هاني صبري - المحامي
وقعت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وحركة طالبان اتفاقاً تاريخياً في العاصمة القطرية الدوحة، الذي تمّ التفاوض حوله لأكثر من عام، ويمهد هذا الاتفاق لانسحاب آلاف الجنود الأمريكيين من أفغانستان ، ويفتح الطريق لمفاوضات سلام غير مسبوقة محفوفة بالمخاطر بينهما ، وفتح باب الحوار بين حكومة كابول وحركة طالبان لوضع حد للمعاناة في هذا البلد الفقير الذي قتل فيه أكثر من مائة آلاف مدني منذ 2009 .
هذا الاتفاق ليس معاهدة سلام بين الجانبين لكنه يمهد لمحادثات رسمية بين الحركة والحكومة الأفغانية التي كانت ترفض حتى الآن إجراء أي محادثات ، فالسلطات الأفغانية التي تواجه هي نفسها انقسامات علي خلفية انتخابات رئاسية موضع جدل أقصيت حتي الآن عن هذه المحادثات المباشرة.
وبموجب الاتفاق ستبدأ الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو الانسحاب من أفغانستان خلال 14 شهراً تنفيذا لمطلب أساسي لطالبان شريطة إيفاء حركة طالبان بالتزاماتها، بمنع أي عمل إرهابي وبمحاربة تنظيم داعش ومقاتلي القاعدة إنطلاقاً من مناطق سيطرتها ، وستقوم أمريكا برفع كافة العقوبات المفروضة على طالبان.
في تقديري: الجميع تعب من الحرب وإن تحقيق السلام يتطلب عملاً جدياً وتضحيات من كافة الأطراف، وأن عملية السلام في أفغانستان لا تزال في بدايتها لكن الخطوات التي اتخذت خلال الفترة الماضية تحقق مصالحهم المشتركة وتحقن الدماء.
الجدير بالذكر إن حركة طالبان كانت تحاول التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة منذ فترة طويلة ، حيث إن النصر للشعب الأفغاني يكمن في تحقيق السلام والاستقرار والنمو ومحاربة الإرهاب والمحافظة علي وحدة وسلامة أراضيهم.
وكذلك الحال بالنسبة للإدارة الأمريكية تريد التوصل لاتفاق مع الحركة التي فشلت في القضاء عليها ففاوضتها بعد 18 عاماً من الحرب ، وقتل أكثر من 2400 جندي أمريكي ، وجرح 20,000 جندى وتكلفت ما يقرب من 737 بليون دولار ، ولا تستطيع أي دولة مهما كانت قوتها أن تحارب دائماً وكان يجب إنهاء هذا الحرب إحلال السلام بينهما .
وبالرغم من انتقادات بعض المراقبين الذين يرون أن واشنطن تقدم تنازلات كثيرة من غير أن تحصل على ما يذكر.
نري أن هذا الاتفاق يحقق خروج امن لأمريكا من مستنقع هذه الحرب التي لا فائدة منها ، هذا غير أن الضمانات التي تعطيها الحركة بعدم القيام بأعمال إرهابية تستجيب للسبب الأساسي خلف التدخل العسكري الأمريكي، وكان آنذاك الرد على إعتداءات 11 سبتمبر التي دبرها تنظيم القاعدة إنطلاقاً من أفغانستان في وقت كانت حركة طالبان تحكم البلاد.
بالإضافة إلي أن هذا الاتفاق سيمكن الرئيس الأمريكي ترامب من الإعلان في خضم حملته للفوز بولاية ثانية، أنه نفذ أحد أبرز وعوده الانتخابية، وهو وضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة حتى الآن وذلك للمحافظة علي جنوده وحماية مقدرات بلاده ومن ثمة يكون أوفر حظاً في الانتخابات القادمة .
ونأمل أن يحل السلام والاستقرار بين الشعبيين ، وكافة شعوب العالم.