إعداد وتقديم : بيتر عاطف
تعليق صوتي : فادي ابراهيم
بعد انتشار مرض كورونا الذي بدأ من دوله الصين و الذي يرعب العالم الان وتخوف الدول من ان يكون وباء عالمي دعونا الان نعرفكم على تفاصيل اكبر وباء في تاريخ البشريه وهو مرض الطاعون او المعروف "بالموت الاسود" الذي مات بسببه حوالي 200 مليون شخص و قضى على ثلث سكان قاره اوروبا .
ظهر مرض الطاعون عده مرات في تاريخ البشريه لكننا اليوم سنوضح تفاصيل مرض الطاعون الذي الذي يُعرف بالموت الاسود الذي اجتاح اوروبا منذ عام 1330 الى 1352 والذي يعتبر اكبر وباء في تاريخ البشريه وتسبب في موت مئات الملايين
بدأ مرض الطاعون في عام 1330 في وسط قاره اسيا وكان عباره عن بكتيريا تعرف بأسم "اليرسينيا الطاعونية" وكانت تعيش هذه البكتيريا داخل الفئران وكانت اجسام الفئران عندها مناعه من هذه البكتيريا فلم تموت الفئران المصابة بالبكيريا لكن البكتيريا كانت تنتقل من الفئران الى البشر اذا قام فار مصاب بهذه البكتيريا بعض شخص ما , او اذا قامت بعوضه بعض فأر مصاب وبذلك تنتقل العدوى من البعوضه الى الانسان الذي تقوم بعضه بعد ذلك وكان المرض قابل للعدوى بين البشر و بدء انتشار المرض في اسيا واكثر دوله انتشر بها المرض هي الصين , وتسبب الطاعون في وفاة حوالي 60 مليون شخص في الصين في بدايه القرن الرابع عشر , ثم بعد ذلك انتشر الوباء في معظم دول اسيا عن طريق المغول الذين اصيبوا بالمرض واستمروا في غزو الدول الاخرى فكان الطاعون ينتقل معهم لكل دوله يقوم المغول بغزوها .
الى الان كان مرض الطاعون بعيدا عن قاره اوروبا فكيف انتقل الطاعون من اسيا الى اوروبا ؟
حدث ذلك في عام 1346عندما قام المغول بمحاصره مدينه " كاڤا " الموجوده في جنوب اوكرانيا وكانت المدينه لها اسوار قويه فلم يستطع المغول اقتحام المدينه فقام المغول بحصار المدينه حوالي سنه كامله وكان المغول يعانون من انتشار مرض الطاعون بين جنودهم وعندما فشل المغول بجميع الطرق من دخول مدينه كاڤا استسلموا وقرروا الرحيل عن المدينه ولكن قبل الرحيل قام المغول بوضع جثث الجنود المغول المصابين بالطاعون وقاموا بإلقائها باستخدام المنجنيق على المدينه لكي يصيب المرض اهل مدينه كاڤا وبالفعل انتقل المرض الى المدينه والي الفئران التي في المدينه وبعد رحيل المغول كان هناك بعض التجار الايطاليين محاصرين في المدينه فقرروا الرجوع الى ايطاليا ليهربوا من الوباء الذي انتشر في المدينه فقام التجار بأخذ سفينه والابحار الي جزيره "صقليه" الموجوده في جنوب ايطاليا وبذلك ظنوا انهم سيهربوا من المرض ولكن دخلت مجموعه من الفئران المصابه الى السفينه معهم ولم يكونوا يعرفوا ان الفئران هي سبب المرض واثناء ابحارهم الى ايطاليا لم يسمح اي ميناء في الطريق للسفينة بالوقوف في الميناء خوفا من المرض,
وفي شهر أكتوبر عام 1347 استطاعت السفينه الوصول الى مدينه صقليه جنوب ايطاليا ولم يسمح ميناء صقليه للبحاره والتجار الموجودين على السفينه من النزول منها الى ان يتأكدوا ان لا احد من الذين على السفينة مصاب بالمرض ولكن المرض كان انتقل الى الجزيره من خلال الفئران التي غادرت السفينة واتجهت نحو الجزيرة من خلال الحبال التي كانت تربط السفينة
وفي ذلك الوقت كانت دول اوروبا تعاني من الفقر والمجاعات بسبب الحروب التي كانت فيها فجاء ذلك الوباء ليكمل المصائب التي تعاني منها اوروبا
وفي خلال شهر واحد انتشر الوباء في جميع أنحاء جزيرة صقلية وفي خلال شهور قليله اخرى انتشر المرض في جميع انحاء ايطاليا وبعدها الى جميع انحاء قاره اوروبا خلال أشهر قليلة اخرى ,
كان الوباء يرعب اوروبا كلها حيث كان يموت في بدايه انتشار الوباء مئات البشر يوميا وتزايدت اعداد الوفيات الى ان اصبح يموت يوميا الاف البشر بسبب طاعون الموت الاسود ,
ولم تكفي القبور تلك الاعداد الضخمه فكانوا يدفنون الموتى في حفر جماعيه خارج اسوار المدن وكانت عائلات كامله تموت في خلال ايام واصبحت قرى ومدن عديده في خلال اسابيع خاليه تماما من السكان ,
وكان المرض عباره عن ارتفاع في درجه الحراره للمصاب وظهور دمامل في جسمه وتمتلئ رئة المصاب بالدم الى ان يصبح غير قادر على التنفس ,
وكان المصاب يفارق الحياة بعد الاصابه بالمرض في اقل من خمسه ايام فقط ,
ظن السكان ان هذا الوباء هو عقاب من الرب مثل طوفان نوح العظيم وظهرت طائفة دينية جديده تعرف باسم طائفه المتصوطين ,
كان يقوم اتباع تلك الطائفه بجلد انفسهم للتكفير عن الخطايا لكي يرفع الله الوباء الذي يعانون منه
وفي عام 1348 وصل وباء الطاعون الى فرنسا وكان هناك راهب فرنسي يدعي "جي دي شولياك " وهو وايضا الطبيب الخاص بالبابا في فرنسا قد اصيب الطبيب بالمرض واستقر في منزله وحاول ايجاد طريقه للمعالجة نفسه فقام بسحب الدم الفاسد من جسده عن طريق وضع اكواب ساخنه على الجروح في جسدي لتسحب الدم الفاسد وبالفعل تمكن من الشفاء من هذا المرض ,
وقام بكتابة اعراض المرض واستطاع الحصول على تصريح من البابا بالسماح له بتشريح جثث الموتى لاول مرة ,
بعد ان كان هذا الفعل محرماً ,
لكن تلك الطريقه في العلاج التي اتبعها "شولياك" لم تنجح الا مع اعداد قليله جدا من المصابين بالمرض وخاف "شولياك" ان يصاب البابا بالمرض قام باشعال دائره من النار وطلب من البابا ان يظل داخل هذه الدائره من النيران ولا يخرج منها ابدا لكي لا يصيبه المرض وظلة النيران مشتعلة ليلا ونهارا لمده اربعه اشهر كامله وبالفعل لم يصاب البابا بالمرض لان الفئران او البعوض الذين هم سبب انتشار المرض لم يتمكنوا من عبور النيران المحيطه بالبابا
واستمر المرض في حصد الارواح باعداد كبيره وسمي بالموت الاسود لان اطراف المصاب كانت تصبح لونها سوداء
وفي عام 1351 بدا الوباء في الاختفاء تدريجيا و اختفى تماما من اوروبا عام 1352 ,
و سبب اختفاء الوباء من اوروبا لم يكن بسبب اكتشاف علاج لوباء طاعون الموت الاسود لكن اختفى الوباء لانه كانت طبيعة البكتيريا المسببة للمرض انها تختفي تدريجيا مع مرور الزمن
وقد انتقل الطاعون الى مصر في عام 1347 الى ان اختفي في عام 1349 بعد ان قضى الوباء في خلال هذا العامين على حوالي 200 الف مصري.
وقد قضى الطاعون في الاعوام بين 1330 الي 1352 على حوالي 200 مليون شخص في انحاء العالم كله وتعداد الوفيات هذا كان اكثر من تعداد الحرب العالميه الاولى والثانيه معا حيث كان تعداد الوفيات في الحرب العالميه الاولى 25 مليون و في الحرب العالميه الثانيه 65 مليون .
ولقد عاود الطاعون الزهور في فترات تاريخيه اخرى بعد ذلك
حيث كان يظهر المرض في بعض الاماكن لعده اعوام ثم يختفي من تلقاء نفسه بعد ان يحصد اعداد كبيره من الارواح وكان اشهر مره ظهر بها مرض الطاعون بعد هذه الفترة هي في عام 1860 حيث ظهر في الصين والهند ومات بسببه حوالي 12 مليون شخص ,
وظهر ايضا في عام 1800 اثناء مجيئ الحمله الفرنسيه بقياده نابليون بونابرت الى مصر لكنها اصابه الحمله الفرنسيه فقط
واستمر الطاعون يرعب العالم حتى عام 1923 عند اكتشاف علاج للطاعون وكان العلاج هو المضادات الحيويه التي اكتشفها "الكسندر فلمنج" .
لقد عانى العالم كثير من الاوبئه والامراض على مر التاريخ وكانت تلك الاوبئه والامراض اخطر من الحروب والكوارث الطبيعيه , وظل الانسان يحاول دائما مكافحة هذه الاوبئة واكتشاف علاج لها ,
حفظ الله البشر من هذه الاوبة والامراض