كتب - أحمد المختار
وقعت " الولايات المتحدة " و " حركة طالبان " في العاصمة القطرية " الدوحة " ، " اتفاق سلام " ، و ذلك لإنهاء حرب دارت بينهما لمدة " 18 عاماً " .
هذا الاتفاق الذي غابت عنه " الحكومة " الأفغانية ، يتضمن تخفيضَ عددِ الجنود الأمريكيين خلال " 135 يوما ً" ، و سحبَ القواتِ على مدار " 15 شهراً " ، و نقاطاً أخرى ، بيد أن ذلك مرهونٌ بتنفيذ " طالبان " لتعهداتها .
فهل رضيت " واشنطن " بالأمر الواقع الذي فرضته طالبان؟ وما هي أبرزُ التحدياتِ التي تقف أمام تطبيق الاتفاق ، ثم ما ضماناتُ تنفيذه؟ .. اتفاق الدوحة.. هل هُزمت " أمريكا " في " أفغانستان "؟
حيث ناقش برنامج " اسأل أكثر " مع الإعلامي " محمد أبو حمدية " علي شاشة " روسيا اليوم " هذا الملف ، و استضاف عدد من الضيوف و منهم :
الصحفي " ولي الله شاهين " ، و الذي تحدث من " كابول " قائلاً : " حرصت حركة طالبان منذ البداية علي التفاوض بدون تواجد الحكومة الأفغانية ، حيث تعتبرها الحركة " عميلة " ولا يمكن الحديث معها ، و بالفعل رضخت الولايات المتحدة لهذه المطالب حول المفاوضات المباشرة ، و استمرت المفاوضات لمدة عام كامل ، و حصلت علي كامل ما تريده ، بانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان ، في مقابل تعهدها بعدم استخدام أراضي أفغانستان في الإضرار بمصالح الدول الأخرى " .
و أكد " ولي الله " : " توقيع الاتفاقية في الدوحة مُرحب به علي المستوي الشعبي و الحكومي ، و وافقت الحكومة بشكل مشروط ، و رهنتها بالتزام طالبان بتعهداتها ، و هو ما ينبئ بدخول أفغانستان أخيراً في مرحلة السلام و الاستقرار ، التي لم تعرفها منذ الاحتلال السوفيتي في القرن الماضي ، و يعتبرها الشعب الأفغاني بداية لسنوات طويلة في طريق السلام " .
و تابع : " أفغانستان تفتخر تاريخياً بأنها مقبرة للغزاة ، حيث دحرت الغزو البريطاني و السوفيتي ، فتلك المصطلحات هامة جداً لدينا ، فالحرب خسارة لجميع الأطراف ، فحتى الولايات المتحدة علي مدار " 19 عام " لم تقوي علي هزيمة طالبان ، و توقيعها تلك الاتفاقية هو دليل علي هزيمتها و فشلها في تحقيق أهدافها هنا ، و قررت سحب قواتها من أفغانستان " .
و أضاف : " حركة طالبان التزمت من قبل بتسليم الأسري إلي الولايات المتحدة ، و التزمت من قبل بوقف إطلاق النار ، و تشكك الكثيرين حينها من مدي مصداقية الحركة ، لكن علي النقيض الجانب الأمريكي كان ينسحب دوماً من المفاوضات ، فيما بقيت طالبان في الميدان ، و انتظرت الولايات للعودة إلي التفاوض ، فالولايات المتحدة هذه المرة مضطرة للالتزام بالاتفاقية ، للخروج من الوحل و المأزق الأفغاني و هذا هو الضمان الحقيقي للالتزام بهذه الاتفاقية ، و طالبان متواجدة علي الأرض في حال حدوث أي تطورات ، و واشنطن أدركت مؤخراً أن الحل العسكري في أفغانستان قد فشل فشلاً ذريعاً " .
و اختتم : " المفاوضات الأفغانية - الأفغانية ستتطرق بكل تأكيد إلي الأوضاع الداخلية ، و الترحيب بمشاركة كافة التيارات في تلك النقاشات ، رغم اتهام طالبان بأنها جاءت للسلطة بالتزوير " .
من ناحيته قال المحلل السياسي " بشار جرار " من " واشنطن " : " الرئيس الأمريكي " ترامب " رجل واقعي جداً ، لا يهتم كثيراً بمن انتصر و من انهزم ، بل يهتم بالسلام و إحلاله ، و وقف نزيف الدم الأمريكي و مقتل الجنود و العسكريين ، و عدم خوض حروب مجدداً ، و إيقاف الخسائر الاقتصادية الضخمة ، فهو لا يهتم بالمصطلحات كثيراً " .
و تابع : " الولايات المتحدة في النهاية انتصرت ، و ذلك بانصياع حركة طالبان في تنفيذ شروطها ، و الاستجابة لنداء السلام و المنطق ، و تعهدت بقطع العلاقات و عدم التواصل مجدداً مع تنظيم القاعدة و تنظيم داعش ، و عدم استخدام الأراضي في أي هجمات إرهابية ، فمنطق التاريخ يقول بأنه لم تتمكن أي قوة عظمي بالعالم سواء كانت أمريكية أو بريطانية أو سوفيتية ، بدخول أفغانستان و الخروج بانتصار ، ما يهم هو تواجد وزير الدفاع الأمريكي في العاصمة كابول ، بجانب وزير الخارجية الأمريكي أثناء توقيع الاتفاق في الدوحة ، و هذه هي الموائمة بين الحل السياسي و الدبلوماسي ، و صنع السلام من خلال القوة " .
و أكد : " القوات المسلحة الأمريكية و حلف الناتو يعلمان تماماً أن من يملك الأرض و تغيير الأمور في الواقع هي حركة طالبان و ليست الحكومة ، فالمسألة الأفغانية هي مسألة مُعقدة جداً ، فصانعي القرار عند اتخاذ أي قرار يتعامل مع ثوابت و ليست متغيرات ، بالتعامل مع الطرف الأكثر ديمومة ، و التحاور مع طالبان ، و التعاون في إحراز تقدم نحو السلام ، و هذا هو واقع الحال في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، فالأطراف الإرهابية هي التي تتحكم في المشهد ، حتى و إن اتخذت أسماءً أو مصطلحات سياسية " .
و أكمل : " الملعب الأفغاني الداخلي أصبح في يده التصرف الآن ، و بالأخص الحكومة في مواجهة المعارضة ، و التي تتمثل في طالبان ، و من ضمن بنود الاتفاق هو محاولة الولايات المتحدة لرفع اسم أفغانستان من قائمة الإرهاب ، منوهاً بأن هناك ارتياحاً في قيادات الولايات المتحدة ، و تأكيدات كلاً من وزير الدفاع و وزير الخارجية ، رغم إننا نعلم بأنه لا تكون هناك ثقة بين العسكريين علي الأرض ، فإدارة ترامب واضحة تماماً حول الاتفاقيات الدولية التي تم إبرامها في عهد إدارة " أوباما " السابقة ، فهو الأكثر حرصاً علي تنفيذ هذا الاتفاق ، و سوف يستغله في الانتخابات القادمة ، مصرحاً بأنه أوفي بوعوده الانتخابية السابقة بعودة الجنود الأمريكيين إلي البلاد مجدداً " .
و أضاف : " إيران أبدت اعتراضها علي هذه الاتفاق ، لأنها كانت الورقة الأخيرة في يديها ، عقب تصفية " سليماني " ، و أذنت بانتهاء الدور الإيراني في التدخل بشئون الدول الأخرى ، و كل الأدلة أثبتت مشاركة طهران في قتل الجنود الأمريكان ، و لن تستطيع إيران مجدداً من خداع أفغانستان ، و أحيي البراجماتية السياسية للأفغان في قبول تلك الاتفاقية " .
و اختتم : " الوساطة الروسية و رغبتها في استضافة المفاوضات الأفغانية - الأفغانية ، توحي بالثقة العميقة بين " ترامب و بوتين " ، في الحفاظ علي المصالح الحيوية للجانبين ، و إنهاء تلك الحروب التي لا تنتهي ، و علي الأفغان دحر التخلف و الجهل في وطنهم " .