كتب – روماني صبري
احتفت الكنائس الأرثوذكسية، اليوم 9 مارس 2020 بذكرى نياحة مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس، الذي غيبه الموت في مثل هذا اليوم عام 1971، واعترفت الكنيسة بقداسته كونه مارس حياة التقوى داخل مغارة عندما كان راهبا، ليختلي مع الله، تاركا العالم وصخبه، وسعى البابا كيرلس لحياة التقوى منذ كان صغيرا اقتداء بالسيد المسيح، كما عرف حب الحياة الرهبنة منذ الصغر، ويعود ذلك بسبب أسرته حيت تربي في منزل روحاني يحب المسيح ، وجدير بالذكر أن والده كان مسؤولا عن الكتب المقدسة والمخطوطات في الكنيسة، لم يفكر في الارتباط في شبابه، كل ما كان يشغله الحياة مع المسيح، لذلك ظل يدرب نفسه على الحياة الرهبانية قبل دخوله الدير.
عرف الحياة الرهبانية صغيرا
عندما كانت والدته تحضر له الطعام ، كان يتناول منه القليل ويترك الآخر، كما كان يترك السرير وينام على الأرض، ومارس بعض الاجتهادات، أكد المؤرخين أن البابا كيرلس مارس الحياة الرهبانية قبل أن يدخل الدير ، كما عاش حياة التقوى والممارسات التعبدية وفكرة الانقطاع عن العالم للاتحاد مع الله من خلال الصلاة ، حتى أصبحت غرفته مثل القلاية،وحبا في شخص الرب يسوع المسيح ، عاش أيضا في فكر محاسبة النفس المعتدل ، بحيث يقارن حياته دائما هل هي تتوافق مع وصية الله أم لا .
صلى بقلبه حتى في وجود الآخرين
ولد عازر يوسف عطا، في 2 أغسطس عام 1902، بمدينة دمنهور من والدين محبين للكنيسة والمبادئ المسيحية، ولما كبر كان يحلو له أن يختلي في غرفته الخاصة وينكب على دراسة الكتاب المقدس مواظبا علي الاستزادة من علوم الكنيسة وطقوسها وألحانها وتسبيحها، كان كأحد السواح وكان معروف أنه رجل صلاة حتى لو كان مع ناس يكون يصلي بقلبه إلى الله، وظل يمارس الحياة الرهبانية قبل الالتحاق بالدير أكثر من خمس سنوات، وفي يوليو 1927 قرر عازر الانخراط في سلك الرهبنة، فاستقال من عملة وتوجه إلي دير البراموس في حبرية البابا كيرلس الخامس البابا الـ 112.
الراهب مينا البراموسي
وظل عازر تحت الاختيار عدة شهور، ثم زكاه الرهبان ليكون راهبا معهم، سيم في 24 فبراير1928 باسم الراهب مينا البراموسي، وفي يوم الأحد 18 يوليو سنة 1931 رسم قسا باسم القس مينا البراموسي ثم درس بعض الوقت في كلية الرهبان اللاهوتية بحلوان، ولما سمع بنبأ ترشيح البابا يؤانس له ليكون أسقفا هرب إلي دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج، ولما عاد كأمر البطريرك كاشفة برغبتة في الوحدة فصرح له بتحقيق رغبتة تحت إرشاد شيخ الرهبان التقي القمص عبد المسيح المسعودي فتوحد في مغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة سيرا علي لأقدام.
الحياة في الطاحونة
وفي أوائل عام 1936، عاش في طاحونة مهجورة في صحراء مصر القديمة، وكان يقيم فيها القداسات اليومية، وفي سنة 1941 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل المعترف في جبل القلمون بمغاغة، فعمره وجدد كنيسته وشيد قلالي الرهبان، وتتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأفاضل.
الأب الروحي لعدد من الرهبان
وفي سنة 1947 أنتقل إلي مصر القديمة حيث بنى كنيسة القديس مارمينا بالنذور القليلة التي كانت تصله، وكان يقوم بالبناء بنفسه مع العمال، وقد تتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأتقياء.
رجل الصلاة
وفي سنة 1949 ، ألحق للكنيسة منزلا لإيواء الطلبة المغتربين، وقد اشتهر بالصلاة الدائمة والإيمان القوي فكان يأتي إليه المرضي من جميع أنحاء البلاد، فكان يصلي لهم وكانوا جميعا يشفون من أمراضهم.
اعتلى الراهب مينا المتوحد، كرسي الرسول مارمرقس، بعدما رشح مع ثلاثة من الشباب للكرسي البطريركي وهم متي المسكين، ومكاري السرياني وأنطونيوس السرياني، حيث تم اختياره ليصبح بابا الإسكندرية فرسم في 10 مايو عام 1959.
انجازاته
ترأس البابا كيرلس عام 1965 مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية المشرقية في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، وهو يعتبر أول مجمع مسكوني للكنائس الأرثوذكسية غير الخلقدونية في العصور الحديثة، وناقش المؤتمر أموراً هامة تتعلق بالخدمة والكرازة في العالم المعاصر وعلاقة الكنائس المجتمعة بالكنائس الأخرى،
كما رمم الكاتدرائية المرقسية بالأزبكية بالقاهرة، والتي كان قد مر علي بناؤها مئة عام وزينت بالرسومات الجميلة، وعمل الميرون المقدس عام 1967، وهو الحدث التاريخي، وفي عهده عام 1968 ظهرت السيدة العذراء فوق قبقاب كنيستها بالزيتون، إضافة إلى تسلمه جسد مارمرقس بعد غيبتة عن أرض مصر زهاء إحد عشر قرناً من الزمان، وأودعه في مزار خاص بني خصيصاً تحت مذابح كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية التي أنشأها وافتتحها في احتفال عظيم حضره رئيس جمهورية وقتها جمال عبد الناصر، وهيلاسلاسي الأول إمبراطور إثيوبيا ووفود من كنائس العالم كله وجموع كثيرة من الشعب.