فوضى السيارات المركونة أصبحت ظاهرة منتشرة فى كثير من الشوارع الرئيسية والجانبية، بعضها معلوم الهوية والبعض الآخر مجهول، بعد أن تُركت سنوات عدة حتى وصل بها الحال لكونها ملجأ للحيوانات ووكراً لتعاطى المخدرات، ومصدر ريبة لكثير من المواطنين الذين يسكنون بالقرب منها، إذ تؤثر على المنظر الجمالى للشارع، بجانب استحواذها على مساحة كبيرة تمنع البعض من ركن سياراتهم، مؤكدين ضرورة وجود آلية للتخلص منها، كى لا تتسبب فى مشاكل لهم ولأبنائهم.

تعددت مشاهد السيارات المركونة فى عدد من الشوارع الجانبية والرئيسية بمنطقة شبرا الخيمة، إذ استقرت عربة بيجو زرقاء اللون، لا توجد عليها لوحة معدنية تحمل أى معلومات عنها، تحت إحدى العمارات، منذ أكثر من ١٠ سنوات، حتى اختفى لونها من تراكم الأتربة عليها، وتحطمت نوافذها الزجاجية، وتجمع داخلها عدد من السجاد والقمامة والحيوانات، ولم يعرف أحد من سكان المنطقة صاحب هذه العربية، وتكرر المشهد مع أكثر من سيارة، باختلاف بسيط فى ماركة العربية ولكن حالاتها تشابهت فى جميع السيارات.
"سعاد": "10 سنين مركونة وما حدش عارف صاحبها"

«العربية دى بقالها أكتر من 10 سنين مركونة هنا وما حدش عارف صاحبها».. بهذه الكلمات بدأت سعاد سيد، 43 عاماً، إحدى سكان شبرا الخيمة، ربة منزل، عند حديثها عن السيارة التى استقرت على ناصية الشارع الذى تسكن به منذ سنوات، مضيفة: «العربية إزازها متكسر والعجل على الأرض، ومفيش حد بييجى يشوفها، وبقت ملجأ للقطط والكلاب»، وتابعت «سعاد» أنها تمنع طفليها اللذين تتراوح أعمارهما ما بين 7 و10 سنوات عن الاقتراب منها، خوفاً عليهما من أن تكون محملة بفيروسات، وقالت: «لما عيالى بينزلوا يلعبوا فى الشارع، بحذرهم إنهم يلعبوا فيها أو ييجوا جنبها، عشان ما يكونش فيها كلب ولا حاجة تؤذيهم، واحنا محتاجين يكون فيه دوريات من الحى، عشان تشيل العربيات دى وتجمعها فى مكان تانى بعيد عن السكان».

على بعد خطوات قليلة من السيارة يوجد دكان صغير لبيع الحلوى، يقف بداخله محمد أكرم، شاب فى أوائل العشرينات، اشتكى من وجود السيارة بشكل مستمر منذ أكثر من 5 سنوات، ما جعلها سبباً فى كثير من المشاكل التى تهدد حياة السكان والمارة، وقال: «فيه شباب بييجوا عند العربية بالليل وبيشربوا مخدرات، وما حدش بيقدر يعدى من جنبها، وعلمت أن صاحب العربية مسافر فى الخليج، وتركها أمام منزله، ويأتى إلى مصر مرة كل سنة، ولكنه لم يقم بفحصها أو بيعها».

سيارة بيجو، رمادية اللون، مدون على لوحتها المعدنية «ملاكى القاهرة»، تركها صاحبها منذ 15 عاماً، أمام العمارة الخاصة به فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع سليمان جوهر بالدقى، وسافر هو وأسرته للعمل فى السعودية، هذه المدة كانت كفيلة بتغيير ملامح السيارة بالكامل، بعد أن أصبحت ملجأ للقطط والكلاب، وتعرضت نوافذها الزجاجية للكسر، وتخبطت جوانبها من تعدد اصطدامها من سائقى العربات أثناء ركنهم داخل الشارع.

"إبراهيم": "لو عربية غريبة ركنت يومين بنبلغ الحى"
السيارة ليست مخفية الهوية لدى سكان المنطقة، والجميع يعرف قصتها منذ وجودها داخل الشارع، وقال إبراهيم محمد، 39 عاماً، أحد سكان المنطقة، إن صاحب السيارة مالك إحدى العمارات فى الشارع، وقبل سفره للخارج كان يعتاد ركنها فى نفس المكان، وتابع: «صاحب السيارة لما جه يسافر ساب العربية قدام عمارته، وكانت لسه جديدة، لكن بمرور السنين حالها اتبدل، وبقت خردة، وصاحبها بينزل إجازة كل كام شهر، لكن بيسيبها زى ما هى»، مضيفاً أن الحى يقوم بعمل دوريات من حين لآخر على شوارع المنطقة، ويتفحص السيارات المركونة، ويسأل عن صاحبها: «الحى لما بييجى بيسأل عن صاحب العربية، ونقوله إن صاحبها هو صاحب العمارة اللى هى راكنة قدامها، ومسافر، بيسيبها ويمشى، ولو عربية غريبة عن المنطقة ركنت يومين ورا بعض، بنبلغ الحى وبييجى ياخدها، لإننا بنكون خايفين تكون مسروقة ولا حاجة، أو حد يستخدمها فى حاجة تضرنا».

غطاء من القماش، تمزق فكشف عن ملامح سيارة ملاكى، تركها صاحبها فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من شارع مصدق بالدقى، لتصبح مخزناً للأتربة والقمامة التى تراصت بشكل عشوائى حولها، جذب انتباه المارة لها، وقال أحمد عطا، 51 عاماً، فرد أمن بإحدى العمارات التى تبعد خطوات قليلة عن السيارة، إنه يعمل فى الشارع منذ أكثر من 10 سنوات، والسيارة كما هى على حالها، ولم يعرف أحد من سكان المنطقة هويتها، أو صاحبها، وتابع: «مش العربية دى بس اللى مركونة هنا ومش عارفين صاحبها، فيه بعدها بشوية عربية تانية برضه مش عارفين صاحبها، وبقالها أكتر من 5 سنين ما حدش بيسأل فيها، وهذه العربيات تسبب أزمة فى ركن عربيات سكان الشارع، والناس طول الوقت بتسأل العربية دى مين صاحبها».