هذا هو موضوع الاستفتاء الذي دعيت أسرة تحرير وطني لتسجل موقفها منه يوم الاثنين الماضي استمرارا للتقليد السنوي المتبع في مثل هذا التوقيت من كل عام -النصف الثاني من شهر فبراير- وكانت المرة السابقة التي نوهت عنه فيها في هذا المكان بتاريخ 2018/2/11 حين كتبت رئيس التحرير يحتاج صك ثقة من أسرة التحرير لكنها لم تكن آخر سنة أجري فيها الاستفتاء, إنما جري كالمتبع في فبراير من العام الماضي 2019 لكن حالت الاستعدادات لانتخاب مجلس جديد لنقابة الصحفيين ثم ترتيبات الاستفتاء الشعبي علي التعديلات الدستورية دون معاودة الكتابة عنه.
هذا التقليد السنوي الذي تجتمع فيه أسرة التحرير لتجدد ثقتها برئيس التحرير أو تسحب عنه تلك الثقة له جذور تعود إلي انتفاضة الشعب المصري عام 2011 وثورته علي السلطة ومطالبته بالتغيير, فقد كان لانفجار براكين الغضب آنذاك تداعيات ترددت أصداؤها في معظم المؤسسات مصحوبة باستفحال روح التمرد والغضب والاحتجاج بين العاملين ومطالبهم بالتغيير وتحسين الأوضاع.
ولأننا جميعا عايشنا ذلك في حينه كانت له تأثيراته ورسائله التي تلقاها كل منا… وصحيح أن ما حدث لم ينسحب علي مؤسسة وطني إلا أنني لم أستطع تجاهله, وظل يلح علي خاطر حول حتمية استكشاف درجات القبول والتناغم بين رئيس التحرير وأسرة التحرير من أجل رصد الإيجابيات والسلبيات والتعامل معها قبل أن تتجمع وتتراكم وما تلبث أن تنفجر مطالبة بالتغيير أسوة بما حدث في الشارع علي المستوي الوطني ومن بعده في مؤسسات كثيرة.
وقد يقول قائل: ما الداعي لاستفتاء أسرة التحرير حول ثقتها في رئيس التحرير؟… فهذا المنصب يتم شغله بقرارات رسمية سيادية بالنسبة للصحف القومية أو بقرارات صادرة عن مجالس الإدارة بالنسبة للصحف الخاصة المملوكة لشركات مساهمة, لكني أيقنت أن التحصن بقرار مجلس الإدارة وحده لا يكفي لاعتماد رئيس التحرير لدي المجموعات التحريرية التي يرأسها ويؤدي دوره من خلالها, بل يتحتم عليه اكتساب قناعة ورضا هذه المجموعات لضمان تناغم العمل وإدراك التعاون الذي يؤدي إلي نجاح السياسات التحريرية في العمل الصحفي… هنا برزت فكرة الاستفتاء حول بقاء رئيس التحرير أو ذهابه بغض النظر عن مشروعية وجوده التي تضفيها عليه القرارات الإدارية.
ولأن هذا الاستفتاء أصبح تقليدا سنويا نحرص عليه منذ عام 2011 دون أن تفرضه لوائح أو قوانين, دعوني أسطر ما سبق أن كتبته ليكون أمانة أضعها في ضمائر رؤساء التحرير وأعضاء أسرة التحرير المتعاقبين علي وطني والحاملين شعلتها ورسالتها.
** الحرص علي استمرار هذا التقليد السنوي وعدم التفريط فيه هو تأكيد علي حق أسرة التحرير في منح الاعتماد المهني لقائدها أو سحبه عنه.. وفي تلك الحالة يتوجب عليه إذا حصل علي الثقة أن يستثمرها في بلورة قناعات مشتركة وتفاهم متبادل ينعكس علي العمل ويفرز رضاء ونجاحا… أما إذا تم سحب الثقة منه فيتوجب عليه أن يرجع إلي السلطة التي أصدرت قرار تعيينه لتتدبر أمرها فيما يلزم اتخاذه من قرارات لتعيين رئيس تحرير آخر يحل محله.
وأخيرا… إذا كانت أسرة تحرير وطني قد شرفتني عبر السنوات التسع الماضية بالانحياز بالأغلبية نحو عدم تغيير رئيس التحرير طبقا للاقتراع السري المباشر ونتائج فرز الأصوات بواسطة لجنة مستقلة مشرفة علي الاستفتاء, يشرفني أيضا أن أسجل أن نتائج استفتاء الاثنين الماضي جاءت علي النحو التالي:
- أعضاء أسرة التحرير المدعوون للمشاركة في الاستفتاء 118 عضوا.
- إجمالي عدد المشاركين في الاستفتاء 86عضوا بنسبة 73%.
- إجمالي عدد من صوتوا لصالح بقاء رئيس التحرير 77 عضوا بنسبة 89.5%.
- إجمالي عدد من صوتوا لصالح ذهاب رئيس التحرير 9 أعضاء بنسبة 10.50%.
كل عام وأسرة تحرير وطني بخير ورسالة وطني في ازدهار وتقليد الاستفتاء في استمرار.