كتبت - أماني موسى
ناقش الإعلامي عمرو عبد الحميد في برنامج "رأي عام" المقدم عبر شاشة TEN، التراث بين النقد والتقديس، في ظل الضرورة التي باتت ملحة لتجديد الخطاب الديني وسط تأييد البعض ورفض من البعض الآخر.
من جانبه قال د. محمود عابدين، من أساتذة الأزهر الشريف، أن التراث هو مادة ورث والعرب في الغالب تنقل الواو إلى التاء فصارت في الغالب تراث، ومعناها الإصطلاحي لدى العلماء فأن التراث ما مرّ على تدوينه وتأليفه أكثر من ألف عام، والتراث بشكل عام كل ما ورثه المسلم، وأنا احترم ما ورثته عن أبي احترامًا كبيرًا بما كان يتناسب مع زمان أبي.
وتابع بعض العلماء يرون أن القرآن والسنة يدخلان في التراث، باعتبار أننا ورثناهم عن السلف الصالح، لكن لما اصطلح العلماء قالوا أن القرآن والسنة خارج التراث، لأن القرآن صالح لكل زمان ومكان، وكذلك السنة الصحيحة المأخوذة عن الرسول.
واتفق عادل نعمان الكاتب الصحفي، مع الرأي السالف بأن القرآن الكريم هو إرث من الله لا تبديل ولا تغيير، لكنّ السنة عبارة عن مرويات تمت على المعنى وليس على الحرف أو اللفظ الذي نزل به الحديث نُقل عن عن عن حتى وصل إلينا، إذًا هو إرث فيما يتفق مع القرآن فقط وليس إرث فيما يختلف مع القرآن.
وأردف، المشكلة بشأن التراث تكمن في أن الخصام الآن مع النفس والعالم والبشرية ليس في التراث الحضاري والمعماري لكن في التفسيرات والأحاديث وبعض كتب التفاسير التي فسرت الأمر وجعلت هناك خلاف مع المجتمع، واقتصار العلم الديني على رجال الدين هو أمر مجحف جدًا، لأن الرسالة المحمدية حين نزلت لم تنزل على علماء بل على أناس مسلمين عاديين بسطاء.
واليوم مجال البحث والقراءة والمعرفة مفتوح، ومجال العلم التراكمي أيضًا مفتوح، فالإمام أبو حنيفة كان يعمل تاجر قماش، والإمام أحمد بن حنبل كان يشتغل بكد يده، مشددًا: أنا اتحفظ جدًا على كلمة علماء، فالعلم هو العلم التجريبي والبحث المعملي، لكن يمكن أن نطلق عليهم باحثين.
وتابع، مسألة التفاسير وإلى أين أوصلنا النص، هناك 120 أية من الموادعة والمصافحة والسلام والمحبة مع خلق الله، نُسخت بأية السيف، داعش تحارب الناس بأية السيف، الناس اللي بتحارب في سيناء تحارب بأية السيف، وهذه هي نقطة الخلاف.
وقال الشيخ أشرف سعد من مشايخ الأزهر الشريف، أن التراث هو الجذور التي ننتمي إليها حضارة وتاريخًا وهوية، ولكل عصر صورته الخاصة وتقاليده الخاصة، فلا بد أن نعي قضية الثابت والمتغير، هذا الثابت الذي يمثل هوية المسلمين عبر الزمان والمكان هو التراث والمعلوم من الدين بالضرورة، أي ما اتفق عليه المسلمون في كل أنحاء العالم في العقيدة أو الفقه على حد سواء.
وتابع، أما المتغيرات فهي تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ومن ثم الذي يمثل الهوية ليس كل التراث ولكن المعلوم من الدين بالضرورة من هذا التراث.
مستطردًا، أفهم من فكرة المشكلة في تطبيق الأيات أي شرح التفسير الزماني للقرآن الكريم، والعلماء اجتهدوا في تفسيرها بناء على ما وردهم، فعلي سبيل المثال أية السيف التي نسخت آيات الموادعة، لكن هناك آراء كثيرة تقول العكس، لأن الفضائل لا تنسخ أبدًا، فإذا فهمنا قضية الجهاد في الإسلام نجد أنه ليس هجوميًا بل دفاعيًا، للدفاع عن النفس والدين، وليس لأجل قتل الناس أو إجبارهم على الدخول في الدين.
وقال سامح عيد، الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، أن التراث به منتج مادي حضاري كالمباني والمساجد والبيوت، وهناك منتج وتراث ثقافي كالكتب وغيرها وهذا منتج ثقافي إنساني بشري قابل للأخذ والرد.
وتابع، القرآن الكريم نص مقدس لكن قداسة النص لا تعني قداسة تطبيقه، فالمشايخ يعرفون أن هناك آيات نسخت حكمًا وبقيت تتلى في العبادة، فحتى الآن نستطيع أن نتناقش في قداسة التطبيق وتأويل القرآن وتفسيره باعتباره منتج ثقافي بشري.
ورد الشيخ الأزهري د. محمود عابدين: ماذا يعني "عيد" بقوله قداسة التطبيق؟ فالمسلم الذي سلم أمره لربه أي انقاد لله، فإذا هذا المسلم علم أن هذا كلام الله وهو يفهمه وبالتالي فلا يوجد أي إشكال في تطبيقها، فالنص القرآني يبقى النص المعجز، يبقى النص الخاتم، وبشأن الأيات التي نسخت أرجع لمن تخصصوا في دراسة القرآن الكريم.