طارق الشناوي
منذ الوهلة الأولى كان يبهرنى لينين الرملى بهذا الحضور الشخصى الممزوج بالكبرياء البعيد تماما عن التكبر، ولكنه الاعتزاز بالنفس فى بداية تحقيقه للنجومية بعد النجاح المدوى لمسرحية (انتهى الدرس يا غبي)، ذهبت لإجراء حوار، قال لى من حق بطل المسرحية محمد صبحى ولست أنا، لم أجد أبدا طوال رحلتى الصحفية من يُنكر على نفسه هذا الحق، لينين كتب المسرحية وفى ذهنه صبحى بطلًا، ولكن المنتج مصطفى بركة أراد أن يسند البطولة لنجم شباك فكان المرشح محمد عوض، اعترض عوض على الفصل الثالث، لم يستوعب حالة الشخصية، طالب إعادة الكتابة، والكل تمنى أن يستجيب لينين للنجم الأول والأشهر بمن فيهم صبحى، الذى كان مرشحًا للدور الثانى، وكان يراها فرصة لا تعوض أن يشارك عرض مسرحى تحت المظلة الجماهيرية لمحمد عوض.. لينين رفض خيانة وجهة نظره، وكان الحل أن يلعب صبحى البطولة، منتج المسرحية والتى كانت تعرض فى مسرح (باب اللوق) لم يجد جمهورًا، فكان يتوجه يوميًا للمقاهى المنتشرة فى قلب العاصمة، يغريهم بالدخول المجانى، ومن يتحمل الفصل يمنحه واحد شاى مجانيًا أيضا، ومع الأيام تقبّل الجمهور العرض، بل تم رفع يافطة (كامل العدد)، ودُشنت نجومية لينين كاتبًا وصبحى نجمًا، وصارت بينهما توأمة وهما يكملان معًا الصورة والحالة الإبداعية. الفرقة المسرحية التى تحمل اسم صبحى ولينين معا قدمت عروضا مهمة مثل (تخاريف) و(وجهة نظر) و(إنت حُر) وغيرها، كالعادة وكما يحدث بين أى ثنائى عبر التاريخ ينفصلان وكل منهما شق طريقه منفردا، لينين حاول فى توقيت ما من خلال فرقته الرهان على نجومية أشرف عبدالباقى، ولكن لم يتحقق الإقبال الجماهيرى، قدم لينين العديد من الأعمال المهمة للمسرح القومى (أهلا يا بكوات).
لينين الرملى كتب لفؤاد المهندس واحدة من أهم مسرحياته (سك على بناتك)، يكتب كل التفاصيل وبدقة ولا يعترف أبدا بأن الممثل الكوميدى من حقه الإضافة، دائما ستلمح رؤية تمزج الحالة السياسية والاجتماعية بعمق فلسفى يبحث عن الجوهر، كل نجوم الكوميديا بمن فيهم عادل إمام يبحثون عن لينين الرملى، فقدم له الأجزاء الثلاثة فى (بخيت وعديلة) وفيلم (الإرهابى)، الأفلام الأربعة من إخراج نادر جلال، كان أحمد زكى هو المرشح الأول، ولكنه طلب تعديلات فذهبت على الفور إلى عادل إمام، ومع المخرج صلاح أبوسيف الذى كان شديد الإيمان بموهبة لينين وقدم معه فانتازيا (البداية) وهى دائرة خيالية بعيدة تماما عن أستاذ السينما الواقعية، وكان بينهما مشروع (النعامة والطاووس)، واعترضت الرقابة لأنه يتناول البرودة الجنسية، ورحل أبوسيف الأب ووافقت الرقابة، فأخرجه ابنه محمد أبوسيف، سألت سمير غانم عن الإفيهات التى يقدمها فى أعماله، قال لى كلها من تأليفى والكاتب آخر من يعلم، باستثناء كاتب واحد فقط لا أجرؤ أن أضيف له حرفًا واحدًا، اعترف ملك الارتجال بأنه فى (حكاية ميزو) لم يستطع إضافة جملة واحدة، لأن لينين يكتب كل التفاصيل، حتى المناطق التى تحتاج للارتجال، فكان يكتبها بأستاذية لتبدو ارتجالًا.
لينين الرملى صفحة خالدة فى تاريخنا الدرامى، نفد المتاح لى من كلمات وأنا لم أكتب بعدْ المقدمة!!.
نقلا عن المصري اليوم