محمد حسين يونس
خلال رحلة حياتي التي وصلت إلي الثمانين .. كنت أدرك الخطر أراه بوضوح .. و مع ذلك لم أهرب ابدا لأنجو بنفسي .. لا أعرف لماذا تكرر هذا الموقف معي رغم الجراح الغائرة التي عانيت منها في كل مرة إلا أنني كنت أنتظر موجات التسونامي لتغمرني .. و تتلاعب بي .. ثم تقذفني في أماكن لم أتصور أنني سوف أطرقها
بصراحة لا أعرف ..
و لكنني إستسلمت لسرقة نصف مدخراتي بتغيير سعرة الجنية.. ولم أجرى لتغييرها بالدولارات .. و لم أضارب في أسعار الاراضي و السكن و كان هذا متيسرا .. ولم أكن في يوم ما مستغلا لوظيفتي حتي في أبسط الامور .. و لم أهاجر رغم أن ألامر أتيح لي أكثر من مرة .. و لم أتوقف عن إنتقاد ما أراه إنحرافات عن الطريق القويم .
في نفس الوقت لم أنضم لحزب أو جماعه أو جمعية لتغيير المجتمع ..و لم أتفاعل مع المظاهرات و الاحتجاجات و الثورات .. ولم أذهب إلي صناديق الاقتراع ..أو أرشح نفسي في النقابة أو البرلمان.
هل يعني هذا أن درجة مرونتي و قدرتي علي التغيير كانت دائما منخفضة.. أم أن ثقتي في إستنتاجاتي لم تكف لتجعلني أتحرك بعيدا عن الخطر ..أم أنه ميراث من أهلي فلاحين مصر الذين تمسكوا بالارض لم يغادروها مهما كان ظلم المتحكمين ..أم أنني كسول خامد خامل يصعب أن يغير روتينا إعتاد عليه
و مع ذلك فمن يعرف تاريخي الشخصي سيندهش من هذا البوح و النوح ..
فمنذ حصولي علي مؤهلي .. غيرت مهنتي عدة مرات لأسباب تتصل بعدم الرضا و تحدى الواقع .. و طرقت دروبا لم تكن مألوفة لي .. و غيرت من حياتي و من شركائي و من توجهاتي كثيرا.. و واجهت الظلم بقوة .. و لم أستسلم لذل لقمة العيش لو تعارضت مع قناعاتي .
لماذا إذا أنا بطيء في مواجهة عاديات الزمان القادمة مع تغير الانظمة في بلادى !!.. و عنيف في مواجهة ما يخصني شخصيا من ظلم في العمل أو الحياة الخاصة فاقلبها ظهرا علي عقب في مدة محدودة
ثمانين عاما مضت لم يتغير هذا الشاب السلبي .. ليصبح كهلا إيجابيا ..و لم يتصور في يوم أنه قادر علي الهروب أومحاولة تطويرمجتمعه .. فهو دائما يتلقي صدمة موجات التغيررغم توقعه لها .. وها هو يجلس رغم صراخه ينتظرليرى إلي أى مقلب قمامة ستقذفة التسونامي المرتبطة بديون صندوق النقد و التغيير الإقتصادى ..وكل ما يرجوه ألا يكون سكينا سلفيا أو راكية نار من عدم القدرة علي الإنفاق مشتعلة تحت قدميه