الملك السعودي محذرا خطباء المساجد: " إياكم والتعرض للصديقة أميركا أو الدعوة لمقاطعة بضائعها"
لا يحتاج موقف النظام السعودي من قضايا العالم الاسلامي إلى كثير من التفكير والتحليل لادراك تناغمه مع سياسات الولايات المتحدة وعدائها لقضايا المسلمين في فلسطين والعراق ووو، لكن أن يفاضل النظام السعودي بين المصالح الاميركية ومصالح شعبه حتى في تفاصيل الحياة الاجتماعية، أمر يطرح تساؤل عما اذا كان هذا تناغم سعودي اميركي أم تبعية وخضوع؟
فقد أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز قراراً سريًا يحظر على أئمة المساجد فى جميع أنحاء المملكة التعرض للولايات المتحدة الأمريكية أو الدعوة لمقاطعتها أو مقاطعة منتجاتها.
وقد أثار هذا "التعميم" حالة من الاستياء والاستهجان فى المملكة خاصة بين رجال الدين الشرفاء الذين اعتبروه "وقوفا علنيا" إلى جانب أعداء الأمة الإسلامية خاصة أمريكا وإسرائيل فى الوقت الذي يسمح فيه بالخطب الدينية التي تحث على التفرقة والكراهية بين المسلمين والسماح بتوزيع منشورات تتوافق وتوجهات الأسرة الحاكمة من آل سعود وتحويل المنابر إلى الدعوة للفتنة بين المسلمين.
ونشر موقع سما نيوز الإخبارى نص تعميم آخر صادر من مدير الأوقاف والمساجد بمكة المكرمة جاء فيه:
"تلقيت تعميم فضيلة مدير عام فرع الوزارة بمنطقة مكة المكرمة المبني على برقية صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة السرية المتضمنة توفر معلومات لدى الإمارة باستمرار تواجد منشورات في بعض المساجد تدعو إلى مقاطعة الأمريكيين ومنتجاتهم وتطرق بعض خطباء الجوامع عن تلك المنشورات بالتأييد ومقاطعة المنتجات الأمريكية وقد تضمنت برقية سموه الكريم ما نصه "يمنع منعًا باتًا توزيع أي منشورات بهذا المفهوم أو التطرق لهذه المواضيع في الخطب فالمنابر لتوعية الناس وتبصيرهم بأمور دينهم لا لإشغالهم بما لا يخصهم وفي حالة تكراره سوف يحاسب الجميع بما في ذلك المسؤولين طرفكم نأمل الاطلاع والتقيد بذلك وإنكم مسؤولون عما يحدث كل ومسجده".
العلاقة بين السعودية وأمريكا التي بحسب التعميم لاتخص المواطنين، كانت مثار بحث لكثير من المحللين، وهو ما تناوله توماس ليبمان الباحث في معهد دراسات الشرق الأوسط، في مقطع فيديو يتكلم فيه عن العلاقة القوية بين حكومة آل سعود وأمريكا موضحا تدخل أمريكا في شؤون الدولة السعودية الداخلية...
لكن اذا كان النظام السعودي يحظر المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الاميركية ويعدل المناهج التعليمية لتبييض صفحة اميركا والغرب، عندها لابد من السؤال إذا ما كان بعض العرب حلفاء أم أتباع لواشنطن؟ وإذا كانت تبعية فلأي غاية؟؟
و يرى " د. فارس الخطاب" في مقاله في صحيفة القدس العربي أن الغريب في أمر الولايات المتحدة أنها أوجدت لها شبكة من الحكام المرتبطين بها بصيغة التحالفات، وهذه التحالفات جعلت هؤلاء الحكام يظنون أنهم في مأمن من المعارضين لهم أو المتربصين بهم، نتيجة دعم ورعاية هذه الدولة العظمى وقدرتها الخارقةعلى النفوذ الأستخباراتي ورسم الأحداث وتطورها بشكل يخدم بقاء الحكام من جهة وأستمرار مصالحها من جهة أخرى، ورغم ان هذا الظن قد أجهضته الكثير من التجارب القاسية بدءا من تجربة شاه إيران وانتهاءا بتجربة حسني مبارك، إلا أن الكثير من حكام الوطن العربي مازالوا يؤمنون بالتحالف مع أمريكا كسبيل للخلاص من أعدائهم الخارجيين ومن غضب شعوبهم، وهم وبهذا العنوان باتوا يمارسون أدوارا فعلية في دعم ومشاركة الولايات المتحدة بعملياتها القذرة في الشرق الأوسط عموما ومنطقتنا العربية تحديدا.
وزير الدفاع الامريكي السابق روبرت غيتس، وبعد أن نشر موقع ويكليكس مطلع العام الماضي مئات الوثائق الأمريكية المعبرة بوضوح عن النظرة الأمريكية المتدنية للحكام العرب الذين يظنون أنهم متحالفين معها، والتي كان يتوقع لها أن تسبب انتكاسة في العلاقات العربية-الأمريكية، غيتس خرج بعد نشر هذه الوثائق ليقول: نحن لدينا (أتباع وليس حلفاء)، وبالطبع من حق الحليف أن يغضب ويعلق تحالفه عندما يكتشف أن حليفه يضمر ما لا يعلن أما التابع فلن يبدي شيئا من هذا لإنه بإختصار (تابع) والتبعية تكون دائما إما خوفا أو إيمانا بما يملكه المتبوع من قدرة خارقة لا يجاريه فيه أحد وبالتالي فهو ولي نعمته وحامي مصالحه.
إن دول الخليج العربي هي من أكثر الدول العربية التي تعتقد أنها متحالفة مع الولايات المتحدة وهي في حقيقة الأمر تابعة لها، فمعظم عائدات النفط وهي عائدات هائلة بالطبع تستخدم كأستثمارات في الولايات المتــــحدة، ورغــــم محاولة بعض دول الخليج تشجيــــع الأمريكين على الاستثمار الحقيقي أو المالي في الخليج مثل عرض المملكة العربية السعودية لمحفطة استثمارية من 2 تريليون للمستثمرين الأمريكين من خلال مجلس العلاقات التجارية السعودي- الأمريكي، الا أنه لم يكن أي اعلان عن استثمارات فعلية للمؤسسات والشركات الأمريكية في السعودية أو الخليج بصفة عامة، بل على العكس من ذلك فقد تخلصت بعض الشركات الأمريكية من استثماراتها في الخليج وخرجت من أسواقه. ورغم التقارب الكوري والصيني مع دول الخليج العربي إلا أن التقنية الأمريكية هي التقنية الرئيسية المستخدمة في جميع دول الخليج ولن يكون أي دور لإية دولة في اقتصاديات هذه الدول دون موافقة أمريكية مسبقة.
أمنيا، وهي الطامة الكبرى بالنسبة لدول الخليج، فجميع هذه الدول تعتقد أن الولايات المتحدة هي صمام الأمان الأمني لها أمام أية أطماع أجنبية خارجية أو داخلية، حتى على مستوى التقييم الأمني، قامت أمريكا بفرض قناعات العــــداوة لدى قيادات هـــــذه الدول وبالــــتالي دفعها للمشاركة في درئها سواء بالسلاح و بالمال أو كلاهما كما يحصل في تدخلها المباشر وغير المباشر في عمليات عسكرية ضد أنظمة عربية قائمة، وهي بمجملها أدوار تفضي إلى قناعة واحدة، أن كل ما يجري من دعم وإسناد ومشاركة لإنشطة الولايات المتحدة إنما هو من أتباع وليس حلفاء.
في الداخل كما في السياسة الخارجية... الادارة الاميركية تفصل والنظام السعودي يلبس، لكن من يحسن قرآءة التاريخ يدرك أن التبعية لاميركا تأخذ أصحابها الى القاع، وليس بالبعيد وتحديدا الثورات التي انطلقت شرارتها العام الماضي أثبتت أن الرهان على الاحتماء بالولايات المتحدة سقط عند أول امتحان، مكرها أمام قوة كلمة "ارحل،،،
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :