عبد اللطيف المناوي
لم يصل عدد المتوفين بسبب كورونا '>فيروس كورونا حتى كتابة هذه السطور إلى 220، وتأخذ سلطات الدولة المصرية من الإجراءات الجادة و«الكوميدية» كل ما يخطر ببال لمنع تسرب الفيروس إلينا وحماية المصريين. وهو جهد محمود ومقدر فى جانبه الجاد.
لكن أظن أن هناك مناطق وأسباب فقد أخرى لأرواح المصريين. ليس من العيب الإشارة إليها، مثل العناية الصحية وغرقى النيل والبحار، والأكثر حضورًا فى حياتنا حوادث الطرق.
استيقظنا بالأمس على خبر مصرع خالد بشارة، الرئيس التنفيذى لشركة أوراسكوم، إثر حادث أليم بميدان الرماية فى محافظة الجيزة. وكما قال لى أحد أصدقائه فإن الحادث كان نتيجة اصطدام عربة نقل بدون أرقام تحمل حديدًا وتسير فى الطريق العكسى، فتصطدم بالرجل، الذى يشهد له من عرفه بالأخلاق والنباهة، فيلقى مصرعه تاركا خلفه زوجة وولدين مازالوا فى حاجة له، وصدمة أصدقاء لم يصدقوا بعد ما حدث.
لم يمر منتصف النهار حتى أتى إلينا خبر جديد بوفاة الزميلين الصحفيين، زكية هداية وأحمد المنسى، المحررين فى جريدة المال، إثر حادث سير أليم أودى بحياتهما فى الإسكندرية.
الأكيد أن هناك غير هؤلاء الذين فقدناهم كثيرين، لأنه وفقا للمعدلات فإن مصر تخسر حوالى تسعة آلاف مصرى سنوياً وفيات لحوادث الطرق. هذا يعنى أنه لا يمر يوم دون وقوع عشرات من حوادث الطرق، حيث شهد العام الماضى وحده حوالى 8500 حادث، كما وصلت الوفيات بسببها لما يعادل 9 أشخاص من بين كل 100 ألف نسمة.
جزء كبير من حوادث الطرق فى مصر يقع بسبب سيارات النقل كبيرة الحجم، حيث تشكل الشاحنات حوالى 20% من إجمالى المركبات على الطرق، ويؤدى اختلاط تلك الشاحنات بالسيارات العادية على الطريق إلى ارتفاع إمكانيات وقوع الحوادث. فوفقا لعدة إحصائيات، 40% من حوادث الطرق فى مصر أحد طرفيها شاحنة.
ولا أستطيع هنا أن أجزم كما يدعى البعض بأن التطوير الذى حدث لبعض الطرق لم يضع فى اعتباراته العنصر البشرى المترجل، مما سيكون سببًا فى ازدياد عدد الضحايا. ولكن الأمر يحتاج إلى التفاتة ودراسة من أصحاب القرار.
لكن ما أستطيع أن أؤكده أن هناك حالة فوضى وعدم سيطرة على الطرق، وأن التواجد الأمنى المرورى فى معظمه يهدف إلى التصيد والجباية أكثر مما يهدف إلى تأمين حياة الناس.
رحم الله من ماتوا اليوم، ومن ماتوا من قبل، ومن سوف يموتون فى المستقبل على الطرق. ووقانا الله شر فيروس كورونا، لدينا فيروساتنا الخاصة الكفيلة بالقيام بالدور.
menawy@gmail.com
نقلا عن المصرى اليوم