محمد حسين يونس
عندما يدعونا رجال الدين الي هجر العلوم الحديثة و التشكيك في نظريات النشوء والارتقاء .. أو في ما توصل اليه علماء الفلك من معرفة عن الكون .. فهل لديهم ما يقدمونه كبديل .
العلامة الامام أبى الحسن على بن الحسين بن على المسعودى الشافعى ، المتوفي 346 هـ له كتاب(( مروج الذهب ومعادن الجوهر فى التاريخ ))، الذى تم طبعه بعد ألف سنة من وفاته بواسطة المطبعة البهية المصرية بميدان الجامع الأزهر .. يقص علينا فيه ما كان سائدا في زمنه من افكار أدعو لتأملها .. دون إبتسام أو سخرية فهي لازالت تدرس في بعض معاهدنا
فى الفصل الأول من الكتاب (( ذكر المبدأ وشأن الخليقة وزرء البرية )) نجد وصفا لما ((اتفق أهل العلم جميعا من أهل الاسلام عليه ))).
(( بان الله عز وجل خلق الأشياء على غير مثال وابتدعها من غير أصل ))،
ثم يروى عن ابن عباس وغيره مؤكدا أن (( ما سيذكر هو ما جاءت به الشريعة ونقله الخلف عن السلف والباقى عن الماضى فعبرنا عنهم على حسب ما نقل الينا من ألفاظهم ووجدناه فى كتبهم مع شهادة الدلائل )) .
((ان أول ما خلق الله عز وجل الماء وكان عرشه عليه فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع الدخان فوق الماء فسماه سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعلها سبع أرضين فى يومين الأحد والاثنين
وخلق الأرض على حوت والحوت في الماء والماء على الصفا ، والصفا على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة على الريح ، فاضطرب الحوت فتزلزلت الأرض فأرسى الله عليها الجبال فقرّت الأرض وخلق الجبال فيها وخلق أقوات أهلها وسخرها وما ينبغى لها فى يومين ، فى يوم الثلاثاء والأربعاء
ثم استوى الى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فكان ذلك الدخان من نفس الماء حيث تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبعا فى يومين الخميس والجمعة ،
وإنما سمي الجمعة لأن الله جمع فيه خلق السموات والأرض
خلق فى كل سماء خلقها من الملائكة والبحار وجبال البرد
وأن سماء الدنيا من زمردة خضراء والسماء الثانية من فضة بيضاء والسماء الثالثة من ياقوتة حمراء والسماء الرابعة من درة بيضاء والسماء الخامسة من ذهب أحمر والسماء السادسة من ياقوتة صفراء والسماء السابعة من نور قد طبقها الله بملائكة قيام على رجل واحدة ، تعظيما لله لقربهم منه ، قد خرقت أرجلهم الأرض السابعة واستقرت أقدامهم على مسيرة خمسمائة عام تحت الأرض السابعة ورؤوسهم تحت العرش من غير أن تبلغ العرش وهم يقولون لا إله الا الله ذو العرش المجيد ، فهم على ذلك منذ خلقوا الى أن تقوم الساعة ..
وتحت العرش بحر تنزل منه أرزاق الحيوان يوحى الله تعالى اليه فيمطر ما شاء الله من سماء الى سماء حتى ينتهى الى موقع يقال له الأبرم فيوحى الله الى الريح فتحمله الى السحاب فتغربله وتحت سماء الدنيا بحر من ماء يطفح فيه من الدواب مثل ما فى بحور الأرض مستمسك بالقدرة...
وان الله تعالى أسكن ظهر الأرض لما فرغ من خلقها الجن قبل آدم فجعلهم من مارج من نار وابليس فيهم ، فنهاهم الله أن يسفكوا دم البهائم ويظهروا المعصية بينهم فسفكوا وعدى بعضهم على بعض فلما رآهم إبليس لا يقلعون عن ذلك سأل الله تعالى أن يرفعه الى السماء فسار مع الملائكة يعبد الله أشد عبادة..
وأرسل الله الى الجن وهم حزب إبليس قليلا من الملائكة فطردوهم الى جزائر البحار وقتلوا من شاء الله منهم وجعل الله ابليس على سماء الدنيا خازنا فوقع فى صدره كبر)).
هذا الوصف لاسلوب خلق السماء و الارض لا يختلف كثيرا عما وجد في الكتب المصريه القديمه او البابليه و هو ما نقله عنهما اليهود .. ثم استعارة عنهم علماء المسلمين و أصروا علي تقديمه كحقائق غير قابله للنقاش. لنعود القهقرى لخمسة الاف سنه ..