ماجدة الجندى
لم أكن الوحيدة التى لم تتعرّف أو تلتقِ بـ«خالد بشارة»، الرئيس التنفيذى لشركة أوراسكوم، واجتاحها وجع عميق على رحيله فى «أوج» نجاحه.. تأكدت من ذلك من تواصلى مع أناس، هم أيضاً لم يعرفوه، ولا كانوا من نفس دائرته الاجتماعية ولا المهنية... أناس وجدوا فى ما قرأوه أو سمعوه عنه ما يحلمون به، ليل نهار: أن ينال المجتهد حقه.. أن يتولى الأمر الأكثر علماً وخبرة.. ألا يتم تكسير عظام الشاطر وألا يتم إقصاؤه.. باختصار أن «يصح الصحيح».. تجربة «خالد بشارة» تجربة باعثة على الأمل عملياً.. أحب الناس فى خالد بشارة «معنى» أنه يمكن أن تكون صاحب علم ومستقيماً ونزيهاً ومجتهداً، وأن «تنجح»، وتصل إلى القيادة.. وليس هذا هو الشائع ولا ما يُشاع فى أغلب مناخات العمل فى بلدنا.. بلدنا الذى أحياناً ما يفقد فرصاً للنمو، إما لتشوهات المعايير لدى البعض، بحجبهم، أو تشوهات مناخ لا يستند إلى المعايير الصحيحة.. قبل مدة ليست بعيدة كنت قد التفت إلى «يوتيوب» منشور على الإنترنت، يحمل اسم خالد بشارة ويوجّه فيه أنواعاً من الدعم والنصح إلى الشباب، عن الكيفية التى يجب أن يتعاملوا بها مع أفكار مشروعاتهم المستقلة، كرواد شباب لرجال أعمال قادمين.. استوقفتنى «روحه».. تدفّقه الذى تحس معه أنه يريد أن يأخذ بيد متلقى رسالته، ليس بتقديم الإجابة الجاهزة، لكن ببث الثقة أولاً، ثم بطرح دروس تجربته...الإنسان تصله «ذبذبات» حين ينصت، يستشعر مدى صدق الرسالة..
لم أكن معلومات دقيقة حول وضعية «بشارة» ولا مشواره، لكننى وجدتنى أبحث عن اسمه، أنا شخصياً أمنح نفسى وفى عمرى هذا، أملاً بالعثور على «الطيب»، (بكسر الطاء)، وأراه هو الذى يعين، ويدفع بالناس إلى الخيارات الطيبة مهما صعبت.. أو كنت قد التقطت من حديث عابر «أنه نموذج فى الإدارة «الدوغرى»، لكن حين رحت أتقصى، وتتضح تجربة «بشارة» من خلال حوارات له (كان آخرها مع موقع «حابى»)، وجدت فعلاً ما يستحق أن ننشره ونعلمه للشباب، بل ما يمكن أن نتّخذه مؤشراً على مستوى أكبر.. رحلة بشارة «ملهمة» حتى للشيوخ مثلى! بشارة «تعلم» وخاض تجارب العمل «بقلب شجاع».. وبدون التواءات قيمية، واستطاع أن يصل إلى «القيادة».. وعبر المشوار هناك تفاصيل منها أن ينشئ كثيراً من الشركات الناجحة، لدرجة أن تستقبل واحدة من أنجح المجموعات (أوراسكوم) وأن يشكل لها إضافة (أولى شركاته أنشأها مساهمة بمليون جنيه، وباعها بعد عشر سنوات بمائة وثلاثة ملايين).. هل يمكن أن يكون الإنسان ناجحاً إلى هذه الدرجة، ومحباً لبلده و«دوغرى» ومتواضعاً ومعطاءً ويساعد ولا يكتنز خبراته ولا إنسانيته، ولا يضن بما تعلم على آخرين؟
أثبت خالد بشارة ذلك، فأحبه حتى من لم يعرفه شخصياً، لأننا بحاجة إلى طيب المعانى والثقة فى المعايير الصحيحة، لنستمر قابضين على جمر الحياة.. وهذا ما تفعله «سيرة» خالد بشارة الأطول من عمره، رحمه الله، قدر ما منح الحياة والناس من معانٍ.
نقلا عن الوطن