أمينة خيري
شاكوش مجددًا، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير. سبقه كثيرون في مسيرة «الفن الشعبى»، وهو المصطلح المهذب الذي يستخدمه البعض للهروب من اتهامات قد توجه له بالعنصرية أو الطبقية. في الدوائر المغلقة يسمونه فن الطبقات غير المرغوب في وجودها. أينعم هذا ما يقال. ولو لم يُقَل نطقًا بالكلمات فهو شعور يتم التعبير عنه بعشرات الطرق. هو فن سائقى التوك توك وراكبيه الذين يعكننون على سكان قمة الهرم ووسطه. شاكوش، ومن قبله حمو بيكا، وبينهما أوكا وأورتيجا، «النجم» محمد رمضان.. دائمًا وأبدًا يسببون حالة من التوتر ومشاعر «عزيز قوم ذل» لدى فئات بعينها من المصريين. الواقع يشير إلى أن هذه الفئات، التي يطلق عليها أحيانًا الطبقة المتوسطة العليا، أو بالأحرى بقاياها، صارت أقلية. وهى آخذة في التآكل. ومع تآكلها يزداد غضبها الموجه تجاه الطبقة التي تنمو في اتجاهها فتفرض قيمها وقواعدها وسلوكياتها ومخارج ألفاظها وكذلك فنها. وفى كل مرة «تفرقع» أغنية من هذه النوعية، وتحقق شعبية وانتشارًا بالملايين في خلال أيام، وربما ساعات..
يزيد توتر هذه الطبقة ويتفاقم قلقها على مستقبلها. فهى آخذة في التقلص، بينما الطبقة التي ينتمى إليها شاكوش وأقرانه تتمدد وتتوغل. لكن ما لا تجاهر به هذه الطبقة هو أن جوانب من هذا الفن يعجبها. والبعض يحمل أغنيات معينة على هواتفه المحمولة ويسمعها سرًا، يسمعها بمعنى يستمتع بها، وليس مجرد من باب العلم بالشىء أو التفكه أو السخرية. هذه المرة ولسبب ما غير واضح، تواترت الاعترافات «على الضيق». وسواء جاءت الاعترافات على «فيس بوك» أو «تويتر»، أو خلال اللقاءات بين الأصدقاء، تكررت عبارة «على فكرة أنا سمعت أغنية شاكوش». وذهب البعض إلى درجة الاعتراف العلنى بأنه استمتع بالأغنية، أو أنه سمعها ثلاث أو أربع مرات. وبعيدا عن مخاوف البعض من أن يتسبب الحديث عن هذا النوع من الفن في انتشاره أو تعريف الناس به، ولاسيما أنها مخاوف عجيبة لأن الأغنيات تنتشر عبر وسائل أخرى تماما ولا تنتظر أحكام المثقفين أو مشاعر المتخوفين، فإن النوعيات الجديدة من «الفن الشعبى» غير قابلة للحد أو الحجب. امنع شاكوش وسيظهر لك مائة غيره.
امتنع عن الإشارة إلى هذا النوع من الفن على شاشات التليفزيون وعلى صفحات الجرائد وأثير الإذاعات المعروفة، وسيشار إليها بالصوت والصورة والمقاطع على أثير الإنترنت بمنصاتها المتعددة. ليس هذا فقط، بل إن أثر الانتشار العنكبوتى والتسويق عبر المنصات الإلكترونية سيكون أعمق أثرًا وأوسع انتشارًا. قاطعها في مصر فتظهر في لبنان، حاربها في المدارس والجامعات فتهيمن على الأفراح وأعياد الميلاد. حتى سنوات قليلة مضت، كانت الأفراح الأنيقة تدمج أغنية وربما تستعين بمطرب من مطربى المهرجانات على سبيل الضحك والهزار.. اليوم، تحولوا إلى نجوم حفلاتهم. هذه الموسيقى فيها حاجة، قد تكون حلوة، وقد تكون صرعة، لكنها بكل تأكيد مؤثرة.
نقلا عن المصرى اليوم