كتب - أحمد المختار
 
في إطار الجدل الدائر الآن بين أوساط الرأي العام المصري ، بعد الخلاف الشهير بين شيخ الأزهر " أحمد الطيب " و الدكتور " محمد عثمان الخشت " رئيس جامعة القاهرة في مؤتمر الأزهر الأخير حول تجديد الفكر الديني ، و ما حواه حديث شيخ الأزهر عن تصلب و جمود في الفكر لا يتطابق مع المتغيرات الراهنة في الوضع الداخلي للبلاد ، و ما تشهده المنطقة من صراعات إقليمية تحت غطاء الدين و التطرف و التكفير ، و لذلك استضاف الإعلامي " حمدي رزق " في برنامجه " نظرة " علي شاشة " صدي البلد " الكاتب و المفكر الدكتور " ثروت الخرباوي " المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية الذي أدلي بدلوه في هذا الجدال ، حيث قال :
 
" التراث إنتاج بشري و هناك فارق جوهري كبير بين الدين و التراث ، و النصوص المطلقة التي أنزلها الله تعالي في كتابه الكريم و السنة النبوية ما اتفق عليها و تأكد من صحتها ، إلا أن أفهام الناس و العوام لتلك النصوص متغيرة و مختلفة ، و علي الإنسان أن يتدبر تلك القرآن ، فالعقل النسبي لديه طرقه المختلفة في التعامل مع اليقينيات المطلقة ، فلا بد من التفرقة بين المطلق اليقيني و الشك الذي يعد من أساليب التفكير النسبية .
 
و أوضح " الخرباوي " : " جري تديين التراث الإنساني في القرون الأخيرة ، فكيف نجد تراث حضاري فني غنائي أو ينتمي لأي مجال ، أن يتم نسبها إلي الدين ؟ !! ، ففنون العمارة التي أنتجتها عقول الأوائل في العصر العباسي و أطلق عليها " العمارة الإسلامية " التي أنتجها البشر في تلك الحقبة من مختلف الديانات ، فكيف يتم لصقها إلي تاريخ الدين الإسلامي ، و هي تتبع تاريخ المسلمين ، حيث جرت تلك المحاولات عقب وفاة النبي " محمد " ، فعندما دخل المسلمين إلي الأندلس هل فعل ديني ؟ ، أم محاولة من دولة ناشئة تحاول إثبات نفسها بين الأمم " .
 
و تابع " تصريحات شيخ الأزهر أن التراث وضع أقدم المسلمين في الصين و الأندلس ، أختلف معاها كثيراً ، فالله سبحانه و تعالي لم يخلق جميع البشر بفكر واحد ، و دين واحد ، فكيف يقول شيخ الأزهر ذلك ؟ ، فتوصيات المؤتمر الأخيرة تشير و لأول مرة إلي التحرك و لو قليلاً في مجال التفكير الديني الإسلامي ، و بالأخص تفصيلة الجهاد ، التي نصت علي جهاد المسلمين أيام " الرسول " بالجهاد الدفاعي ، لكن كل ما جري في فتح البلدان الأخرى هي غزو و ليست فتح و ليست من الدين " .
 
و كشف : "  فكتب التفسير التي كُتبت لتفسير القرآن مثل تفسير " الطبري و ابن كثير و خواطر الشيخ الشعراوي " هي مجهودات بشرية و لا يجب إلصاقها بالدين ، و أن نحبس أنفسنا في جيلنا الحالي بفهم الأوائل ، و حتى الأئمة الأربعة وضعوا مذاهب إنسانية و ليست مذاهب إلهية ، و عقيدة الأزهر الأشعرية تتبع الفهم الأشاعري ، الذي يعمل علي تأويل صفات الله ، فالمذاهب لا تختلف حول العقيدة و الشريعة ، لأن من كان يمثل الإسلام فقط هو " الرسول " ، فالأزهر بالنسبة لي ليس مؤسسة دينية ، هو مؤسسة علمية ثقافية تهتم بعلوم الدين ، ولا تمثل الإسلام  ، كما يمثل الدكتور " الخشت " جامعة القاهرة ، و الرئيس " السيسى " يمثل مصر و ليس الإسلام ، و أن الخلافة الإسلامية بحسب كلام الأزهر هي فهم المسلمين في تلك الفترة ، و ليست من الإسلام في شيء " .
 
و أكمل " الخرباوي " : "هناك فرق بين المشيخة و جامعة الأزهر ، و الأزهر تاريخ كبير و تحوله من المذهب الشيعي إلي السني حتى في فترة صلاح الدين الأيوبي ، فهو منبر للفهم عن مراد الله ، و هناك فرق كبير بين المهنة و الدين ، فالأزهر يتحجج بأنه لا يتحدث في الطب أو الهندسة رغم تدخلاتهم الكثيرة فيما لا يعنيهم ، فكل فرد مسلم حريص علي دينه و الله سيحاسبه علي فهمه للدين ، و الله لن يجري لي امتحان يوم القيامة في أصول الفقه كالمعاهد الدينية ، فالإسلام ليس علم و يكون له المتخصصين فيه و لا يوجد من ينص علي وجود رجال الدين ، مثل الديانات الأخرى ، و علي كل مسلم أن يُعمل عقله في فهم الدين ، و يمكنه استخدام علوم التدين " .
 
و أضاف قائلاً : " فالكتب البشرية التي جمعها الأوائل تخصهم هما و لا تخص الدين مثل " صحيح البخاري و صحيح مسلم " رغم احتوائهم علي ما يخالف العقل و المنطق ، و إصرار مؤسسة الأزهر علي التمسك بتلك الكتابات كأنها وحي من عند الله ، و مساواتها بالقرآن ، و إطلاق لفظ الحديث عليها ، و أطالب الأزهر بجمع ما يناسب العصر الحالي " .
 
و اختتم : " الإخوان بدون شك يقفوا في صف شيخ الأزهر الآن ، رغم معاداتهم له إبان حكمهم 2012 ، و كانوا يخططوا للإرهابي القرضاوي أن يحل مكانه ، فلجان الإخوان الإلكترونية صورت الشيخ " الطيب " كأنه صاحب الحق المطلق في الكون بمفرده ، و يجب علي شيخ الأزهر كما يقول في المؤتمرات الخارجية بالدول الأوروبية أنه لا يعترف ببعض الأحاديث وقت مخاطبته للخارج ، أن لا يناقض نفسه و يعترف هنا أيضاً في الداخل بمثل ذلك ، هناك الكثير من التناقضات الظاهرة و حدثت في أمر " فوائد البنوك " وقت إباحة شيخ الأزهر السابق الراحل " محمد سيد طنطاوي " و أخرج مركز البحوث الإسلامية فتوى مضادة لها بتحريمها ، و للأسف الشيخ " الطيب " وضع المتطرف الإخواني " محمد عمارة " لمدة 3 سنوات علي رأس مجلة الأزهر الرسمية ، فهو يمثل جامعة عريقة و جامع عريق ، و للأسف العقلية المصرية عقلية نقلية للمعارف ، و لا تستطيع إنتاج أو ابتكار أي شيء الآن ، كما هو الحال للدول العربية و الإسلامية ، و الهدف الآن هو تحويل العقلية المصرية إلي عقلية نقدية من طرف مجموعة الوزارات المعنية بالدولة ، التي ستؤثر علي الخطاب الديني بالتبعية " .