الطبيب أنها توفيت ".

ولفت إلى أنه على الرغم من الانفصال عن زوجته، إلا أن علاقتهما طيبة وابنته وأشقائها يقيمون فترة معه وفترة أخرى رفقة والدتهم، وتربطهم جميعا علاقة وطيدة تسودها المحبة والود، مضيفا أن ابنته كانت تحرص على الصلاة وصيام النوافل كما كانت تحفظ القرآن الكريم.

وتلقى اللواء عاطف مهران مدير أمن الشرقية، إخطارا يفيد بتلقي مركز شرطة أبو كبير بلاغا باستقبال مستشفى الزقازيق الجامعي كل من "بسنت إ م م"، 14 عاما، طالبة بالصف الثاني الإعدادي، و"إيمان م ع"، 15 عاما، طالبة، بالصف الثالث الإعدادي، و"شاهندا م م"، 15 عاما، طالبة بالصف الثالث الإعدادي، مقيمين بقرية طوخ القراموص مصابات بحالات إعياء إثر تناولهن حبوب الغلة، وفي وقت لاحق توفيت الأولى وبعد عدة ساعات توفيت الثانية، فيما ظلت الثالثة تتلقى العلاج بالمستشفى حتى لفظت أنفاسها الأخيرة داخل مستشفى الزقازيق الجامعي.

وانتقلت قوة من الشرطة لإجراء الفحوصات والتحقيقات اللازمة، وتبين وجود علاقة صداقة بين الفتيات الثلاثة وأنهن اتفقن معن على تناول حبوب الغلة، حيث أحضرتها الأولى بهدف الانتحار بسبب مرورهن بأزمة نفسية سيئة بسبب التفكك الأسري.

وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة التى تولت التحقيق وقررت استدعاد أولياء أمور الطالبات والأستماع لاقوالهم كما تم ضبط التاجر بائع حبوب الغلال وقررت النيابه إخلاء سبيله.