كيـــان مسيحي بدون روابط كنسية... كيــــان هش..!!
بقلم: نبيل المقدس
توهمتُ منذ أول مقال نُش ر في هذا الموقع بتاريخ 26 أغسطس 2011 حول المناداة والتحفيز على إقامة "كيـان مسيحي موحد"، مارًا بسلسلة مقالات متفرقة كانت بين الحين والحين حتى آخر مقال حول ذات الموضوع يوم 22 فبراير 2012، أنها مقالات "سد خانة"، وأن هذا الحلم ما إلا وهم من الأوهام المسيحية التي تتحقق فقط في خيالاتنا ولا تُعد أكثر من هلوسة سياسية قطعنا الأمل والرجاء في أن نحياها، وخصوصًا أن هذا المطلب هو مطلب المفروض يكون مطلبًا طبيعيًا بحكم أننا كمسيحيين لطائفة كانت أقلية تقابلها طائفة أغلبية الآن وتعيش معها على نفس الأرض منذ 1500 سنة تقريبًا.. هذا عندما بدأ العرب دخول "مصر" غازية أو غير غازية.. فهو ليس مجاله الآن للجدل فيه.. لكن سعدتُ جدًا أنه فجأة بدأ الحديث عن هذا الكيان المسيحي من أحد كتابنا الكبار والذي أعتز به.. فقد كتب عنه بطريقته الخاصة وانفعلنـــا معه، وأسعد قلب كل شخص يحب وطنه "مصر" عامة ويعتز بحياته الروحية خاصة.. وأتمنى أن كل فصيل آخر من غير المسيحيين وليسوا أيضًا من الأغلبية أن يبدأوا في تكوين كيان رسمي لهم، طالما هم يتنفسون ويمشون ويشربون من نفس هواء وأرض ونيل "مصر".
لكن، وعلى رأي المثل المصري "فرحة ما تمت"... فقد لاح في الأفق خلافات سوف لا أطلق عليها بالخلافات العويصة أو الأساسية في جوهر الإيمان، بل هي اختلافات دنياوية نتيجة لخضوعنا لرئيس هذا العالم "عدو الخير" الذي لا يريد أن يجعلنا يومًا أو حتى لحظة فرحين بوصية الوحدة بين شعب الكنيسة. هذا الاختلاف بدأ عندما طلب مرشد الإخوان مقابلة قداسة البابا "شنودة" بصفته الممثل لكل من يحيا الحياة المسيحية في "مصر".. لكن لم تتم هذه المقابلة حتى الآن.. وربما اكتفى البابا برؤيته عندما دعا شيخ الأزهر جميع فصائل القوى الدينية والسياسية في المناقشات التي دارت حول وثيقة الأزهر، إلى هنا الموقف عادي جدًا ليس من البابا فقط.. بل أيضًا من جميع باقي الطوائف المسيحية.
كان المفروض عند هذه النقطة أن تتم اجتماعات مستمرة بين الطوائف المسيحية الثلاث لإقامة كيان كنسي واحد لمواجهة مثل هذه الحالات، يضم هذا الكيان الكنسي بعضًا من الكهنة والقساوسة لجميع الطوائف الثلاث وتعيين مندوب إعلامي واحد لهم، والإتفاق على مباديء عامة تخص النواحي التي لها علاقة بتسيير شئون المؤسسات الكنسية مع إدارات الحكومة، وليكن اسم هذه المجموعة "مجلس الكنيسة"؛ كي تتوحَّد كلمتنا ولا تستطيع أي إدارة أو مجموعة رسمية أو غير رسمية أن تخترق وحدة الكنائس، مما يتسبب في وجود فتنة بينها.. وهذا ما حدث أخيرًا، هو انفراد إحدى الطوائف الثلاثة بالإخوان المسلمين في مقرهم.. وهذا يثير الكثير من التساؤلات..
هل المسيحية في "مصر" لها ثلاثة مسحاء أم مسيح واحد؟؟ لذلك علينا أن نتوحَّد كطوائف، وأن نجعل مصالحنا هي مصلحة واحدة.. وأنا من رأيي لا يمكننا القيام بكيــان سياسي إلا وأن نتوحَّد كنسيًا أولاً..
وحدة شعب الكنائس ليس المطلوب منها وحدة الطقوس، بل المطلوب منها وحدة الكلمة في شخص من خلصنا وفدانا.. نريد رجل كهنوت واحد لمواجهة أي شريعة أو قانون تخالف طبيعتنا.. نريد من الكيان الكنسي أن لا يفرط في حقه بأن يمارس الكرازة مثله مثل باقي الأديان الأخرى، والتي أعطت لنفسها الحق المطلق بأن تمارس الدعوة.. هناك قضايا كثيرة لا يستطيع الكيان العلماني أو ما نسميه الكيــان المسيحي السياسي أن يقوم بحلها.
فعلاً حان وقت القيام بكيان سياسي مسيحي قوي.. لكن علينا أولاً بناء كيـان كنسي أولاً، بحيث يكون هناك خط رفيع يفصل بينهما ولا يتداخلان في أعمالهما.. لكل كيان عمل أو مهمة يختلف تمامًا عن الآخر. فمن المحال تكوين كيان يناطح المؤسسات السياسية ويتدخل في كل كبيرة وصغيرة في الشئون السياسية إلا أن يقف ورائه كيان كنسي من جميع الطوائف... لا للانفرادية.. "21لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. 22وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي." (يوحنا 17 : 21 – 23).
لا نقبل أن يتم اجتماع فصيل رسمي أو غير رسمي مع طائفة مسيحية معينة على انفراد... فنحن واحـــد في الجســـد الواحـد..! وإذا حاولنا القيام بكيان مسيحي سياسي بغض النظر عن اسمه، أو بحزب مسيحي، علينا أولاً بوحدة الطوائف لكي لا يصبح الكيـــان الذي نحلم به كيانًا هشًا...!!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :