الأقباط متحدون | (28) الحداثة والمجتمع عند الأب "متى المسكين" (ج3)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:٤٨ | السبت ٣ مارس ٢٠١٢ | ٢٤ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٨٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

(28) الحداثة والمجتمع عند الأب "متى المسكين" (ج3)

السبت ٣ مارس ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل

في تحليله المتميز للمجتمع الحداثي، يخلص الأب القديس "متى المسكين" في كتاباته إلى أن هذا المجتمع المصري يتميز بأنه غير معــــقَّد وبسيــط، ويستــطيع إي إنسان أن يتعايش ويحيا حياة كريمة، بشرط عـدم المبالغة، وأن يـدرك أن حياته على الأرض محـدودة، وأن لكل فرد من أفراد الأسرة دورًا رئيسيًا يجب أن يـؤديه بأمانة، فــذكر الأب القديس "متى المسكين" في مذكراته قائلاً: "أعجب شىء أذكره هو أني كنت أتأمل في الحياة، فيما فوق الحوادث اليــومية وهمــــوم الأسرة، منذ أن كنت ابن عشر سنوات".

ونجاح الأسرة كان يعني عند الأب "متى المسكين" نجاح المجتمع كله، والنجاح لا يعتمد عن دور الأب والأم فقــــط، بل يعتمد على المشاركة المجتمعية لأبنائها. وهنا نذكر ما كتبه عن مشاركته أسرته في حل بعض المشكـلات قائلاً: "كنت أصل إلى حلول لمشاكل الحياة ترضيني وتقنعني، كنت أستصغر أعمال من هم أكبر مني حينما تأتي خارجة عن أصول اللياقة، ولكن دون أن أتكلم أو أظهر نقدي".

وتناول الأب "متى المسكين" في العديد من مقالاته أهمية دور الأم في الأسرة لأنها العمود الرئيسي، فذكر في مذكراته أهم ما تعلمه من أمه قائـلاً: "كانت والدتي متدينة جدًا بصورة لا يصدقها عقل... كانت تظل واقفة لعدة ساعات تصلي وتسجد، ولا تكـــف عن السجود مئات المرات، وكنت أنا أحاول أن أسجد معها تقليدًا". فالأم عند الأب "متى المسكين" مدرسة في تعليم أبنائها حياة الصلاة والصوم والفضائل، وهي الطريق الوحيد في بناء المجتمع المثالي.

أما عن التركيبة الاجتماعية في مجتمع الحداثة لدى الأب "متى المسكين"، فالمجتمع في نظره مجموعة طبقات، ولكل طبقة من طبقاته مميزات تختلف عن الأخرى، وربما حرمان ميزة في أي طبقة من طبقاته تكون سبب بقائه وتماسكه ونجاحه، وعامل الرضا النفسي هو سر نجاح الأسر والمجتمع. واستطـعنا أن نتلمس من بين الســـطور في مذكراته ما يؤكــد ذلك، فـذكر قائلاً: "كنت طفلاً محرومًا من كماليات الحياة، أو قل من جــوهريات الطفولة، فلا أملك مصروفًا أبدًا، ولا أملك أي شىء مما يملك جميع الأطفال من لعب وملابس خاصة أو أطعمة حــلوة؛ ولكن لم أكن أشعر بالحرمان أبدًا، بل كنت راضيًا به تمام الرضا ولا اشتهيتها".

كان الأب "متى المسكين" في شتى كتاباته يسعى للوصول بالإنسان لنموذج مثالي يسعى لتقدم المجتمع ورقيه وحداثته، ونذكر هنا ما ذكره الدكتور "عاطف العراقى" قائلاً: "كان الأب متى المسكين حريصًا طــــوال حياته، وحتى اللحظات الأخيرة قبيل وفـــاته، على أن يقدِّم لنا مجتمعًا أفضل، مجتـعًا حضاريًا تتمثل حضارته في الداخل أساسًا، داخـــل الإنسان، وليس من خلال الانبهار بالعوامل الزائفة، أي بقشور الحضارة، فإذا صلح الإنسان بداخله فإن الأمة سوف تأخذ طريقها نحو التقدم إلى الأمام والازدهار حاضرًا ومستقبلاً، فالإنسان فيما يقول يكون في غاية السعادة والسلام بسبب عناية الله به عناية شاملة من جهة رغباته الجسدية ورعايته في الداخل والخارج وحمايته ملموسة في كل المواقف، وليطمئن الإنسان أنه محفوظ بين يدي الله وملحوظ بعنايته وتزداد ثقة الإنسان ويتقوى إيمانه بالله على أساس الدليل المادي الواضح والبرهان الملموس..."

نستخلص العديد من مدلولات المجتمع الحداثي عند الأب القديس "متى المسكين":

أولاً- إن المجتمع الحداثي يعني أنه يتمتع بالبساطة، ويشارك كل أفراده في منظومة مترابطة العناصر محورها الأسرة.
ثانيا- إن المجتمع الحداثي يعتمد على الأم كمدرسة للتعـــليم، وتنمية القدرات التنموية والمواهب لدى أبناء الأسرة.
ثالثًا- المجتمع الحداثي هــو أنه يستغل المـــوارد (الطبيعية– البشرية) المتاحة بقدر المستطاع من أجـــل أشباع حاجاته، أو بمعنى أكثر شمولية بما أُتيح له من إمكانيات بآليات تنفي أي إمكانية للمعارضة والتغيير، آليات إدماج تنتهي إلى ابتلاع الاختلاف ومحو التميز والعنصرية والخصوصية.
رابعًا- المجتمع الحداثي لدى الأب "متى المسكين" كان يسعى دائمًا إلى الوصول للمثالية، فإذا صلح الإنسان بداخــــله فإن الأمة سوف تأخذ طريقـها نحو التقدم إلى الأمام، والازدهار حاضرًا ومستقبلاً.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :