حمدي رزق
الحجْر على الرأى صار بضاعة حاضرة، والاتهامات المسبقة كالسيوف مسلطة تجز الرقاب، ولا تمر كتابة مؤيدة دون عاصفة من الرفض، ملوثة بالبذاءة والشتم واللعن والتكفير والتخوين، آفة حارتنا التخوين، وكأنما صاحبها ارتكب خطيئة كبرى أو كبيرة من الكبائر.
أليس من حق المعارض أن يعارض، ويكتب معارضًا؟ هناك مؤيد ومن حقه أن يكتب مؤيدًا. فليسُد الاحترام، لا أحد يملك الحقيقة، ولا أحد يحتكر الحقيقة، وما بين أيدينا من معلومات لا يوفر للمعارض معارضة حقيقية على أسس موضوعية، ولا يوفر للمؤيد تأييدًا بصيرًا بعاقبة الأمور.
لماذا الكاتب المؤيد ملعون فى كل كتاب؟. تخيل كم البذاءة التى يلوثون بها ثيابه، ويسلخون بها وجهه، يسومونه سوء العذاب، ملعونون جميعًا، وكأن هناك لعنة أصابتنا، فضربتنا فعمتنا عن إدراك المعارضة الوطنية والموالاة الوطنية، فصار المعارض خائنًا وصار المؤيد موالسًا!
إذا كانت المعارضة الوطنية ضرورة واجبة مستوجبة ليست خروجًا عن الإجماع الوطنى بل فى قلبه تمامًا، فالتأييد بالضرورة ليس تدليسًا على الضرورات الوطنية بل فى قلبها تمامًا.
إذا كان من حقك أن تعارض ولك ألف حق، وأحترم معارضتك ولربما أباركها فى مواقف وطنية لا تحتمل القسمة على اثنين، ومن حق المعارض على المؤيد أن يحفظ له حق المعارضة غير منقوص، وبالضرورة حق المؤيد أن يحترم المعارض تأييده وإن اختلف معه فى أسبابه، اختلافهما ليس رحمة فحسب بل صحة وطن.
القتل على الهوية، و«اِمْسِك معارض»، و«اِلْحَقْ مؤيد»- كارثة حلت بنا. التلاسن الحادث فى الساحة السياسية يخلف تشاحنًا، وبغضاء، والكراهية إذا استعرت بين أبناء الوطن الواحد سيقتل الأخ أخاه ولن يوارى سوءته، أخطر ما يواجهه الوطن خطر الكراهية ستحرق الأخضر واليابس، هناك فائض كراهية رهيب.
سيادة منهج التخوين لن تفيد الوطن، ينزف الوطن دمًا، أسهل وأبسط تهمة الخيانة، التخوين على أتفه سبب، آفة حارتنا التخوين، لا يصبر أخ على أخيه أن يتم كلمته، ينط فى كرشه، يبقر بطنه، صرنا فى مقتلة، كالغربان تنقر رؤوس بعضها وتنتف ريشها، تعرى الجميع من الأخلاق، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
سيادة المعارض الصنديد ارفض ما شئت وشاء لك الهوى، ولكن لا تهِل التراب على كل منجز، ولا تبخس الناس أشياءهم، كونوا قوامين بالقسط، المعارضة ليست مهنة بل موقفًا، والمواقف بحسب الموقف، ولكل حادث حديث، ما هو وطنى قابل للجمع، واجتهادات من هم فى السلطة قابلة للطرح قبل الجمع، لكن سياسة «اطرحوه أرضًا» لن تترك قائمًا فى البلد على قدميه واقفًا يذود عن الحياض.
نقلا عن المصرى اليوم