الأقباط متحدون - المهندس سيف والاستاذ حسام والجدار الفاصل
أخر تحديث ٠٩:٤٧ | السبت ١٧ مارس ٢٠١٢ | ٨ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٢ السنة السابعة
إغلاق تصغير

المهندس سيف والاستاذ حسام والجدار الفاصل


بقلم- محبة مترى
المهندس سيف والاستاذ حسام لا يشبهان اسميهما فى اى شئ بل على العكس فهما شخصان وديعان مسالمان هادئان تبدو الطيبة على ملامحهما وليس لهما فى المعارك...هما جاران منذ زمن تزوجا تقريبا فى نفس السنة وسكنا عقارين متلاصقين فى نفس الدور و يفصل بين شقتيهما جدار فاصل , والغريب انهما قريبا الشبه من بعضهما الى حد كبير فلو سارا معا لاعتقدت انهما شقيقان .

 أما عن زوجتيهما فهما آمال زوجة سيف ومنال زوجة حسام فقد تماثلا الى حد كبير فى قوة الشخصية والقدرة على ادارة المنزل ومواجهة الازمات ومتابعة الابناء حين ينشغل الزوجان عن المنزل بعملهما المرهق الذى يرجعان منه فى اغلب الاحيان مساء , وغالبا ما يكونا هما البادئتان اذا حدثت معارك زوجية لا سمح الله بينما الزوجان يعودا منهكين من العمل فيكون الصمت أو التسويف هو الحل الامثل لحل المشكلة الى ان ياذن الله بصباح جديد والصباح رباح كما يقولون.
 كانت الاسرتان تتشابهان الى حد بعيد كاى اسرة مصرية وان اختلفت الديانة, فلو نظرنا الى المنزلين كأى مخرج يصور مشهدين بمقاطع متوازية لوجدنا نفس الاحداث تتم بحذافيرها من وراء الجدران., فيبدا يوم السيدتين بايقاظ الابناء بنفس الطريقة بنداء ملحن وتدليل ثم ينقلب الامر الى علو صوت وصراخ فيهما ليستيقظوا فتسمع كل منهما الاخرى , ثم تبدأ أمال فى برنامجها اليومى المنزلى فهى ربة منزل من الشخصيات المثالية التى تحب الكمال فى كل شئ فلا تجد ذرة تراب بمنزلها وكل شئ جديد ويلمع والمفروشات من اغلى ما يكون وكل شئ على اكمل وجه فكانت مشكلة امال انها ترغب دائما فى الكمال فى كل تعاملاتها ولا تسامح لاى هفوة تحدث تنقض منه فكانت بالتالى صعبة المراس.

 اما منال فهى سيدة عاملة تبدأ يومها مبكرا ونمط حياتها سريع  وعلى العكس فلا مجال للكمال فى شئ فيكفى فقط ان يكفى اليوم للاعمال الضرورية الملحة, الى ان رتم الحياة السريع يصيبها بالتوتر والتعب والعصبية , وهكذا دواليك كل يوم تعيش الاسرتان نفس الواقع ونفس الاحداث وبينهما ود الجيرة والمحبة الاخوية ولا يختلف بينهما شئ غير يوم الجمعه يتوجه سيف الى المسجد اما حسام الى الكنيسة .

الى ان حدث ذات يوم حدث ربما عادى لكنه كان من الاحداث الهامة فى حياة الاسرتين ...فقد جاء لص ظريف ليلا وسرق احدى المفروشات الثمينة الغالية علي  آمال زوجة سيف من شرفتها وكذلك احدى مفروشات منال زوجة حسام من الشرفة المجاورة...فالطبع قامت الدنيا ولم تقعد بالنسبة لآمال وكان حدث جلل اما منال فحزنت ايضا ولكن لم تعطى الامر نفس الاهمية ...وصممت آمال ان يبلغ زوجها الشرطة فاتصل بحسام ليذهبا سويا وهو مغلوب على امره دون اقتناع لعمل محضر مشترك بالسرقة وبالفعل قاما بذلك من اجل ارضاء الزوجتين فقط .

واثناء الرجوع وجد حسام سيف مهموما وحزينا فطلب منه ان يجلسا قليلا على احدى المقاهى ليعرف مابه لانه يحبه جدا ولا يرضى ان يراه بهذه الحالة التعسة .
 فتح سيف قلبه لحسام بانه يعيش مع زوجة متعبة متسلطة ولولا الابناء لكن طلقها منذ زمان ولكن لن يفعل من اجلهم وقال له بالتأكيد زوجتك تشبهها فكل الزوجات هكذا ....فاشار حسام بايماءة من رأسه بالموافقة ورد بأسى انه تمنى لو تعود الايام للخلف فلم يكن ليتزوج ابدا فالزواج من وجهة نظره مشروع فاشل وليس لعيب فى النساء ولكن هموم الحياة بعد الزواج والانجاب اقوى من اى سعادة.

ابتسم سيف وذكر لحسام قصة عن الخليفة عمر بن الخطاب عندما ذهب اليه صحابى ليشكو له من زوجته فقبل ان يطرق الباب سمع شجارا بين الخليفة عمر وزوجته ايضا وعندما فتح الباب وسأله عن طلبه فأجابه (جئتك أشكو زوجتي فوجدتك تعاني مما أعاني منه) فحتى الخليفة عمر كان يعانى ايضا من نفس المشكلة ..استغرقا فى الضحك بعد هذه القصة وقال له حسام بان كتابنا المقدس ايضا اوصانا بزوجاتنا بان نحبهم وان الزوجين جسد واحد .

فجاة سمعا فى المقهى اغنية ست الحبايب وتذكرا ان اليوم هو عيد الام نظرا الى بعضهما بابتسامة ذات معنى تلفتا حولهما فوجدا محلا للهدايا اتفقا فى نفس اللحظة على ان يشترى كل منهما هدية لزوجته ,وهناك اخرج سيف كل ما فى جيبه فوجده ورقة بعشرين جنيه فقط وكذلك اخذ حسام يبحث فى كل ملابسه فلم يجد اكثر من ذلك ايضا  فانفجرا فى الضحك ماذا يفعلا ....فقال حسام لايهم يكفى وردة وكارت للتعبير عن محبتنا لهما ..دخلا كل منهماا اشتريا وردة وبطاقة صغيرة كتب فيها كلمة دون ان يريها للآخر.

كتب فيها سيف : الى حبيبتى آمال انا بك حققت كل آمالى انت اعظم معينة لى ..كل سنة وانت معى.
اما حسام كتب: حبيبتى منال لقد نلت بك كل شئ ..انت أجمل ما فى حياتى كل سنة وانت حبيبتى.
عاد الاثنان مهرولين الى منزليهما حييا بعضهما  بغمزة وابتسامة وصعدا الى شقتيهما يتسابقان...ومنذ تلك الليلة لم يعودا يسمعا اصوات الشجار خلف الجدار حتى الآن .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع